هل ساعد رفع الفوائد في الحدّ من التحويلات المالية إلى الخارج؟

في لقاء بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية مصارف لبنان كان الحاكم واضحاً بأن الاوضاع الاقتصادية ليست على ما يرام، وإن كان اعطى بعض الامل من خلال ما تضمنته الموازنة من اصلاحات، فالارقام التي بينها أظهرت تراجعا في حركة الرساميل والتحاويل "إذ سجلت مجمل ودائع المصارف بما فيه مصارف الأعمال زيادة قدرها 1350 مليون دولار، فيما تراجعت التسليفات 4 مليارات. وفي حين تراجعت الصادرات 2 مليار دولار والتحويلات 2 مليار دولار، بقيت الواردات على مستواها بسبب استيراد النفط ومشتقاته فازداد عجز ميزان المدفوعات". وهذا الامر أعاده الحاكم الى ما تشهده دول المنطقة والعالم عموما من تراجع في النمو وارتفاع في التوترات الناتجة من الحرب التجارية. فهذه التطورات تؤثر على الأسواق الناشئة حيث يعمل اللبنانيون ما يستدعي برأيه المحافظة "على السياسات المحافظة لكي يتخطى لبنان الفترة الدقيقة القائمة"، ويعني بذلك "استمرار مصرف لبنان بالسياسة نفسها لجهة استقرار أسعار الصرف وكذلك في ما خصَّ الفوائد".ولكن في مقالة سابقة للباحث في الشؤون النقدية والمصرفية علي عوده نشرت في "النهار" في 17 كانون الثاني 2019، بيّن الاخير الدور المحدود والموقت للفوائد في تحفيز التدفقات المالية إلى لبنان (مع تكلفتها الاقتصادية العالية)، في مقابل الدور الأهم الذي تلعبه الثقة في هذا المجال. وربما تُقدم التطورات التي شهدتها السنتين الأخيرتين دليلاً إضافياً لهذا الأمر، وذلك عبر الإضاءة على "الصراع" بين تدهور الثقة بالاقتصاد والمالية العامة في لبنان من جهة (التي تؤدي بطبيعة الحال إلى هروب الأموال إلى الخارج)، ورفع الفوائد من جهة أُخرى لتحفيز المودعين على إبقاء هذه الأموال في لبنان. في هذا التحليل الجديد الذي أعده ايضا عوده، يظهر الجدول رقم 1 التغيّر في ودائع المقيمين بالليرة وبالعملات الأجنبية (بيانات مصرف لبنان) بين شهريّ أيلول 2017 وآذار 2019، وإستنتاجه لحركة التغير في مبالغها. يَظهر من الأرقام أن...