الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

غاب بعدما نسج خيطَ البياض قصيدةً خاصةً به \r\nغسّان علم الدين شاعرًا أخضر في سهول الجراد

عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
غاب بعدما نسج خيطَ البياض قصيدةً خاصةً به \r\nغسّان علم الدين شاعرًا أخضر في سهول الجراد
غاب بعدما نسج خيطَ البياض قصيدةً خاصةً به \r\nغسّان علم الدين شاعرًا أخضر في سهول الجراد
A+ A-
كان يكفي غسّان علم الدين (1957 - 2019) أن يمسك بخيطٍ فحسب، بخيطٍ من بياض، لكي يتبادر إلى قارئٍ حصيف للشعر، أنه لا بدّ للخيط من أن يتحوّل إلى ثوب، والثوب إلى قصيدة، والقصيدة إلى ديوان، والديوان إلى دواوين، حيث راح حبره، وهو يمثل أمام سهول الحياة، جبالها، أوديتها، أقفارها، أجماتها، والصحارى، يخضرّ كلّما أمعن في تأمّل الجراد الذي يغزو الوجود. وها غيابه المفاجئ يصفع القارئ بقوّة ويشدّه من أذنيه إلى حبره الأخضر، اللذيذ، المرّ، العبثيّ، السوريالي، الواقعيّ، الموجوع، المضمّخ بالحلم، والمضرّج بماء الحداثة الشعريّة المتميّزة.ترك غسّان علم الدين خمسة دواوين منشورة ("خيط بياض"، "حين سرب فراشات اصطدم بزجاج النافذة"، "يساورني ظنّ أنّهم ماتوا عطاشى"، "محرمة الساحر المطوية"، "أخضر في سهول الجراد")، وثمّة ما كتبه ولم يُنشَر، وهو معدٌّ للطبع على الأرجح، وهذه كلّها تؤلّف معًا عالمًا متكاملًا لشعريّته الخاصّة، التي قد تكون بدأت متأثرةً بنوعٍ من الشعر الأميركي الأوسترالي الإنكليزي الجديد، وبكتابات الشاعر الكبير وديع سعادة، أو بغيرها (محمد الماغوط، سركون بولص...)، شأن غالب البدايات عادةً، لتعود تعثر شيئًا فشيئًا على قوامها الشخصيّ، ومعجمها الخاصّ، وفضائها المتمايز، وبنيتها التركيبيّة، ومرارتها المطهّمة، وحيويّتها المطرّزة بالتوازن الدقيق بين الواقعيّ والغرائبيّ، حيث يليق بالقارئ أن يسلس قياد عينيه، وقياد عقله، لتمتلئ ذاته بهذه اللغة المغايرة، وليروح يسأل عن حاله الجديدة والمضافة، التي باتت مغمورةً بالعوالم والدهشات غير المكتفية بسياقٍ أو بزمن.يسعدني أنّي كنتُ في الماضي قارئًا دائمًا لغسّان علم الدين، بقدر ما يؤلمني الآن غيابه القسريّ المفاجئ، حتّى لأجدني معنيًّا بضرورة الدعوة إلى إعادة قراءة هذا الشاعر، هذا الشاعر الذي على حدة، والذي عَبَر بخفرٍ في الحياة الشعريّة والعامّة، ولم يترك الكثير من الصخب، الصخب الذي من شأنه أن يخربط الرؤية...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم