السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

صورة البلد تحت كراسي المعاقين

سمير عطاالله
Bookmark
صورة البلد تحت كراسي المعاقين
صورة البلد تحت كراسي المعاقين
A+ A-
الشيخوخة غرق، قال ديغول، وهو يتأمل هبوط همّته وتخاذل قواه. لن يكون في امكانه بعد اليوم إكمال معاركه الكبرى: انتشال فرنسا، تهيئة أوروبا، زجر الاميركيين والروس عن هذا العبث المتهور والاناني، في مصائر العالم.الإنسان ليس مواطناً لدولة واحدة، ولا ابناً لوطن واحد. إنه مدى الجغرافيا برمّتها. وعندما يكون فرداً عظيماً، مولوداً لصناعة التاريخ، نادراً ما تنتهي مهمته في عمر واحد. تحل الشيخوخة مثل موجة كاسرة، فيغرق قبل ان يستكمل الكثير مما أعده له القدر العظيم والموهبة الكبرى. عندما قال ان الشيخوخة غرق، لم يكن يتحدث فقط عن نفسه ورسالته، بل كان يحذر أولئك المكلفين بناء عالم غير معذب وغير متداع، من إضاعة الوقت في الترهات ومجادلة الطفيليين. الوقت أهم بكثير من العوابر وسطحيات النهار.لم أتذكر سوى جملة ديغول الآسية، وأنا اقرأ، متأخراً على غير عادة، كتاب أمين معلوف "غرق الحضارات". نحن في اكثريتنا نشبه هذا المثلث الهويات والمشاعر: البلد الأم، والهوية القومية، ووطن التبني. ومثله لم تعد مشاعرنا في الحنين الى الماضي، بل في الخوف على المستقبل: أولادنا وأحفادنا ورفاقهم.هل تريد أكثر الصور تعبيراً عن غرق "الحضارة" اللبنانية؟ الخميس الماضي، نشرة أخبار الثامنة، صور لتظاهرة يقوم بها المعاقون، على كراسيهم، يطالبون الدولة بعدم خفض مخصصاتهم، التافهة في الأساس. هل تتخيّل أن هذا المشهد ممكن في أي دولة أخرى؟ وهل تتخيل أن يمر هذا المشهد على الناس والدولة ويظل في إمكان الجميع إكمال النشرة، ثم الذهاب الى النوم؟الغريق، ليس الحضارة اللبنانية....
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم