الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عبدالله وماري-جو في رسالة إلى الحسن عبر "النهار": تسجيل زواجنا سيثبت أنسنة الوزارة

المصدر: "النهار"
ديانا سكيني
ديانا سكيني
عبدالله وماري-جو في رسالة إلى الحسن عبر "النهار": تسجيل زواجنا سيثبت أنسنة الوزارة
عبدالله وماري-جو في رسالة إلى الحسن عبر "النهار": تسجيل زواجنا سيثبت أنسنة الوزارة
A+ A-

من الصعب أن تلتقي بالعروسين عبدالله سلام وماري-جو أبي ناصيف في مكان إقامتهما في منطقة رأس بيروت، وألا تعقد مقارنة وأنت تنظر اليهما مرتديين الأبيض وفي خلفية غرفة الاستقبال بحر بيروت، بين مشهد نابض بالانفتاح والتطلع نحو الإنسانية والحقوق والمواطنة، وبين مشهد الرصاص والضحايا ودخان الدواليب وتصاريح السياسيين "الكانتونية" التي تسيطر على يومياتنا. ما قام به عبدالله وماري-جو في 15 حزيران الماضي لا يقل عن فعل سياسي، حين قررا وخططا ونفذا احتفائية زواجهما المدني العلنية في قصر سرسق بحضور اجتماعي لافت، وقد أتمّ العقد رئيس مجلس كتاب العدل جوزف بشارة. في كل ذلك، كان القانون حاكماً خطى المحاميَين العارفين بأصول القوانين التي تتيح لهما عقد زواج مدني في لبنان كونهما قد شطبا الإشارة الى قيدهما الطائفي. "بالطبع يعتقد الجميع أنه كان في امكاننا الزواج في الخارج بسهولة، لكننا نرى زواجنا في بلدنا تأكيداً على حقنا كأفراد وعلى فعل المواطنة وتكريسه"، تبادر العروس الجميلة التي تجمع بين مهنة المحاماة وموهبة الغناء الأوبرالي. ويلاقيها عبدالله الذي عايش من كثب "ثورات" تغييرية محدودة في بيروت تعتريها الأحلام والخيبات وانحاز اليها منذ مطلع الشباب والتكوين الفكري. ابن البيت البيروتي "العريق" شطب القيد الطائفي في العام 2014، وهو لا يرى تعارضاً بين الحفاظ على خصوصيات الجماعات وبين اعتراف الدولة بحقوق الأفراد الذين اختاروا شطب القيد الطائفي.

فضل المحاميان المكوث في بيروت وانتظار تسجيل عقد زواجهما في وزارة الداخلية على السفر لقضاء شهر العسل. في ثنايا كل هذا المسار، يظهر التزام أخلاقي عميق بعيداً من حس المغامرة. التفاصيل القانونية والوثائق الكثيرة التي حضّراها في "غرفة عمليات" تشهد على تصميم على الذهاب الى الأخير في قضية تحصيل الحقوق الشخصية. لسان حالهما يرفض أن تكون مديرية الأحوال الشخصية عائقاً أمام هذه الحقوق اليوم. ببساطة ما يجري أن الثنائي أتمّ اجراء العلم والخبر وجرى استلام طلب تسجيل الزواج في السجل الوارد في وزارة الداخلية. جزء من المعاملة الادارية سلك وهناك توقيع موظف من الوزارة على ورود الطلب ولكن حتى الآن تظهر عرقلة متعمدة لوصول الطلب الى سجل التنفيذ من المديرية العامة للأحوال الشخصية. ولا يمكن أن تكون وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن على غير علم بهذه المخالفة، ومن هنا فإن المطلوب منها الايعاز بوقف عرقلة معاملة ادارية تستوفي الشروط القانونية المطلوبة. وهذا الايعاز لا يحتّم على الوزيرة اتخاذ قرار بالسماح بعقد الزيجات المدنية لشاطبي القيد في لبنان. فالخطوة سبق لوزارة العدل ممثلة بالهيئة العليا للاستشارات أن حسمتها. الوزيرة هنا مرة أخرى في موقع من يطبق القانون الذي رفعته شعاراً، وأضافت اليه أخيراً شعار أنسنة الوزارةـ، وأي أنسنة أكثر من الاقرار بحق الافراد بحرية المعتقد، وهو الأمر الذي شدد عليه أيضاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ أيام. لا خسائر في وزارة الداخلية بقدر كم المكاسب المستقى من اقتران القول بالفعل وتطبيق القانون. هنا يبدو عبدالله حاسماً في مقاربته التي يحوّلها رسالة الى الوزيرة الحسن، فـ"ثمة حاجة للفصل بين مسار الجدل حول اقرار الزواج المدني الاختياري في لبنان والذي يتطلب حواراً مع الطوائف والمجموعات، وبين حق اللبنانيين شاطبي القيد الطائفي في عقد زيجاتهم المدنية على الاراضي المدنية. ولا يجوز الاعتداء على حقوق هذه الفئة من اللبنانيين".

مع العلم أن وزارة الداخلية منذ ولاية نهاد المشنوق وحتى الساعة، لم تنقل تسجيل الزيجات المدنية التي وردتها (والتي دُوِّنت في "سجل الوارد") إلى "سجل التنفيذ" الذي تصدر على أساسه إفادات الزوجين (لاسيما إخراج القيد العائلي)، مُخلّةً بذلك قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية. وفي رأي الثنائي، إن هذه العرقلة تشكل خرقاً للقوانين الإدارية، وتقوّض ثقة المواطن بمؤسسات الدولة.

وقد باشر الزوجان يوم الثلثاء 18 حزيران بتسجيل زواجهما في دائرة الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية التي ختمت وثيقة الزواج وامضائها وتسجيلها في "سجل الوارد". ثم أحالتها، كما تقتضيه القوانين، على مأمور نفوس الزوجة لمطابقة قيدها. في اليوم نفسه، قام مأمور نفوس الشوف بمطابقة القيد وختم الوثيقة. ويوم الأربعاء ١٩ حزيران، عادا إلى دائرة الأحوال الشخصية في بيروت لإتمام تسجيل وثيقة الزواج في "سجل التنفيذ". عندها، أبلغتهما رئيسة دائرة نفوس بيروت أنها ستحيل الملف على مدير عام الأحوال الشخصية الياس الخوري.


ورغم أن القانون يلزم مأمور النفوس في وزارة الداخلية بتسجيل عقد الزواج في سجلاته في خلال 24 ساعة من استلامه العقد (المادة 21 من القرار التشريعي 60 ل.ر.) وإصدار الإفادات الناتجة من العقد، لم يتم بعد نقل وثيقة زواج عبدالله وماري-جو إلى سجل التنفيذ، وحجِبت الأوراق الثبوتية عن الزوجين ."لن نفقد الصبر"، تحسم ماري-جو متوجهة الى الوزيرة الحسن بالقول: "أنت وزيرة جميع اللبنانيين ونراك مؤتمنة على أنسنة وزارة الداخلية كما قلت وعلى تطبيق القانون ممارسة وليس شعارا".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم