الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ترامب يزور بريطانيا... هل يتخطّى الطرفان الخلاف حول "هواوي"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

شبكة الجيل الخامس في بريطانيا

لعلّ أحد أبرز المواضيع الخلافيّة، استعداد بريطانيا السماح للصين ببناء جزء من شبكة الجيل الخامس للاتّصالات فوق أراضيها. تحتدم الحرب التجاريّة بين الولايات المتّحدة والصين، حيث كانت شركة "هواوي" إحدى ضحاياها، لأنّ الصراع على تلك التكنولوجيا يشكّل جزءاً من الأسباب التي دفعت ترامب إلى فرض عقوبات على الشركة الصينيّة.

في 31 أيار، أعلنت شركة "تكنولوجيات هواوي" عن دورها في إطلاق أوّل شبكة من الجيل الخامس في بريطانيا علماً أنّ مشغّل الاتصالات البريطانيّ "إي إي" قال إنّ هواتف "هواوي" ستكون مستثناة من الإطلاق. وقبل يوم من هذا الإعلان، كشفت الشركة البريطانيّة شبكة الجيل الخامس التي استخدمت هوائيّات "هواوي" في ستّ مدن بريطانيّة من بينها لندن ومانشستر. وجاء بيان التبنّي من "هواوي" في رسالة إلى شبكة "كايكسن" الصينيّة يوم الجمعة. لكن حتى أمس الأحد، كانت التقارير البريطانيّة تشير إلى أنّه لم يتمّ إنهاء الاتّفاق مع الشركة الصينيّة.

ومع أنّ بريطانيا أعلنت أنّ التعامل مع "هواوي" سيكون "محدوداً"، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجيّة في البرلمان البريطانيّ توم توجنهات إنّه من الصعب التمييز بين ما هو أساسيّ وغير أساسيّ في الجيل الخامس.

لم تطلق أخبار المفاوضات المتقدّمة بين بيجينغ ولندن منذ أسابيع أصداء هامشيّة في واشنطن. في 28 نيسان، حضّت الصين بريطانيا على تفادي التمييز ضدّ الشركات التي تريد المساهمة في تأسيس الشبكة وطالبتها بمقاومة الضغوط التي ستُفرض عليها في حال كانت ستتعامل مع "هواوي"، وفقاً لما كتبه حينها السفير الصيني في بريطانيا ليو تشاومينغ في صحيفة "صنداي تيليغراف". وبوجود احتمال كبير في استجابة لندن للمطالب الصينية، قد لا تتأخّر الضغوط الأميركيّة على بريطانيا، ويمكن أن تكون زيارة ترامب مناسبة لإطلاق ترامب إنذاراته. ومن المتوقّع أن يناقش الطرفان غداً الثلاثاء هذا الملفّ.


مخاوف

أشارت صحيفة "فايننشال تايمس" إلى أنّ مسؤولين أميركيّين وبريطانيّين قالوا الخميس إنّ ترامب قرّر إثارة المسألة خلال زيارته، بعدما فشلت جهود متكررة لمساعديه في إقناع بعض المسؤولين الحكوميين البريطانيّين بعدم اللجوء إلى هذه الخطوة. ووصفت الصحيفة هذه القضيّة بأنّها "باتت واحدة من أكثر المسائل حساسيّة" بين ترامب وماي. وأعلن مسؤول في البيت الأبيض أنّ هذه القضيّة ستكون على أجندة الزيارة "بشكل بديهي"، فيما أعلن آخر أنّ الرئيس الأميركيّ مستعدّ لإعلان اعتراضه في اللقاءات الخاصّة وعلى العلن. وسيكون تقليص التعاون الاستخباريّ خياراً أميركيّاً لو قرّرت بريطانيا المضيّ قدماً في إجراءاتها، وفقاً للصحيفة.

لكنّ إقدام الإدارة الأميركيّة على خطوة كهذه ليس من دون ارتدادات سلبيّة عليها بحسب البعض، خصوصاً تقاسم المعلومات الاستخباريّة كان ولا يزال أداة أساسيّة لدى الطرفين في الحرب على الأرهاب. كذلك، إنّ خطوة كهذه ستؤثّر على الشراكة بين الولايات المتّحدة وبريطانيا إضافة إلى كندا وأسوتراليا ونيوزيلندا التي تشترك جميعها في حلف لتقاسم المعلومات العسكريّة والبشريّة تحت اسم "العيون الخمس".


توقيت حسّاس

على الرغم من أنّ واشنطن ترى الشركة الصينيّة "خطراً" على أمنها القوميّ وأداة "تجسّسيّة" يبدو أنّ لندن لا تتّجه لمراعاة هواجس حليفتها بحسب المؤشّرات الأوّليّة. لا ترتبط الإشكاليّة باحتمال بروز توتّر بين البلدين وحسب بل بتوقيته أيضاً. ففي حال خرجت بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي من دون اتّفاق، قد تكون بحاجة للولايات المتّحدة من أجل محاولة التعويض عبر إيجاد شراكة تجاريّة قويّة معها وسبق لترامب أن تقدّم بهذا العرض. غير أنّ الخطوة البريطانيّة المحتملة قد تفتح على البلاد جبهتين في الوقت نفسه.

بالمقابل، لا يوفّر الأميركيّون فرصة لتحذير حلفائهم من التعامل مع الشركة الصينيّة، كما فعل نائب الرئيس الأميركيّ مايك بنس في كندا الخميس الماضي: "نرى أنّ ‘هواوي‘ لا تتطابق مع المصالح الأمنيّة للولايات المتّحدة أو (مع المصالح الأمنيّة ل) حلفائنا من الدول المحبّة للحرّيّة حول العالم. لقد حثّينا شركاءنا في أوروبا، ونواصل حضّ كندا في هذا الخصوص، ونستمرّ بإجراء هذا الحوار".


خلافات مستقبليّة أكثر حول الصين؟

في 24 نيسان، قدّم الصحافيّ الذي يكتب عن التقاطع الثقافي والاقتصادي والتكنولوجي ستيف راينجر أسباباً لعدم تراجع لندن المحتمل عن هذه الخطوة. شرح في موقع "زد دي نت" بنسخته البريطانيّة أنّ لندن تعاملت طويلاً مع "هواوي" حيث استُخدمت معدّاتها في شبكات الاتصال داخل البلاد لسنوات عدّة، وقد طلبت من الشركة تقديم منتجاتها للمراجعة في مركز "أوكسفورد شاير" الذي يدقّق في الثغرات الأمنيّة. وقال "المركز الوطني للأمن السيبيريّ" إنّ مخاطر الخدمات التي تقدّمها الشركة الصينيّة قابلة للإدارة. من جهتهم، حذّر مشغّلو الاتصالات في بريطانيا من خسارتهم مئات الملايين من الدولارات إذا مُنعت "هواوي" من تقديم التجهيزات، إضافة إلى إرجاع خططهم حوالي 18 شهراً إلى الوراء.

بالمقابل، يرى البعض أنّ الصورة أكبر من "هواوي" ولهذا السبب، "يجب على بريطانيا ألّا تحذو حذو واشنطن حول الصين" بحسب ما كتبه الدكتور تيم سامرز، المستشار البارز في معهد "تشاتام هاوس"، في مجلّة "ذا ديبلومات". يجد سامرز أنّ الصين لا تشكّل خطراً على مصالح بريطانيا وليست هي خصماً للندن على المدى البعيد. وحتى في ما يتعلّق بالسياسات "التنقيحيّة" للصين، تريد الأخيرة تغيير بعض عناصر الحوكمة العالميّة، وهو تغيير لا يضرّ بريطانيا بحسب وجهة نظره. وأضاف المستشار أنّ الاستهلاك والرأسماليّة أعادا صياغة المجتمع الصينيّ، إذ سافر الصينيّون في 150 مليون رحلة إلى الخارج السنة الماضية وفيما لا يعارض الأكاديميّون كثيراً الحكم القائم، فهم يناقشون بشدّة مستقبل بلادهم.


لمحة عن المسار

ما طرحه المستشار منذ يومين سيشكّل على الأرجح تحدّياً جدّياً لبريطانيا على مستوى إمكانيّة خسارة المزيد من فوائد العلاقة مع واشنطن في وقت حسّاس جدّاً. وبغضّ النظر عن التوقيت، إنّ اختيار بريطانيا التقرّب أكثر أو حتى التوازن في العلاقات بين الولايات المتّحدة والصين يمكن أن يعرّض علاقات تاريخيّة للاهتزاز العنيف، من دون الحديث عن التداعيات المباشرة لأي إجراءات أميركيّة عقابيّة مباشرة. على أيّ حال، قد تكشف زيارة ترامب الحاليّة بعضاً من المسار المشترك في مستقبل العلاقات بين الحليفين "الأطلسيّين" ومدى قدرتهما على حلّ الخلافات التي تغدو أكثر من بسيطة في الآونة الأخيرة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم