السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

هؤلاء الفاسدون السرّاق "الزعران" متى تُمهَر سجلّاتهم العدليّة بالأحكام المناسبة؟!

عقل العويط
عقل العويط
هؤلاء الفاسدون السرّاق "الزعران" متى تُمهَر سجلّاتهم العدليّة بالأحكام المناسبة؟!
هؤلاء الفاسدون السرّاق "الزعران" متى تُمهَر سجلّاتهم العدليّة بالأحكام المناسبة؟!
A+ A-

لا أستغرب أن يذهب شخصٌ آدميّ ليحصل على سجلّ عدليّ يمكّنه من إتمام إحدى المعاملات الإدارية، فيحصل عليه نظيفًا، خاليًا من أيّ حكمٍ، أو تحفّظٍ، أو إشارةٍ سلبيّة.

لا بدّ أن يكون سبب ذلك، مبدئيًّا، عدم ارتكابه جنايةً، أو جنحةً، أو مخالفةً قانونيّةً تستدعي إصدار حكمٍ عدليّ، قضائيّ، في حقّه.

هذا مدعاة اعتزازٍ لدى الشخص الآدمي، وإنْ كان يدرك أنّه إنّما يكون في ذلك محض مواطنٍ عاديٍّ، لا أكثر، يحترم مواطنيّته، التي تملي عليه أن لا ينتهك موجبات القانون.

ما أستغربه في هذا الصدد، أنّ هذا الشخص يتساوى في "لا حكم عليه"، مع مواطنين (هل هم مواطنون حقًّا؟!) قد يكونون "يستحقّون" أن تصدر في حقّهم أحكامٌ كثيرة، لأنّهم لا يحترمون القانون، ولا يطبّقونه، ولا يلتزمونه، بل ينتهكونه ويغتصبونه، أيّما انتهاكٍ واغتصاب.

أستغرب مثلًا أن تكون أحوال كرامتنا البشريّة، كرامة الفرد، كرامة الدولة، وكرامة الحقّ والقانون، منتهَكة ومغتصَبة، وأن تكون أحوال معيشتنا اليوميّة، وأحوال كهربائنا، بيئتنا، فضائنا، مزروعاتنا، مأكولاتنا، نفاياتنا، مياهنا الجوفيّة، بحرنا، شاطئنا، عمراننا، طرقنا، قوانين سيرنا، طبابتنا واستشفائنا وتقاعدنا و... ظروفنا الماليّة والاقتصاديّة، على ما هي عليه من تردٍّ خطير، ومن تخلّفٍ وانهيارٍ.

لكنْ – وهنا المفارقة - من دون أن يُحال على المحاكمة، أحدٌ من المسؤولين "الكبار" عن هذه القطاعات والإدارات، ومن دون أن تصدر في حقّه أحكامٌ عدليّةٌ وقضائيّة تتلاءم وأحجام الانتهاك والاغتصاب والتردّي والتخلّف والانهيار. بحيث إذا ذهب أحد هؤلاء ليستحصل على سجلٍّ عدليٍّ، حصل عليه نظيفًا، خاليًا من أيّ حكم، أو شبهة.

عجبًا!

كثيرون ممّن تحوم الشبهات حولهم، وربّما أكثر من الشبهات بكثير، يملكون سجلّات عدليّة نظيفة، "لا أحكام عليها".

فكيف يكون ما يكون؟ أقصد: كيف يتساوى الآدمي مع المشتبه فيه؟ الشخص المرتكب مع الشخص غير المرتكب؟

لا بدّ من وجود خطأٍ ما، في مكانٍ ما.

قد يكون خطأً طباعيًّا، أو غير ذلك. لكنْ، لا بدّ من وجود خطأ.

صحيحٌ أن الشمس "غير عاقلة"، إذ هي تشرق على الجميع سواسيةً، فلا تفرّق بين الغنيّ والفقير، بين الآدمي والنزيه والنظيف الكفّ من جهة، وبين الأزعر والسارق والحرامي والقاتل والمتسلبط من جهةٍ ثانية. لكنّ القانون "عاقل"، فكيف لا يُطبَّق "بالتساوي" على الجميع، في حال وجودِ ارتكابٍ ما؟ أي في حال وجود مرتكبٍ "عاقلٍ" ما؟

يحقّ لي أن أستغرب. بل يحقّ لي أن أستنكر. وأن أحتجّ. وأن أشكّك. وقد يكون يحقّ لي أن أتّهم، في ضوء ما يعاينه المواطن الآدمي، وما يعانيه، من ازدراءٍ واحتقارٍ وامتهانٍ، وما تشهده مؤسسات الشأن العام من تعدٍّ وانهيارٍ وتردٍّ، وما يُنتقَص من حقوق الإنسان ومن حقوق الدولة مطلقًا في هذه البلاد.

يحقّ لي أن أجعل من هذا كلّه "إخبارًا".

أكتب بغضب. يؤخَذ عليَّ ذلك. ويُطلَب منّي أن أفعل شيئًا "مفيدًا".

على سيرة ما أنشره من مقالاتٍ غاضبة، يهمّني أن أكشف عن جانبٍ شخصيّ من التعليقات التي أتلقّاها، تصل حينًا إلى حدّ "اتّهامي" بالكذب (الأبيض طبعًا) لأنّي لا أصارح القارئ باليأس الذي أعانيه من جرّاء انهيار الأحوال، ويكتفي هؤلاء وغيرهم بالقول: في هذه غابة الوحوش، على مَن تلقي مزاميركَ يا "ابن داود"؟

جوابي الصريح: نعم، أنا يائس. لكنّي سأظلّ أكتب الغضب، و"أتستّر" على اليأس، ما دام هناك سببٌ جوهريٌّ عميقٌ في قعر الروح، يدعوني إلى الكتابة.

سأظلّ أكتب هذا النوع من الكتابة ما دمتُ "مؤمنًا" بأن العدل هو أساس الملك، وبأنّ سجلّي العدليّ يجب أن يظلّ "لا حكم عليه".

بل سأظلّ أكتب إلى أن تصدر السجلّات العدليّة لهؤلاء الفاسدين السرّاق "الزعران"، ممهورةً بالأحكام القضائيّة المناسبة!

لا بدّ أن تصدر هذه الأحكام، ولو بعد ألف عام!

[email protected]


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم