السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الحاكم رياض سلامة مرشّح رئاسي بإجماع مسيحي ووطني؟

ريمون عبود
A+ A-

في خضم الصراع السني – الشيعي المحتدم وارتداداته الوخيمة، تتجه الأنظار صوب لبنان المهدد بوجوده، وصيغته الهشة والمعرضة على الدوام للاهتزاز والتشكيك. أسباب ذلك عديدة منها: - مغامرات بعض القيادات المسيحية ومشاريعها الوهمية، ما ولّد ردود فعل انتقامية من المارونية السياسية (التي يترحمون عليها جراء ما عانوه من الشيعية العسكرية والسنية المالية)، تجلى ذلك في اتفاق الطائف الذي دبّج على عجلة في غمرة الخلاف الاميركي – الفرنسي – الشريك المسلم المتعب بخياراته: السني برهاناته على الناصرية... وصولا الى تجميد البلد في انتظار سقوط بشار الاسد – والشيعي بارتباطه الايراني، الى المغامرات الجنبلاطية من الكمال في اعتماده على الرافعة الفلسطينية لتغيير النظام الذي صمد واهتزت الانظمة التي ادعت يوما التقدمية، الى الوليد في انتظاره على ضفة النهر مرور جثة الخصم، الى الاصولية اليهودية المصرة على ضرب الصيغة اللبنانية – والى الديكتاتوريات العربية المنزعجة من مناخ الحرية، لتصل الينا أخيرا الاصوليات الاسلامية بفكرها التكفيري.
ان زوال الوجود المسيحي من الشرق، وما حققه من تنوير، سيستتبعه زوال الاسلام المعتدل والعودة الى التصحر الفكري والجاهلية، على رغم ذلك لم يدفع المسيحي الى التقوقع، وكان يمكنه بحكم علاقته الوطيدة بالانتداب الفرنسي أن يسعى الى وطن مسيحي، لكن ميله الى الانتشار، جعله يقبل بفكرة لبنان الكبير.
لاستعادة دورهم النهضوي، لا بد للمسيحيين من تجديد قياداتهم، اذ نعيش مع قيادات من افرازات المارونية العسكرية التي جرت علينا الويلات، والتركيز على الاستحقاق الرئاسي لمنع الفراغ. لنقل الامور بصراحة ووضوح: على عون وجعجع أن يقتنعا بعدم إمكان الوصول الى الرئاسة، لم يحققا الندّية في تحالفاتهما، ولم يتمكنا من استعادة الحقوق المصادرة منذ أيام الوصاية (المراكز – الاراضي)، وفكرة الرئيس القوي تقتضي التوضيح: الرئيس القوي بعضلاته جربناه وبئس التجربة، والرئيس سليمان بمواقفه السيادية يبدو أقوى من كل الاطراف السياسية، على رغم عدم امتلاكه أي كتلة نيابية، مفهومنا للرئيس القوي، ان يتمتع بالحكمة والدراية والمرونة، التروي والتبصر، الجرأة لا التهور، القدرة على محاورة كل الاطراف، يملك رؤيا وتصورا لمستقبل لبنان، يتّصف بالاتزان والرصانة ونظافة الكف وبعيد عن الشبهات، وأن لا تكون يداه ملطخة بدماء الابرياء، ويبقى قويا طالما لم يطلب شيئا لنفسه. لتمرير الاستحقاق من المستحسن الالتفاف حول بكركي وتدعيم موقفها لتصمد، اذ عندما تكون بكركي قوية، يشعر المسيحي العربي بالاطمئنان، مع الاشارة الى ما تتعرض له الكنيسة المارونية التي ما زالت تحافظ على تماسكها، من خلال الحملة المغرضة على المونسنيور منصور لبكي، وفبركة الاخبار حول استقالة البطريرك الراعي. كان الكاردينال صفير يردد: "المسيحيون لا نِسْيوا ولا تعلّموا"، لذا علينا اولا الخروج من الماضي والتفاهم على الخطوات التالية: التوحد حول القضايا المصيرية، التمسك بالارض والحرية، الزام النواب المسيحيين حضور جلسة الانتخاب، طرح اسم رياض سلامة كمرشح رئاسي باجماع مسيحي اذا أمكن ولاحقا تبنيه وطنيا، هذا يتطلب التخلي عن الانانيات والاحقاد، فالشخص يتمتع بكفايات علمية واسعة، متوقد الذهن، معتدل ومنفتح، يحظى بثقة دولية واحترام قلّ نظيره، لنجاحاته في المجالات المالية وتحقيقه الاستقرار النقدي في أحلك الظروف، مواصفات تمكنه من قيادة السفينة الى برّ الخلاص. الطرف الشيعي لا مبرر له لرفض الطرح إلا اذا كان يريد الدفع نحو الفراغ، علما ان الرئيس بري يردد: "نوافق على ما يتفق عليه المسيحيون"، والطرف السني حتما يوافق. مهمات الرئيس العتيد الانطلاق من حيث انتهى الرئيس سليمان، أي العمل على تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية، وسحب "حزب الله" من سوريا وعودته الى الكيانية اللبنانية، مع وضع سلاحه بتصرف الدولة وانهاء قبضته على الطائفة الشيعية، فتعود اليها التعددية وتستعيد البيوت السياسية دورها وحيويتها (حمادة – الحسيني – الأسعد، الخليل، بيضون...) عندها يتحرر الرئيس ويمكنه ممارسة صلاحياته وأهمها التفاهم مع رئيس الحكومة المكلف على تشكيل حكومة متجانسة تعمل لمصلحة المواطن وتعيد الاستقرار الى البلد، ليكمل رسالته في الدفاع عن قضايا العرب، ويبقى ملجأ لكل مضطهد ومظلوم ومنبرا للحريات، فلا أحد يستطيع تغيير وجهه ودوره. في زمن المقاومة شعبه يقاوم، وزمن السلم يحب العيش والمرح، وحمل السلاح ظرفي لا أبدي، ولنتذكر صرخة الكبير غسان تويني: "دعوا شعبي يعيش".
التحديات كبيرة، لكن ارادة الصمود والمواجهة أقوى.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم