الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المواد الأولية

سمير عطاالله
Bookmark
المواد الأولية
المواد الأولية
A+ A-
تشتغل ثريا وزوجها شكيب، في أحد مطاعم بيروت. وعندما تشتد عليهما الأزمة المعيشية، تلح ثريا على شكيب بأن يطالب صاحب المطعم بزيادة في الأجر، فيروح هذا يعدِّد اسباب الضيق وغلاء المواد الأولية. وبعد انتهائه يقول شكيب لثريا: ألم تري أنه كان يتطلع فيي كلما تحدث عن المواد الأولية؟هذا مشهد من مسرحية زياد الرحباني "بالنسبة لبكرا شو"؟ يعود إليَّ كلما كثرت في حياتنا عبثيات الهراء التي تمارسها السلطة على الأهالي. فكلما طالبوها بالتعقل في حياتهم ومصيرهم ومستقبل ابنائهم، القت عليهم خطاباُ مقززاً في غلاء المواد الأولية، وحمَّلت الناس مسؤولية الديون والبطالة وسواد الأيام ومخاوف الاستقرار والاستمرار. وأمام الانهيار الاجتماعي السفيه، لا يبقى أمام شكيب سوى ان يطلب من ثريا، بكل مذلة وصوت مكسور، أن "تساير الزبون الاسباني قليلاً".لم تكن الفكرة، أو الصورة التي رسمها زياد رحباني جديدة. الجديد فيها أسلوبه. لكن هذا هو حال الناس مع الاحكام الغاشمة في كل الازمنة، كما قال عالم الاجتماع العراقي علي الوردي. فالوعّاظ والمتملّقون وطالبو الحصص والقسائم، يتركون الطغاة والمترفين يفعلون ما يشاؤون، ويبحثون عن زلات الفقراء وينغّصون عليهم عيشهم. وقد وجد الطغاة في الوعاظ خير معوان لهم: "إنهم يأخذون جانب الحاكم ويحاربون المحكوم. يبررون له بأنه اجتهد فاخطأ" أما الفقراء فيهددونهم بكل ويل.الفارق بين العقول التي اعتادت الممارسة الديموقراطية وعقول أنظمة الاستعباد، كما يقول توفيق الحكيم، أن المسؤول في الأولى هو المسؤول، أما في الفكر الاستبدادي الاستعلائي المزدري ارادة الناس، فالمسؤول هو...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم