الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

يحلّ الفطر والطرابلسيون ينشطون توقاً لاستقباله (صور)

المصدر: "النهار"
طرابلس - رولا حميد
يحلّ الفطر والطرابلسيون ينشطون توقاً لاستقباله (صور)
يحلّ الفطر والطرابلسيون ينشطون توقاً لاستقباله (صور)
A+ A-

ما إن استشعر الطرابلسيون باقتراب عيد الفطر ختاماً لشهر رمضان، وموسم الصوم، حتى اندفعوا بالآلاف إلى الأسواق، والشوارع، يتابعون وداع الأيام الأخيرة من رمضان، ويتبضّعون بما يحتاج كل منهم من مستلزمات العيد، وكل على مقاسه.

تحوّل ليل المدينة إلى بحور من الناس، تعج بهم الشوارع، والمحلات التجارية، في أجواء احتفاء تفوق احتفالية العيد.

البهجة ظاهرة على الوجوه، مع حسرة نهاية احتفالية الشهر التي قلبت النهار ليلاً والليل نهاراً، مجددة الحياة، العام منها والخاص. ورغم قساوة الصوم، فإن التجدّد احتلّ مكانة عالية في القلوب، والعقول التائقة للفرح، والتغيير في ظل الانهيارات التي عاشها البلد في حروبه المتتالية.

نزل المجتمع الطرابلسي، وجواره إلى الأحياء، وانتعش التجار بعد انقباض طويل، وتقاطعت أجواء الاستمرار في ممارسة طقوس الشهر، مع الاستعدادات للعيد.

لا بد في اليوم الأول من العيد من زيارة الأحباء الراحلين، فانتشرت في زوايا مختلفة من المدينة أكداس الريحان، يحملها الأهالي لتعطير مثاوي الأحباء الغائبين صبيحة العيد.

في الشوارع، بدأت التكبيرات والتهاليل المعتادة في العيد تنطلق من مكبرات الباعة المتجولين، وأصحاب البسطات، ومن بعض المحلات التجارية، في مختلف الأحياء والمناطق، فطغت مناخات العيد على ما عداها، وبدأ الجميع يعيش الساعات الأخيرة من الصوم بشغف.

تتصاعد حركة الناس، ومظاهر الازدحام بشكل مطّرد كلما اقترب الناس من الأسواق القديمة، حيث البيوت، والمباني، والمواقع التراثية المتلائمة مع الأجواء الدينية، لذلك، تعج هذه المناطق والأحياء بذروة الازدحام، يمكن تلمسه في سوق البازركان، والسوق العريض المتجدد على تخوم رمضان، الذي جرى افتتاحه قبا أيام قليلة من بدء رمضان، وزُيِّن بصورة مميزة عن بقية الأحياء، قبل أيام قليلة من دخول الشهر.

وبينما تبدو الحركة خجولة عند أول شارع التل لجهة المدينة الحديثة، لكنها تبدأ بالتزايد مع الاقتراب من المدينة القديمة.

بداية شارع التل، وساحته تحولتا خلية من معروضات الحلوى المخصصة للعيد، منها حلوى الضيافة المجهزة بلفافات أوراق النايلون الشفافة، أو المزينة، ومنها البرازق و"البتي فور"، والغريبة التي تصنع محلياً في بعض مشاغل المدينة، والمعمول اليدوي يصنعه محمد عوض ويعرضه على عربته ملفوفاً بالأوراق البيضاء الحليبية، ويذكر أنه يصنعه بيده في مشغله الخاص، وكثيراً ما يُطلب منه من قبل العديد من العائلات التي توقفت عن تصنيعه منزلياً.

توغلاً نحو السوق العتيق، تزداد الحركة، وقهوة فهيم التراثية تراقب المستجدات، والمقيمون فيها ينفخون نرجيلاتهم، ويرشفون قهوتهم بهدوء، والصخب يزداد، والازدحام يتفاقم، ويبدأ الازدحام في المحالّ التجارية مع التقدم في السير، ويغص رصيف شارع التل بالمارة، فيصعب العبور، وهكذا حتى بلوغ السراي العتيقة، فالسوق العريض، فالبازركان.

تختلف نبرات التجار إزاء الحركة، ففي ظل التجاويد القرآنية، يقول محمد صاحب بسطة حلوى ضيافة أن الشغل أفضل، لكنه ما انفك بسيطاً.

في محل هاجر للأحذية، يعرض المهندس كامل لزوج أحذية موضب في علبة، وفيها خمسة آلاف ليرة. يروي قصتها، أن سيدة أعجبت بحذاء ثمنه خمسة عشر ألف ليرة، وهي لم تكن تملك إلا خمسة آلاف، فتركتها في العلبة على أن تعود قبل العيد لأخذ الحذاء بعد تأمين بقية المبلغ"، يشير هاجر بصمت عينيه لسوء الحال التي وصل إليها الواقع بالناس.

تاجر الأحذية مروان نابلسي، في ساحة السراي العتيقة، يبدو مرتاحاً لانفتاح السوق على حركة البيع المستجدة. ويقول: أخيراً، بدأ البيع، والناس أقبلت على الشراء، ويبدو أن نهاية الشهر، وقبض الرواتب لعبت دوراً هاماً في تحريك العجلة.

ويلفت نابلسي إلى أن الأمور لا يمكن وصفها إلا بالسيئة على المستوى الاقتصادي، إلى أن يعود ذلك اليوم الذي يبدأ الناس فيه بشراء حاجات الفطر منذ أول يوم في رمضان كما في السابق.

محل ملبوسات السعد لعبد الغني الأبيض وأشقائه، يعجّ بالحركة في طبقتيه، ويبدو مرتاحاً لأجواء المبيعات.

حركة السوق العريض منقطعة النظير في محالّ مختلف الأصناف، وفي أول البازركان يكاد المارة يسدون الشارع الضيق، وفي محلّ النحاس للأحذية، يقول صاحبها أن استمرار الحركة بشكل متساوٍ مع السنوات السابقة، سببه أننا نعتمد على "الستوكات" التي لا تكلفنا رساميل عالية.

التاجر طارق كبارة أول شارع التل قرب تقاطع الروكسي يفيد أن الحركة في الأسواق القديمة لا تعود للاختلاف بالأسعار، إنما بسبب انجذاب الناس للأسواق التراثية خصوصاً في شهر رمضان.

انتقالاً إلى شارع عزمي، من أحدث شوارع المدينة في عصرها الحديث الوسيط، أي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حركة بيع في المحالّ، وممارسات احتفائية بإقامة البسطات التراثية من كعكٍ، وقهوةٍ، وعصائر، تكاد تدحض نظرية كبارة بانجذاب الناس إلى السوق العتيق.

السير مزدحم، آلياتٍ ومارةً، والمحالّ منتعشة بالمبيعات المتزايدة، لكنها لم تبلغ المستويات السابقة.

يقول صبحي الحمصي: صحيح أن الحركة باتت أنشط في الأيام القليلة الأخيرة، لكن مؤثرات الأزمة العامة تطغى على ما عداها.

يمتد شارع عزمي نزولاً باتجاه البحر، وعلى أرصفته دواوين القهوة والنرجيلة تقطع العبور، والمارة كالبحر لا ينقطع حركة ونشاطاً، وبموازاته شارع قاديشا، وهو مزدحم مثل "عزمي"، ورغم أن الشارع يعج بالمارة، والمحالّ فيها الكثير من الزبائن، لكن صاحب أحد المحالّ يقف خارجاً مستنداً إلى باب المحل يصف الحركة بأنها "كثيرة عالفاضي"، وبدأت متأخرة كثيراً عن حركة رمضان في السنوات السابقة.

أسعار هذه الشوارع، كعزمي، وقاديشا، ونديم الجسر، وبولفار الميناء، والسيتي كومبلكس، يفترض أن تكون أعلى. لكن هذه المحلات المصنفة بمحلات "الماركات"، لها زبائنها، وتبدو فيها حركة ترضي أصحابها بطريقة ما، وبحسب ما تمكن كل تاجر من تقديم نفسه وبضاعته.

تقول سلام، مديرة المبيعات في أحد محالّ السيتي كومبلكس، وسط بولفار الميناء ان "الحركة جيدة، والسوق أصبح أفضل".

تقارب الساعة الثانية عشرة ليلاً، تقفل سلام باب المحالّ، معلنة نهاية يوم عمل طويل، قد ينتهي في الأحياء الراقية، لكنه مستمر وباقٍ حتى الفجر في الأحياء الشعبية كالتل، والسوق العريض، والبازركان، بانتظار إعلان ثبوت يوم العيد.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم