الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بعد ساعات في الضمان ... قالت لي الطبيبة :"أنا مش شايفة في ضرورة تعملي IRM"!

المصدر: "النهار"
ل.ج
بعد ساعات في الضمان ... قالت لي الطبيبة :"أنا مش شايفة في ضرورة تعملي IRM"!
بعد ساعات في الضمان ... قالت لي الطبيبة :"أنا مش شايفة في ضرورة تعملي IRM"!
A+ A-

اليوم قررتُ أن أكتب تجربتي الشخصية، لأول مرة سأتحدث عن نفسي وليس عن وجع الناس وتجاربهم مع المرض والمستشفيات والموت وغيرها...لا أكتب بهدف الإساءة أو التجريح، لستُ في موقع المحاسب أو القاضي أو الجلاد، أكتب من باب الوجع و"البهدلة" والذلّ الذي يُرافقك في يومك الطويل في الضمان الاجتماعي. ليست المرة الأولى التي أذهب فيها الى هناك، الحادث الذي تعرضتُ له منذ سنوات دفعني الى المداومة مراراً في المستشفيات وفي الضمان ولدى الأطباء، لكن تجربتي بالأمس كانت مختلفة عن سابقاتها و بـdose أكبر.

نعرف جميعاً أن زيارة الضمان ليست بالمهمة السهلة والسريعة، وأن رحلتك هذه تفرض عليك نفساً طويلاً، نتفهم ذلك في ظل ارتفاع عدد المرضى المضمونين والحالات الاجتماعية التي تحتاج الى مساعدة، لكن أن تظلّ 4 ساعات في الضمان لاستحصال على موافقة إجراء فحص طبي "فهذه حكاية أخرى".

توجهتُ كالعادة الى مركز الضمان في الدورة عند الساعة الثامنة والنصف، صعدتُ إلى الطبقة الثانية وانتظرتُ دوري في صف أمام شباك تقديم الطلبات، موظف آخر جديد عن الموظف المعتاد وفي غرفة أخرى، لكن لا يهمّ طالما ان العمل "ماشي لتسيير أمور المضمونين." وصل دوري، قدمتُ أوراقي في انتظار استلامها من جديد لمتابعة الخطوات الاعتيادية، إلا ان الموظف قال لي: "روحي شي ساعة ونص وارجعي". جواب قاطع لا يحمل تساؤلات أخرى، لم أكن الوحيدة التي طُلب منها "تضييع الوقت قبل الوعدة لاستلام الطلب"، حالتي كحال كثيرين غادروا تلك القاعة التي تشهد على قصص كثيرة، قبل العودة من جديد.

عدتُ في تمام العاشرة، الصعود الى الطبقة الثانية رياضة بحدّ ذاتها، بعض الحركة "ما يتضرّ "، وصلتُ الى الغرفة المقصودة وسمعتُ الموظف يُناديني باسمي، اكتفى بجواب مقتضب "أين النتيجة السابقة لصورة الرنين المغناطيسي التي أجريتها في تاريخ 27/10/2018، عليكِ إحضارها للحصول على الموافقة". أجبته: "لكن هذه النتيجة لم تُطلب مني يوماً في السنوات الماضية، لا عليك سأحضرها وأعود، هل تكون طبيبة الضمان هنا عند عودتي؟"، ليرد عليّ: "جربي حظك روحي بسرعة وتعي".

بسرعة، توجهتُ الى المركز الطبي لسحب تقرير النتيجة، وعدتُ الى الضمان، كنتُ أحمل هذه الورقة بثقة لأنها الوحيدة القادرة على  تسهيل طلبي والموافقة عليه. للحظة يُخيّل إليك أنك تمسك الحياة بيديك، ولا تريد سوى أن ينتهي كل هذا "الركض وروح وتعا" قريباً جداً. 

دخلتُ الى مكتب طبيبة الضمان لتقديم الطلب وانتظار إمضاء الطبيبة، بعد انتظار نادتني الموظفة في المكتب وطلبت مني الدخول الى مكتب الطبيبة. الانتظار في الضمان حكاية والحوار بيني وبين الطبيبة حكاية أخرى. لم أكن أتوقع يوماً أن أجد نفسي في هذا الموقف، لكن في لبنان عليك أن تتوقع كل شيء. استهلت الطبيبة حديثها بالقول: "لا أرى ضرورة في إجراء صورة الرنين المغناطيسي اليوم، لقد أجريتها منذ 8 أشهر ولن يتغيّر شيء منذ ذلك الوقت حتى الساعة". صارحتها بحقيقة وضعي وبأني تعرضتُ لحادث سير ترك آثاره على جسمي وخساراتي كبيرة، وأنا بحاجة الى فحوص دورية لمواكبة التغييرات وتطور الألم. لكن يبدو أن للطبيبة وجهة نظر مغايرة، لم يكن سهلاً عليّ إقناعها، أصلاً لماذا عليّ اقناعها بمسألة صحية بديهية؟ 

لا يهمّ، لن أدخل في طرح الفرضيات ومحاولة الإجابة عنها. شرحتُ لها أني بحاجة لإجرائها سريعاً لأنني سأخضع لجراحة ومطلوب مني إجراء هذه الفحوص في أسرع وقت ممكن. أما بالنسبة إلى طبيبة الضمان، فأصرّت على موقفها إذ قالت لي:"لكن ما الذي سيتغيّر بوضعك، النتيجة ستكون نفسها فلماذا عليك إجراؤها من جديد؟". لم أُصدق ما سمعته، كنتُ أقف مذهولةً أمامها، فأجبتها بصراحة "أنا بحاجة الى إجرائها ولستُ سعيدة بذلك. هذه الصورة ليست شربة ماء أو شيئاً ممتعاً لا يمكنك تفويته، أنا بحاجة لأنني مضطرة الى ذلك وبصورة عاجلة لأن العملية باتت قريبة وبحاجة الى إرسال النتائج الى الخارج".

لم يكن همي أن أقنعها بقدر ما كان يهمني أن تفهم وجهة نظر المريض، لستُ "أشحذ" الموافقة، ولو كان بإمكان أي مريض إجراء الفحوصات او الاستشفاء على حسابه، ما كان ليطرق باب أحد وينتظر ساعات للحصول على هذا التوقيع. قد يكون هذا الاستجواب طبيعياً أو مفروضاً من منطلق مكانتها او ما تحكمه عليها وظيفتها لناحية التدقيق، لكن دفعني الى السؤال عن فحص آخر (سكانر) علي إجراؤه أيضاً في الوقت نفسه. كان شكي في مكانه، لن أحصل على موافقة أخرى، وهذا ما أكدته لي الطبيبة جازمة "عليك ان تختاري بين الـIRM او SCANER، لا يمكنك الحصول على موافقتين لا اليوم ولا بعد أيام. لذلك اتصلي بطبيبك وابحثي معه أيهما أبدى من غيره أو أفضل، لأوقع على الطلب".

وجدتُ نفسي مخيرة في مسألة صحتي، خيار محدود بغياب الاحتمالات. قررتُ المضي بموافقة صورة الـIRM فيما أتكفل في إجراء السكانر على حسابي الشخصي، علماً انها المرة الأولى التي أجري فيها صورة "سكانر". وبالرغم من ذلك، شكرتها وخرجت، كان عليّ ان أحافظ على هدوئي بالحد الأدنى وأستكمل مغامرتي في هذا اليوم الطويل. حملت توقيعها وتوجهتُ به الى موظفة أخرى، انتظرنا على المقعد الخشبي كما طلبت، وبعد 20 دقيقة حملتُ ملفي للتوجه الى المحطة الأخيرة. هناك انتظرنا في الرواق حتى ينادى علينا. وأخيراً، نادوني لأحمل الموافقة بين يديّ وأهلل بعد 4 ساعات "من الروحات والمجيات والانتظار" لحصولي على موافقة إجراء الـIRM والباقي "ع الله". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم