الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - الإنصهار الوطني

Bookmark
أرشيف "النهار" - الإنصهار الوطني
أرشيف "النهار" - الإنصهار الوطني
A+ A-
الإنصهار الوطني بقلم المطران جورج خضر في فن الصياغة تحتاج احيانا الى تذويب المعادن بعضها ببعض لتحصل على عيار تريده من الذهب. قد يكون من الضرورة الا تبقى السبيكة على 24 قيراطا وقد تحتاج الى فرز المعادن غير الثمينة لتصل الى الذهب الخالص. والوسيلة هي النار اي التمييز. فالانصهار يبتغى والفرز يبتغى. اما المجتمعات البشرية فبعضها اقرب الى الانصهار وبعض فيه تمايز اشد. فالناس يختلطون بقدر ولا يختلطون بقدر وهنا لا يفترق لبنان عن سواه. فما من متحد لا يحمل طاقة تصدع بسبب من تباعدات مسجلة فيه. فالابيض ينأى عن الزنجي لاسباب تتعلق بالبشرة او بقانون الجمال او بتاريخ الرق والمسيحي كان يستعلي على اليهودي لما بينهما من مأساة واليهودي استعلى على الاممي بما حسبه نجاسة فيه. والفرنسي والفلمنكي في بلجيكا في تباه او صدام لغوي وكلاهما كاثوليكي. والعربي يستهجن رطانة العجمة وما الى ذلك كثير. فهناك فروق بين الناس والفروق شرعية اذا لم تبلغ حد التنافر. ففي التعدد جمال وتكامل والوحدة في التكامل لا في اللون الواحد. والتعدد في المشارب مصدر من مصادر الابداع فكثير من الابداع اتى من التنافس الخير على الحسنى. والتعدد يشحذ الفكر ويدعو الى التدقيق فيه والى الصفاء الذي يثمره الصبر. ففي الاصل يتوق الملهمون الى الاختلاف اذا قبلوه ثراء. امام هذا عندنا مشكلة الدين بحد نفسه. فالديانات - ما عدا اليهودية - فيها طاقة انتشار. انها مبشرة او داعية. والهندوسية والبوذية اللتان استكانتا دهورا تعلمتا الدعوة. والدعوة ان تلغي الآخر، تبيده جسديا اولا تبيده وفي هذا تختلف الاديان ولكنها - مهما قيل في الحوار - تلغي فكر الاخر. الدين في عالميته وحمى مكافحته للضلال انتشاري في طبعه وعنده ان التبشير هو تمام المحبة فهل من حب اعظم من ان تريد لاخيك الحقيقة التي انزلها الله عليك...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم