الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - إنعكاسات السلام والتطبيع على لبنان

المصدر: "النهار"
Bookmark
أرشيف "النهار" - إنعكاسات السلام والتطبيع على لبنان
أرشيف "النهار" - إنعكاسات السلام والتطبيع على لبنان
A+ A-
قيل الكثير في المفاوضات الجارية بين العرب واسرائيل وفي الاتفاقات التي عقدت حتى الآن. ولا تزال عند رأينا في ان الظروف التي احاطت بانطلاقة المفاوظات ثم رافقتها، والشروط التي فرضت وكانت لمصلحة اسرائيل، ورعاية الجانب الواحد الاميركي لجانب واحد مفاوض هو اسرائيل على رغم زعم اميركا انها تضطلع بدور الشريك الكامل والوسيط النزيه. هذه الظروف لم يكن ممكنا ان تنتج اتفاقات سلام كامل وشامل وعادل ومستمر، سلام بين الشعوب ويؤدي فعلا الى نظام اقليمي جديد في منطقة خالية من الاسلحة التدميرية النووية الفتاكة ومن العنصرية والاستكبار الاسرائيلي، ويكرس حقوق الشعوب، وتاليا فان المنطق والموضوعية يؤكدان انحراف المسيرة عن خطها السليم ويجعلاننا نشعر بان السلام الذي يروجون له هو سلام اسرائيل اي استسلام العرب لها ولشروطها. وهو السلام الذي يدمج اسرائيل بالمنطقة فيعوض لها حلمها بقيام اسرائيل كبرى جغرافيا لتقوم اسرائيل الكبرى اقتصادياً وامنيا وسياسيا. ان السلام الذي يراد من خلاله فرض هيمنة اسرائيل على المنطقة لتغيير معالمها وجغرافيتها ومؤسساتها وانظمتها، تحت عنوان الاندماج والتعاون والانفتاح والتكامل بين العقل الاسرائيلي والمال العربي هو مشروع سخرة جديد ومن نوع فريد. فالمشاريع والخطط اسرائيلية، وشروط التنفيذ اسرائيلية كذلك وبرعاية ومباركة دوليين، اما المال فعربي واليد العاملية عربية. واذا كنا لا نزال عند هذا الرأي فان اللافت اليوم امران: الاول ان الذين وقعوا على اتفاقات مع اسرائيل وفق تلك الشروط، واستعجلوا الانفتاح والتطبيع وعاشوا على الوعود الاميركية والدولية والاسرائيلية وراهنوا عليها، باتوا في موقع غير القادر على اخفاء الصدمة التي اصيبوا بها، بل في موقع المعبر يوميا عن غيظه وخشيته من الفخ الاسرائيلي الذي نصب لهم. اما الامر الثاني فهو استمرار حالة التداعي والتفكك العربي والاكتفاء بالتخويف من اسرائيل تارة او من اعلان العجز امامها طورا، او استمرار الانبطاح امامها والتسابق على حجز مواقع في المشاريع الكبرى والاحلام الموعودة، فيما تجتاح اسرائيل المنطقة وتحاول ادخال مصطلحاتها الجديدة ومفاهيمها وقيمها الى عقول العرب ونفوسهم، وتاليا فان اخطر استسلام هو الاستسلام النفسي، واخطر مظاهر التطبيع ليس في المشاريع المشتركة التي تعقد فحسب وانما في تسلل الافكار والمشاريع والمصطلحات الاسرائيلية الى قواميسنا، ولا شك اننا معنيون كلبنانيين بكل ذلك، لاسيما وان العرب الذي امنوا رعاية اتفاق الطائف باتوا في موقع العاجز، وكل دولة من دولهم باتت في موقع الباحث عن طائف ينقذ وضعها. فبقيت سوريا وحيدة في ميدان الدفاع عن قضية لبنان وقضايا الامة. واميركا تخلت ايضا عن كل وعودها تجاه لبنان. وبعد خمس سنوات من اقرار الاتفاق والضمانات الاميركية التي قطعت للبنان، باتت القضية الابرز هي البحث في السماح للطائرات اللبنانية بالهبوط في المطارات الاميركية، ورفع حظر السفر الى لبنان، وهو بحث عبر مجددا عن انقسام اللبنانيين تجاه كيفية التعامل معه، بعد ان كان الهدف دعم اميركا تنفيذ القرار 425، وتشكيل صندوق الدعم العربي والدولي واطلاق مسيرة اعادة الانماء والاعمار. لقد بات مصير لبنان اليوم معلقا على نتائج التسوية التي هو جزء منها او من ثمنها. وفي كل الحالات يبقى مصيرا مفتوحا على كل الاحتمالات، ولا ارى في الظروف الراهنة ولاسباب عدة داخلية، ولبعض الاسباب الخارجية ان ثمة ايجابيات في هذه الاحتمالات اذا كان المقياس في الحساب هو الرهان على عودة لبنان الى تاريخه وماضيه. لا. لبنان القديم انتهى. الوظيفة القديمة انتهت. الدور القديم انتهى. كان في امكاننا ان نحمي ما تبقى من لبنان - امكانات ووظيفة - ونواكب المفاوضات ونعتمد سياسة الحد من الخسائر. لكن ما جرى ويجري على الساحة الاقليمية لا يطمئن وما يجري في الداخل من سوء اداء - لاسيما على مستوى السلطة والادارة والحكم - لا يطمئن هو الآخر. وقبل الدخول في تفاصيل الوضع اللبناني، لنلق نظرة على قضايانا من منظار اميركي من جهة، وعلى اداء ومواقف العرب الذي وقعوا اتفاقات مع اسرائيل، فنطل من خلال ذلك على واقعنا، وندرك حجم المخاطر التي تنتظرنا. لا شك اولا في ان العالم تغير. ومنطقتنا ستتغير. الحرب العالمية الثانية افرزت نظاما دوليا معينا قوامه توازن الرعب بين الجبارين الاميركي والسوفياتي، ونظاما قليميا معينا في المنطقة كان قد بني قبل الحرب على اساس وعد بلفور وتقسيم سايكس بيكو، وكانت ولادة دولة الاغتصاب "اسرائيل". هذا النظام العالمي انتهى. وسقط احد الجبارين، الاتحاد السوفياتي وتفردت اميركا بالقرار دوليا، وسقطت مواقع عربية كثيرة، وتقدمت اسرائيل واليوم يجري العمل لصوغ نظام اقليمي جديد. ينقل الصحافي نهاد الغادري المقيم في باريس عن مسؤول اميركي كبير كلاما يقول: "لا تريد اميركا اكثر مما حصلت عليه. ولكنها تريد تأمينه وحمايته. تريد ان تحصل على النفط حتى نهاية النفط باسعار اقل...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم