الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الفراغ الأعظم في سبيل الوجود الصارخ

المصدر: "النهار"
جورج شكرالله
الفراغ الأعظم في سبيل الوجود الصارخ
الفراغ الأعظم في سبيل الوجود الصارخ
A+ A-

الفضاء

يرمي آخر غيمة،

في حضن الصيف

يعلن رحيل الشتاء،

ويمزّق قصيدة البرد

تصعد الأشجار اليه مثمرةً.

يحدّثها، يسألها عن الأرض،

عن رعاة الوقت، عن علاقتها بالشمس؟

هو الفراغ الأعظم، في سبيل الوجود الصارخ

هو الصمت في الزمان

وعبور الدهر إلى المطلق

تضجّ فيه المجرّات والكواكب والنجوم

وهو ساكن، دائم في توسّعه العظيم

غازلته الشمس: أنت ملعب وجودي

وحاضن دفئي مدى الأيام

أسرّح شعري على مرآتك،

وأغسل وجهي بين يديك

أنت حياتي، وحبنا صادق، وحارّ إلى الأبد

لولا فراغ قلبك لاحترقت ذاتي بذاتي

وعن حسده القمر، أسرّ الفضاء: نعماك أيها القمر،

فأنت موئل العاشقين، مذ كان العشق

كم وكم شُبّه بك السحر والجمال

تأوّه القمر: إني في طريق الذوبان، لشدّة ما نحتوا بي تشبيهاً وتغزّلاً،

من إطلالتي على الوجود إلى اليوم

عشقهم مبنيّ على رمل وأنا من رمل

حبّهم قائم أبداً على بناء ظنّيّ، وهدمٍ واقعيّ

عواطفهم ولا مرة لامست الغيم، وأنا فوق الغيم

لا شتاء في حبّهم، وأنا من دون شتاء

من شدّة أنينهم، ولوعتهم، تخدّر سمعي، وكلح وجهي

آه منهم لو يزيحون عن كتفي، فتطمئن نفسي وترتاح روحي

فأكمل دورتي بهدوء وسلام

مساكين، وأصلي لهم

أنا في وادي الفضاء، وهم في وادي الأرض،

وكم من جبال وسهول بيننا؟

مع اليقظة الأولى للكون، ومع الخطوة البكر، كان الفضاء

لولاه ما داعبت نسمة وجه الحياة، ولا جازت رؤية من عين، ولا ماج بحر، ولا انبسطت صحراء

ولا ناغت امرأة طفلها، ولا ناجى عمق أعالي السماوات

لولا الفضاء، لكان الإنسان عمقًا مقفلاً

والخلود في بعثرات الزمان.

اقرأ للشاعر أيضاً: أنا الثلج!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم