الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

400 ألف كاهن كاثوليكي "يحتاجون إلى صلاتكم": البابا فرنسيس و"التضامن مع الأكثر فقراً"

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
400 ألف كاهن كاثوليكي "يحتاجون إلى صلاتكم": البابا فرنسيس و"التضامن مع الأكثر فقراً"
400 ألف كاهن كاثوليكي "يحتاجون إلى صلاتكم": البابا فرنسيس و"التضامن مع الأكثر فقراً"
A+ A-

انهم 414 ألفاً على الاقل. هذه المرة، الصلاة من أجل كلٍّ منهم. كهنة الكنيسة الكاثوليكية في قلب البابا فرنسيس، وتحت نظره... وايضا محور نية صلاته لشهر حزيران 2019، والتي شحذت من اجلها "شبكة صلاة البابا في العالم" الهمم. "لنصل من اجل الكهنة، كي يلتزموا فعلا وفوق كل شيء، التضامن مع الذين هم أكثر فقرا، من خلال حياتهم الزهيدة والمتواضعة"، على ما طلب البابا.

لحظة. قبل اي شيء، يود منكم ان "تنظروا الى الكهنة الذين يعملون في جماعاتنا. هم ليسوا مثاليين"، على قوله، "لكن كثيرين منهم يعطون كل ذواتهم حتى النهاية، ويقدمون انفسهم بتواضع وفرح. انهم الكهنة الذين يتقربون من الناس، وعلى استعداد للعمل بكد من أجل الجميع. دعونا نكون شاكرين لمثلهم وشهادتهم".

حياة الكاهن

منذ بداية حبريته عام 2013، اهتم البابا فرنسيس بصورة الكاهن. ولا يتأخر عن تناولها، كلما سنح له الظرف. في الرؤية البابوية، "على الكاهن أن يكون رجل رحمة وشفقة، قريب من الناس وخادم للجميع" (لقاء مع كهنة رعايا روما، 6 آذار 2014). "قلب الكاهن قلب تخترقه محبة الرب. لذلك فهو لا ينظر إلى نفسه – ويجب ألا ينظر إلى نفسه – بل إلى الله والإخوة" (يوبيل الكهنة، 3 حزيران 2016). "شعب الله يشعر بالكاهن الذي يسير وسط ناسه بقرب وحنان الراعي الصالح، وهذا الشعور المميّز يشعر به الشعب فقط في حضور يسوع" (قداس تبريك الزيوت، 29 آذار 2018).

افكار البابا فرنسيس كثيرة حول الكهنة والدور الذي يجب ان يمارسوه في الكنيسة ووسط رعاياهم. "الكاهن رجل صلاة، فهو الذي يتكلّم مع الله بأسلوب شخصي ويتشفّع عند قدميه من أجل حياته ومن أجل شعبه"، على ما قال لدى استقباله أسقف أبرشيّة فالينسيا وكهنتها (21 ك1 2018). وايضا "الكاهن من دون حياة صلاة لا يصل بعيدًا في مسيرته". "حياة الكاهن الداخليّة تؤثِّر على الكنيسة بأسرها، بدءًا من مؤمنيه".

وعندما التقى إكليروس أبرشيّة روما (8 آذار 2019)، طلب منهم "ألا يعتبروا أنفسهم مدبّرين للشعب، بل خدامًا لا يقبلون الفساد، يتّحدون مع الإخوة والجماعة مستعدّين للكفاح مع الشعب". ودان موقف الكهنة "الذين يتكلمون بالسوء للأسقف عن أبناء رعاياهم وجميع الشرور التي تشوّه صورة الكنيسة".

التوجيهات البابوية تطاول كل الكهنة الـ400 الف والمرشّحين للكهنوت الـ100 الف المنتشرين في مختلف ارجاء العالم. وفقا للحوليّة الحبريّة وحوليّة إحصائيّات الكنيسة لعام 2017، بلغ عدد الكهنة الكاثوليك 414582 عام 2017، مقابل 414969 عام 2016، مسجّلا بذلك للمرّة الاولى تراجعاً منذ عام 2010 (بنسبة -0,09%). بالنسبة الى عدد كهنة الابرشيات، فقد بلغ 281810 عام 2017، مقابل 281831 عام 2016. انخفاض آخر.


من جهة اخرى، بلغ عدد المرشّحين للكهنوت 115328 عام 2017، مقابل 116160 عام 2016، مسجلا ايضا انخفاضا بنسبة 0.7%، بخاصّة في أوروبا وأميركا (بيان للفاتيكان، 6 آذار 2019).

انخفاض عدد الكهنة من أهم التحديات التي تواجهها الكنيسة الكاثوليكية، الى جانب ملفات الاعتداء الجنسي لكهنة، والتي تلاحقها في العديد من البلدان، واطاحت العديد من الرؤوس الكبيرة والصغيرة. وهناك ايضا انتقادات تطاول عددا منهم بسبب حياة الرفاهية التي يعيشونها. ايا يكن، فإن البابا فرنسيس يعوّل على الكهنة الذين ينشطون في جماعاتهم، ويعطون كل ذواتهم، ويقدمون انفسهم بتواضع وفرح"، بتعبيره.


الخوري طوق... الالتزام والحب والمغامرة

توق. فكرة تلمع. دعونا نقترب من أحد كهنة الرعايا الناشطين في جماعاتهم ورعاياهم بلبنان. ماذا الذي يعطي حياته المعنى؟ من يَخدُم؟ ولماذا يعطي الكثير من ذاته؟ وهل يحتاج الكاهن الى صلاة، كما طلب البابا؟ ولماذا؟

الشهادة للخوري هاني طوق. اسمعوا جيدا ما يقوله. "الكهنة هم اكثر من يحتاجون الى صلاة". "تجارب كثيرة وكبيرة ومتنوعة" يتعرض لها الكاهن كل يوم، على مختلف الاصعدة، وفي كل الامكنة، في الكنيسة وفي المجتمع. المال، السلطة، العلاقات بالناس... التجارب لا تحصى ولا تعد، وفقا له، و"يتوجب على الكاهن أن يجاهد كثيرا من اجل الحفاظ على نفسه وطهارة افكاره وسيرته. وفي حالات معينة، عليه ان يتعامل مع التجربة بروية وحكمة، حكمة ابوية. نعم، الكاهن يحتاج الى صلاة اكثر من اي شخص آخر". وفوق كل هذا، "يحمل في قلبه ألم الناس بصمت".

المعركة قوية، طاحنة. ومن نتائجها ان ثمة كهنة "يسقطون"، "يقعون". "لكنهم يبقون اخوة"، بتعبير الابونا. "انهم مثل سائر البشر، وهم معرضون للوقوع مئات المرات. يمكن ادانتهم ومهاجمتهم علنا في وسائل الاعلام وغيرها. ولكن يمكن ايضا ان نحملهم في صلاتنا، ونقف الى جانبهم ونساعدهم ليقفوا مجددا بعد سقطتهم، ويكونوا حقيقة شهودا ليسوع الحي في قلب العالم".

دور الكاهن في رعيته يعني للخوري طوق مسؤولية كبيرة، "تضحية وبذلاً للذات" يوميا. "فهو لا يستطيع ان يكون لديه وقت خاص به". كل يوم، يكون على الموعد، من دون اي تأخير، "لاقامة الذبيحة الالهية في ساعتها المحددة. كذلك، لا يستطيع ان يبتعد عن رعيته، خشية حصول حالة طارئة فيها تستوجب حضوره. وهناك ايضا المعموديات، احتفالات الزفاف، وزيارات المرضى... كل هذا يلزم الكاهن الحقيقي ان يبقى حاضرا، مستعدا، وسط رعيته ومن اجلها كل يوم. نتيجة ذلك، يحتاج الى ان نصلي من اجله، ويستحق ان نرى العمل الرائع الذي يقوم به".

هل تريدون معرفة الصعوبات التي يواجهها الكهنة كل يوم؟

"كميتها هائلة جدا"، بتعبير الخوري طوق. "ثمة كهنة يسكتون ويعضّون على الجرح، ويعيشون ألمهم، او بالاحرى قداستهم، بصمت. ولو لم يكن هناك كهنة قديسون، ولو لم يكن هناك اشخاص آمنوا حقيقة بيسوع المسيح، واعطوا حياتهم كليا للرب، لكانت الكنيسة انتهت منذ زمن بعيد".

الى جانب تلك "التجارب" اليومية، يواجه ايضا الكاهن مجموعة مشاكل: "المسائل المالية، الخلافات بين الناس، مشاكل الوقف، الحالات المتعلقة بالاخلاقيات، الخلافات العائلية والزوجية"... ويتدارك الابونا: "كل هذا يتوجب على الكاهن ان يعالجه ويتعامل معه يوميا. ونتيجة ذلك، يتعرض لمواقف صعبة. ويتم احيانا تحميله مسؤولية هذا القرار او ذاك، كأنه اذا اصبح كاهنا، بات كلي المعرفة والقدرة".

مزيد من الصعوبات يضيفها. الناس يريدون ان يكون الكاهن "متقشفا الى درجة كبيرة، وزاهدا الى درجة كبيرة، وفي الوقت نفسه ان يكون متعلما ويطور معارفه وقدراته الذاتية وثقافته. وهذا يتطلب ماديات ووقتا وتعبا، ووجعا في احيان كثيرة". امر آخر يعانيه الكاهن، على قوله، وهو "عدم تفهم الناس لحاجاته ووجعه، واطلاقهم الاحكام عليه احيانا. صحيح ان الاب مسؤول، ويريده اولاده ان يكون قويا وحاضرا في كل الاوقات، لكن يأتي وقت يوجب على الاولاد ان يسندوا والدهم ليستطيع ان يكمل".


*كيف يواجه الكاهن الصالح فضائح الاعتداءات الجنسية التي يتحمل مسؤوليتها اخوة كهنة آخرون؟

-"صحيح حصلت اعتداءات جنسية، لكن البابا فرنسيس حازم جدا في هذا الموضوع، ويشدد على الاساقفة ان يكشفوا الكهنة المسؤولين عن هذه الاعتداءات في رعاياهم. وقد اعطى توجيهات صريحة بهذا الشأن، لا سيما لجهة احالة الكهنة المسؤولين على المحاكمات المدنية او الكنسية. البابا فرنسيس حازم جدا في هذه المسألة، من اجل اصلاح الكنيسة.

من جهة اخرى، يغطي احيانا كثيرة صيت كاهن بسبب فخامة عيشه، على كهنة يعملون من كل قلبهم. وفي هذه الحال، لا يعود الناس يرون الا هذا الكاهن. هنا ايضا الالم كبير، و"بيروح الصالح بعزا الطالح". الالم كبير، لأن الناس لا يعرفون ان يميزوا. واحيانا، لا نكون ايضا على قدر هذا التمييز".

ايا تكن الصعوبات والتحديات والآلام، فإن الخوري طوق يشجع الشباب على "التزام الرب يسوع والرسالة، فيصير لحياتهم معنى". ولكن انتبهوا. "ليس المطلوب هنا ان يمارسوا الكهنوت الوظيفي، بل ان يعيشوا الكهنوت الحقيقي الذي يقوم على الخدمة والقضية والشغف والحب والمغامرة في حقل الرب. ادعوهم من كل قلبي ان يختاروا هذا الكهنوت. حتى الشباب الذين يتهيأون ليصبحوا كهنة، ارجو ان يبتعدوا عن الامور الشكلية والجامدة. الرب يريدنا ان نكون حرصاء على جذب النفوس، وكسبها من اجله، وان نوصل الى العالم كلمته، كلمة الحياة، من اجل خلاص الناس وعيشهم بفرح وسلام وبمصالحة مع ذاتهم، ولحاجتهم الى ان يشفيهم الرب من الداخل".

في الشهادة التي يدعو اليها الفريق العربي لشبكة صلاة البابا في العالم، "يسوع هو مركز حياة الكاهن. والكاهن يقتاد بالمسيح. ولكن ليس سهلاً عيش بساطة الإنجيل، وفَهْم الأشياء والقيام بها بعنوان الرحمة، قرب الذين هم الأشد فقراً". هذه المصارحة يجيب عنها البابا فرنسيس بالدعوة الى "عدم الخوف من المخاطرة في خدمة المصالحة بين الله والبشر رغم أنّه يمكن حياة الكاهن أن تكون مطبوعة غالبًا بعدم التفهّم والألم، وأحيانًا بالاضطهادات والخطايا". المغامرة، مغامرة الحب، تستحق.

في كانون الثاني 2016، اطلق البابا فرنسيس "شبكة صلاة البابا في العالم". ويطل كل شهر في شريط فيديو يعلن فيه نية صلاة جديدة من اجل العالم. ويتولى فريق شبكته بالعربية، بقيادةالاب زكي صادر اليسوعي، تفعيل الصلاة في المنطقة العربية، انطلاقا من لبنان.

حاليا، يتبع نحو 12,484 الف شخص صفحة الشبكة بالعربية في "الفايسبوك". ويتألف الفريق العربي من 9 اعضاء.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم