الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

جريمة إعداد أبحاث الآخرين في أسواق الباحثين التجّار

أنور الموسى
جريمة إعداد أبحاث الآخرين في أسواق الباحثين التجّار
جريمة إعداد أبحاث الآخرين في أسواق الباحثين التجّار
A+ A-

لماذا يلجأ بعض الطلاب والباحثين إلى الآخرين كي يعدّوا لهم رسائلهم وأطاريحهم؟ وهل يُعد من يلجأ إلى ذلك باحثاً؟ وكيف يمكن وأد هذه الآفة قبل انتشارها؟ وهل من تشريعات تعاقب كلا الطرفين؟

بدعة جديدة بدأت تطل رأسها في عالم البحث العلمي العربي بتنا نتلمسها وإن بقلة في الآونة الأخيرة، وهي أشبه ما تكون بالتزوير والتحايل، تتمثل في عرض بعض العاطلين عن العمل أو الباحثين خدمات إنجاز أبحاث للطلاب بمقابل مادي.

ولا يقتصر الأمر على خدمات التدقيق أو الإخراج، إنما يشمل أيضا إعداد البحث كاملا... مع إعداد مشروع مخطط للماستر أو الدكتوراه.

وتصل الطلاب بين الفينة والأخرى رسائل أو طلبات صداقة عبر "فايسبوك" من هؤلاء، تحت عناوين المساعدة في إنجاز الأبحاث وإعداد المخططات والمراجع.

المقابل المادي لإنجاز بحث الآخرين يراوح ما بين ألفي دولار وخمسة آلاف... قد يزيد أو يقل بحسب حجم البحث والوضع الاقتصادي لطالب الخدمة... ويقبل المبلغ المعروض الجدل بين العارض والطالب.

وقد يدخل في العملية وسيط بين الطالب ومعد البحث. وقد يتدخّل الوسيط لتخفيض كلفة الأتعاب، فضلا عن انتشار مكاتب لهذه الغاية تحت مسميات التصوير أو الصف أو الإخراج والتدقيق.

وقد يتفق الطرفان على مدة زمنية، وقد يقسّط المبلغ على سنتين أو ثلاث. وهناك من يشترط الانتهاء كليا من البحث قبل دفع أي مبلغ للمعد المزوّر!

ونظرة سريعة إلى مَن يخوض في الجريمة ترينا العجب العجاب! إذ قد يكون طالبا موظفا أو مدرسا أو في مركز مرموق... لا يمتلك الوقت الكافي للتنقل في المكتبات والبحث... أما الباحث العارض لخدماته فقد يكون عاطلاً عن العمل، أو يعمل بميدان يذر عليه معاشا ضئيلا؛ أو قد يكون هاوياً لهذه الفبركات ويعمل بمعاش مقبول ولكنه جشع.

الواقع أن الطالب والمزور كلاهما ملام ومجرم... لكن الطالب المزور يحاول تأكيد ذاته بأي ثمن كي يطلق عليه مثلا لقب دكتور أو ليترقى... أو...!

فصحيح أن اكتشاف هذه الجريمة صعب جداً، بل مستحيل أحيانا كثيرة.. لكن المشرف مطالب بالاستقصاء أكثر، والشك الموصل إلى اليقين... لأنه إن تهاون في هذا الأمر، فسيكون هو أيضا ملام ومشارك في اللعبة وإن لم ينتبه للخدعة. 

ناهيك بأن لا تشريعات واضحة في هذا السياق، إذ قد يتذرّع الطالب بأنّ المساعدة جزئية وأن الباحث التاجر ساعده فقط في التدقيق أو القراءة الثانية أو الإخراج أو الجداول.

في المحصلة، لا يمكن وصف هذه القضية المستحدثة الا بالجريمة.. فعلى المؤسسات التربوية والجامعات التحرّك ونشر التوعية من مخاطرها كي تفضح هذه الأساليب، مع لحظ عقوبات رادعة بحق الأطراف المشاركة كافة، وإلا تحولت شهادات الدكتوراه والماجستير إلى سلعة فاسدة. 

مشرف على رسائل وأطروحات جامعية

اقرأ للكاتب أيضاً: بعد الانتقادات و"اجتزاء" نصّ جبران... الدكتور فريد عثمان لـ"النهار": الهجمة مُستَغربة

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم