الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

حروب "المعارضات" السورية تلقي بالغموض على مصير المطرانين والكهنة والراهبات \r\n

بيار عطالله
A+ A-

اسوأ ما يمكن ان تتمخض عنه الحرب الدائرة بين تنظيم "داعش" التكفيري والمعارضات السورية المسلحة بفروعها المختلفة هو القاء مزيد من الغموض على مصير المطرانين المخطوفين بولس يازجي ويوحنا ابرهيم ومرافقيهما الكهنة، واللذين يشكل الاستمرار في اللامبالاة باخفائهما القسري نموذجاً فاضحاً عن العجز المسيحي في الشرق الاوسط، وحال الانهيار التي تقارب الافلاس السياسي والمعنوي التي يعاني منها المسيحيون الذين لا يجدون من يطالب بأسراهم بصغيرهم وكبيرهم بدءاً من الكهنة اللذين قتلوا وخطفوا تباعاً في انحاء سوريا على يد الجماعات المسلحة، وصولاً الى المطرانين الارثوذكسي والسرياني، مروراً بالراهب اليسوعي الاب باولو الذي دفع ثمن محبته للاخر وقناعاته الراسخة بالعيش معاً وانتهاء براهبات وايتام معلولا الذين بالكاد تذكر وسائل الاعلام قضيتهم وتتناولها وتعرض لها سواء من قريب او بعيد.
مضت عشرة أشهر على خطف المطرانين الجليلين، وقيل وكتب الكثير عن مسار احوالهما وعما اذا كانوا احياء ام اموات، لكن الاكيد ان مصيرهما غامض منذ اللحظة الاولى، والاكيد ايضاً ان كل اجهزة الاستخبارات والامن والاستطلاع التي تسرح وتمرح في ارجاء الحرب الاهلية السورية لا تقدم اجوبة شافية وكافية عن مصيرهما. وردت معلومات مثلاً انهما في قبضة مقاتلين "شيشان" ممن ينضوون تحت عنوان "كتائب المهاجرين المجاهدين" او الاجانب الذين يقاتلون في سوريا. وقيل ايضاً ان الشيشان خطفوا المطرانين بنية مبادلتهما بمعتقلين اسلاميين لدى السلطات الروسية التي تخوض حرباً ضارية ضد المجموعات الاسلامية المسلحة الآتية من القوقاز. وقيل ان الهدف مبادلتهم بموقوفين كبار لدى النظام السوري وقيل الكثير. لكن لا الخاطفين اعلنوا عن هويتهم وقدموا اي معلومة ولا المفاوض الذي تحدث معه مدير الامن العام اللبناني اللواء عباس ابرهيم قدم ولو دليلاً واحداً على ان المطارنة احياء او اموات رغم ان المفاوضين الاتراك واللبنانيين (اللواء ابراهيم) طلبوا ذلك.
ويقول رئيس "الرابطة السريانية" حبيب افرام المتابع للملف، ان لا شيء ملموسا في ملفهما والغموض يلف هذه القضية بشكل مذهل بدليل ان اجهزة الاستخبارات الاميركية والروسية واليونانية والسورية وغيرها لم تستطع ان توفر دليلاً واحداً على مكان اختطافهما، في حين ان اجهزة الاستخبارات هذه كانت تترصد حركة زعيم "كتائب عبدالله عزام" وتنقلاته ووضعه الصحي من داخل الاراضي السورية الى تنقلاته داخل الاراضي اللبنانية وصولاً الى اعتقاله.
التحليل المنطقي الوحيد لمصير المطرانين انهما في قبضة احدى مجموعات الاجانب المتشددين والذين لا يقيمون وزناً للمطرانين. وتالياً فان هذه المجموعات غالباً ما تكون في حماية تنظيم "داعش" الذي يواجه اوضاعاً صعبة يواجهها بردات فعل دموية لا حدود لها تتمثل في الاعدامات الميدانية وتفجير السيارات الانتحارية في شكل شبه يومي وهذا ما يضع المطرانين وكل الرهائن لدى التنظيم في دائرة الخطر الشديد، بمن فيهم الراهب اليسوعي الايطالي الاب باولو الذي ذهب الى الرقة لمفاوضة "داعش"، فخرج من ديره ولم يعد ليبقى مصيره معلقاً بين الاعتقال في زنزانات التكفيريين والقتل على يدهم بسبب انتمائه الديني وهو المعارض العنيد للنظام السوري.
وسط هذه الصورة القاتمة وعجز المسيحيين في سوريا ولبنان والعراق عن القيام بأي رد فعل، يعادل الحراك الشعبي الشيعي في لبنان رداً على خطف الحجاج الشيعة في اعزاز الامر الذي ادى الى مفاوضات ونهاية سعيدة. اضافة الى لا مبالاة الغرب والدول الخليجية العربية بمصير المطرانين وعدم مبادرتها الى اي حل يبقى بصيص أمل صغير في ما يخص راهبات معلولا الرهائن في يبرود والمعلوم مكان احتجازهم والجهة الخاطفة دون اي التباس ويقال ان ثمة مفاوضات تجري من اجل اطلاقهن مع الايتام ربما لأنهم نسوة وهذا ما له تفسيره لدى الجماعات المتشددة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم