الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كيف يمكن لكوشنر أن يقنع الفلسطينيين بالتفاوض؟

فيصل ج. عباس – رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز
كيف يمكن لكوشنر أن يقنع الفلسطينيين بالتفاوض؟
كيف يمكن لكوشنر أن يقنع الفلسطينيين بالتفاوض؟
A+ A-

مع اختتام قمة مجموعة العشرين في أوساكا، لم يسعني إلا أن أتخيل كم كان رائعاً لو كانت ورشة "السلام من أجل الازدهار" التي عقدت الأسبوع الماضي في البحرين قد أخذت منحى مختلفًا. بالفعل، تخيلوا ما كان يمكن أن يحدث لو أن كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين جاؤوا إلى المنامة ووافقوا أيضًا على أجندة التفاوض، وبالتالي كان جاريد كوشنر سافر إلى اليابان حاملاً الأخبار الجيدة!

أتصور أن البيان الختامي لقمة أوساكا كان سيشمل تأييداً وتعهداً بتقديم دعم سياسي ومالي لمسار التفاوض من أكبر 20 اقتصاداً في العالم.

للأسف، لم يكن هناك اتفاق في المنامة، والسبب الأساسي هو أن القيادة الفلسطينية قاطعت الورشة. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال الحكومة الإسرائيلية غير فاعلة إلى حين إجراء انتخابات جديدة في سبتمبر.

وثمة أمران يجب أن يقالا عن ورشة البحرين. أولاً، رغم أن هناك الكثير من الغموض والشك حول الجانب السياسي غير المعلن عنه في خطة كوشنر للسلام في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فلا شك أن فريقه قام بعمل يثير الإعجاب على الجبهة الاقتصادية؛ حيث توضح التفاصيل قدرًا كبيرًا من التفكير والتخطيط لما يتطلبه الأمر ليس فقط لإعادة تنشيط الاقتصاد الفلسطيني والحفاظ عليه، ولكن أيضًا لمساعدة الدول المجاورة عن طريق استفادة الأردن ولبنان ومصر.

ثانياً، من الصعب أن نختلف مع وجهة نظر كوشنر بأن المقاطعة الفلسطينية لاجتماع البحرين كانت "خطأً إستراتيجياً". مع أننا كنا نحن العرب نحترم دائمًا قرارات القيادة الفلسطينية، وسنفعل ذلك دائمًا، إلا أن الكثيرين منا –مع كل الاحترام ــ لا يوافقون على قرار عدم حضور ورشة المنامة.

لا نوافق لأن عدم حضور الفلسطينيين أدى إلى تعزيز صورة إسرائيل، وألحق المزيد من الضرر بالعلاقات مع واشنطن، وفتح باباً آخر للتخمين حول نوايا وجدية الجانب الفلسطيني.

في المقابل، كان من شأن إرسال ممثل أو متحدث رسمي بمستوى منخفض كافياً للسيطرة على الأمر. فمجرد المشاركة لا يعني إطلاقًا قبول الجوانب السياسية التي لم يتم الكشف عنها بعد (كل ما هو معروف حتى الآن هو أنها، كما ورد سابقًا في هذا العمود، لن تستند إلى خطة السلام العربية لعام 2002، ولكنها ستحتوي على بعض عناصرها).

ليس الأمر بكاء على الفرصة الضائعة، لكن الخطوة الاستراتيجية الصحيحة كانت تتمثل في أن يستخدم الفلسطينيون ورشة العمل (التي حضرها المتعاطفون من دول ومنظمات غير حكومية وشركات وجهات مانحة محتملة) للقتال من أجل قضيتهم العادلة وحشد الدعم من أجل مزيد من الشروط السياسية المواتية.

بالطبع، أولئك الذين يتظاهرون بأنهم أصدقاء لفلسطين، مثل قطر وإيران، يطالبون العرب بخلاف ذلك (شنت قطر حملة إعلامية بغيضة تحث الآخرين على مقاطعة الورشة، لكنها أرسلت وزير ماليتها على نحو منافق).

ربما يكون المسؤولون الفلسطينيون قد اختاروا مقاطعة ورشة المنامة على أمل أن ذلك سيؤدي إلى تحطيم خطة كوشنر بأكملها، أو على الأقل إلى كسب بعض الوقت حتى يتم انتخاب رئيس أميركي جديد في العام المقبل. لكن الأصدقاء الحقيقيين لفلسطين يجب أن يحذروا من عواقب مثل هذه التكتيكات، خاصة في ما يتعلق بالانتخابات الأميركية؛ ففي السياسة الأميركية، تأييد الفلسطينيين لا يفوز بالأصوات – لكن تأييد إسرائيل يفعل ذلك.

وقد أظهرت إدارة ترامب بالفعل أنها قادرة على اتخاذ تدابير مثيرة للجدل بنقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، ومنع منظمة التحرير الفلسطينية من العمل في واشنطن (وربما لو لم يحدث كل هذا كان يمكن لفريق كوشنر ان يجد سهولة أكبر في إقناع الفلسطينيين بالمشاركة).



ومع ذلك، أوضح كوشنر في المنامة أنه لن يعاقب الفلسطينيون لمقاطعتهم ورشة العمل، وأن الباب سيظل مفتوحًا أمامهم للحضور إلى طاولة المفاوضات. بالطبع، تعتقد القيادة الفلسطينية أن ما هو مطروح على الطاولة أبعد ما يكون عن المثالي، ولكن سيكون من الخطأ بالنسبة إليهم عدم الاعتراف بأنه يحتوي على نواة صفقة محتملة.

أقول هذا لأننا إذا فوتنا هذه الفرصة، فما هي الضمانات بأن الفرصة التالية - إذا كانت هناك بالفعل واحدة - ستكون أفضل؟ إذا كان التاريخ يشير إلى أي شيء، فإنه يشير إلى عكس ذلك.



إذاً، هل هناك أي شيء يمكن لإدارة ترامب فعله لإشراك القيادة الفلسطينية؟ نعم، فربما يهدم شكل ما من أشكال الضمان السياسي للجانب الفلسطيني التصور (الذي روجته وسائل الإعلام الإيرانية والقطرية) بأن الخطة الاقتصادية البالغة قيمتها 50 مليار دولار عبارة عن رشوة أو ثمن "تصفية قضية" الدولة الفلسطينية.

وفي حين أن فريق كوشنر قد يكون سعيدًا بإظهار حسن النية، فكيف يمكن أن يعملوا إذا كان الجانب الفلسطيني غير راغب في الرد بالمثل؟ ربما يكمن الحل في الاستفادة من الوقت قبل الانتخابات الإسرائيلية بالعودة إلى القيادة الفلسطينية ومحاولة إقناعهم مرة أخرى.

علاوة على ذلك، نظراً لانعدام الثقة، فقد تكون النصيحة المثلى لفريق كوشنر هي إقحام طرف رابع في المعادلة، ربما دولة أو كيان لا يعترض عليه الإسرائيليون أو الفلسطينيون.

 

نقلاً عّن صحيفة عرب نيوز السعودية

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم