الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كوب "خرنوب" مُثلِّج يقهر ظمأ الحر في رمضان

المصدر: "النهار"
طرابلس- رولا حميد
كوب "خرنوب" مُثلِّج يقهر ظمأ الحر في رمضان
كوب "خرنوب" مُثلِّج يقهر ظمأ الحر في رمضان
A+ A-

من السهل الحصول على كوب أو قنينة من الخرنوب الشعبي الرائج في طرابلس، لكن ليس من السهل تصنيعه منزلياً، والسبب الأساس إمكانية الحصول على "قرونه" التي تشبه اللوبياء بتركيبتها، لكن بحجم أكبر.

ومن السهل البدء بتناول عصيره من الكوب، لكن ليس من السهل التوقف قبل الانتهاء من كل الكمية الموجودة في الكوب نظرا للذته، وقدرته على الإنعاش في أيام الحر.

يعرض عصير الخرنوب طوال أيام السنة، وله باعة ومواقع ثابتة لهم، ومن يشتهي الخرنوب، يعرف أين يجده.

أبرز مصنّعي الخرنوب وباعته، صاحب بسطة السراي العتيقة التي ما انفكت تفتح منذ أواسط القرن الماضي، وحتى اليوم، عند زاوية الساحة المقابلة لمبنى السراي العتيقة المتآكل، والمتهدم.

تحتل الزاوية مترين مربعين كأقصى حد، متر عرضاً، ومتران طولاً، وتتربع أوعية الخرنوب الزجاجية الحمراء المتلألئة تحت أنوار الكهرباء، المتعرقة بالندى لشدة تبريدها بألواح كبيرة من الثلج، وترتفع على جدار حائط الزاوية لافتة معدنية صغيرة هي شهادة قديمة للبسطة من وزارة الصحة تثبت صحة المشروب المعروض على الزاوية التي يقصدها المئات يومياً، ولا يمكن لعابر السبيل إلا أن يتوقف عندها للارتواء بتسعيرة أقل من الألف ليرة للكوب، أما إذا شاء شراء قنينة محمكة الإقفال، فبسعر مضاعف لكن بكمية أكبر بثلاثة أضعاف الكوب.

لا يتوقف المبيع على البسطة في الأيام العادية، وربما بيع بعض الخرنوب شتاء من دون ثلج. ويتحول المبيع إلى السوس والتوت والتمر الهندي ومشروبات أخرى تحمل أسماءها لوحة كرتون معممة على مركز هذه الزاوية، كما على مركز زاوية أخرى شقيقة لها في باب الحدادين، أول طلعة قلعة طرابلس، وثالثة في المصنع الموجود في زقاق متفرع من ساحة النجمة. إنه مصنع آل الضناوي، أعتق وأشهر مصنّعي الخرنوب في طرابلس.

في جولة لـ"النهار" في شهر رمضان على المصنع، تبدو حركة لا تهدأ. يستنفر الضناويون، الذين يعملون في أعمال متنوعة في أيام السنة المتفرقة، في شهر رمضان لتلبية طلبات الصائمين حيث يندر أن تخلو مائدة إفطار من الخرنوب.

يقول صاحب المشغل عثمان ضناوي، وهو الشقيق الأكبر لعائلة الضناوي الأب الذي رحل منذ سنوات، وتوارث أبناؤه الصنعة عنه: "لا يتوقف بيع الخرنوب في الأيام العادية، لكن الطلب عليه يرتفع بشكل مذهل في رمضان، ويعتبر المشروب الأكثر تفضيلاً لدى العامة، فهو حلو، طيب المذاق، ومنعش في الوقت عينه".

في المصنع يحتشد أكثر من عشرة من العاملين في التصنيع، والتوزيع، والبيع، ويرفع كل منهم يده عند التحدث إليه لكي يظهرها نظيفة من اللون الأحمر، تدليلاً على أن تصنيع الخرنوب يجري في المصنع، لا تمسّه الأيادي، وهي تعبُر بمعدات تقنية مختلفة، وتوضع في مستوعبات من الستينلس النظيف، والمعقم بصورة دورية.

يتحدث عثمان عن البدء بتصنيع عصير الخرنوب قائلاً: "نشتري ثمراته الطويلة الشبيهة باللوبياء عندما تنضج وتصبح حمراء قانية، لكن على حجم أكبر، حيث تتوزع البذور في الثمرات الطويلة، ويبدأ تحضير ثمرات الخرنوب، أو أصابعه، بتفريغه من البذور التي تباع إلى الخارج، أو لمشاغل تعنى بالتجميل، حيث تستخدم في صنع المستحضرات الطبية والتجميلية”.

تُفرم الثمرات المفرغة من البذور، ثم تُنقع في أوعية بالماء المعقم بقطرة من الكلور، "بقدر ما يصف خبراء التعقيم الكمية، بحسب عثمان، اعتماداً على قنينة معدنية من الستينلس يشير عثمان إليها معلقة على جدار المصنع. ويحفظ السائل منقوعاً حتى يتخمّر، ويكون كثيفاً، فنجمع العصير المنقوع، وننقله في مستوعبات خاصة إلى مستوعب ستينلس آخر حيث نخففه بالمياه، ونضيف إليه بعضاً من السكر، والسوس، وصبغة حمراء نباتية المصدر تصنع في الشرق.

وعن الصبغة يفيد ضناوي إنها غير ضارة لسببين لأنها نباتية المصدر، ولأنها لا تتحلل، ولا تبقى في الجسم، وهذا ما يظهر في لونه بعد إفرازه من الجسم.

ينقل المزيج بعد تحريكه جيداً إلى مستوعب كبير، حيث يجري تجميعه، ثم ضخه من جديد عبر أنبوب إلى داخل المصنع حيث قسم التعبئة، فتملأ قناني البلاستيك به، ثم تختم بإحكام بواسطة معدات خاصة للتختيم. وينقل قسم من المزيج بمستوعبات أخرى من البلاستيك إلى الخارج للبيع بأكياس نايلون للراغبين بالاستعمال السريع للخرنوب.

رغم مذاق الخرنوب الحلو، يضيف عثمان إليه نوعاً من السكاكر لزيادة التحلية، فهي مطلوبة في شهر رمضان لتعويض السكاكر المفقودة من الجسم نهاراً. وهناك، كما يقول، أشخاص يفضلونه من دون سكر، مكتفين بحلاوته الطبيعية، فيوصون عليه. كما أن هناك من يكتفي بلونه الطبيعي الغامق، لكننا نضيف إليه الصبغة لإعطائه لوناً جاذباً، ونحرص على استخدام مواد صباغة طبيعية المصدر، غير ضارة".

ومن أسباب الطلب المتزايد على الخرنوب في رمضان إنه "يعوّض نقص الماء في الجسم، فمذاقه الطيب يشجع على تناوله بكثرة، وهو بطبيعته، يساعد الجسم على تخزين السوائل، وله منافع كثيرة، أبرزها مكافحة التأكسد، وتليين الأمعاء والأوعية الدموية".

ورغم ندرة تصنيعه، والطلب الكثير عليه، لم تلقَ صناعة الخرنوب تشجيعاً من الجهات المعنية، لذلك لم يطوّرها عثمان مكتفياً بتسويقها بقوة في رمضان، وبصورة اعتيادية في بقية الأيام.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم