الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

مشاهدات من الأرض الساخنة... العسكر ووالدة الشهيد والسرايا

علي عواضة
علي عواضة
مشاهدات من الأرض الساخنة... العسكر ووالدة الشهيد والسرايا
مشاهدات من الأرض الساخنة... العسكر ووالدة الشهيد والسرايا
A+ A-

بدون سابق إنذار، تحولت ساحة رياض الصلح إلى ساحة مواجهة بين العسكريين المتقاعدين والقوى الأمنية، بعد اقتحام المئات من المتظاهرين للحاجز الأمني الأول للسرايا الحكومية، محاولين اقتحام الحاجز الثاني و"احتلال" المقر الحكومي، حسب تعبيرهم.

بسرعة دراماتكية تطورت الأحداث في رياض الصلح. أحد المتقاعدين حاول إحراق نفسه رفضاً لما يحكى عن اقتطاع من رواتبهم. صرخات العمداء بالتوجه إلى مدخل السرايا لاقت ترحيباً واسعاً من المشاركين... محاولة الاقتحام لم تلاقِ "الحزم" المعتاد من قبل القوى الأمنية في التحركات المطلبية السابقة. التعاطف من قبل تلك العناصر كان واضحاً على وجوههم. أحدهم قدّم التحية لأحد العمداء المتقاعدين الذي كان تحت أمرته لثلاث سنوات، فيما أحد العناصر المولج حماية السرايا، وخلال انتهاء أعمال الكرّ والفرّ، تحدث مع والده المتظاهر طالباً منه عدم الاقتراب كثيراً من عناصر مكافحة الشغب. قبلات متبادلة بين العديد من المتظاهرين والعسكريين كانت كفيلة بالتعبير عن مدى التعاطف الضمني مع مطالبهم، ولكن "الأوامر العسكرية تقتضي الحدّ من زحفهم إلى السرايا".

التفوق العددي للمتظاهرين أمام عناصر مكافحة الشغب سمحت لهم بالتقدم لحوالي عشرين متراً من أبواب السرايا. كثرة المطالب وغليان المحتجين أوحى بأن الأمور ذاهبة إلى التصعيد الدموي، خصوصاً أن بعض المتظاهرين كان يحمل العصي وجنازير حديدية مهددين بتقديم أرواحهم لقضيتهم المعيشية بعد أن كانوا قدموا دماءهم دفاعاً عن وطنهم، "التضحية هي الكلمة الأولى التي تعلمناها في الجيش، وعائلاتنا تستحق تلك الدماء"، قالها ضابط متقاعد، قبل أن يتوجه إلى العسكريين في الخدمة، شارحاً لهم أن "القرارات التي ستصدر في الموازنة ستطالهم قبل زملائهم المتقاعدين".

حالة الفوضى قرب السياج الأخير، اخترقها العميد سامي رماح حينما أعلن أنه سيتوجه مع وفد إلى داخل السرايا لمقابلة وزير الدفاع الياس بو صعب، طالباً منهم الهدوء لمعرفة ما ستؤول إليه تطورات المفاوضات.

نساء ورجال تجمعوا مع المعتصمين. والدة الشهيد أحمد طبيخ حملت صورة ابنها وسط المتظاهرين متحدثةً عن بطولات ابنها في تلة الحمرا في رأس بعلبك بوجه الإرهاب قبل أن يقدّم روحه دفاعاً عن لبنان: "إبني استشهد ومستكترين عليه ورد على قبره، وسيقتطعون من راتبه... الله لا يشبعن"، كلامات كانت كافية لإبداء التعاطف معها من قبل الحشود، مطالبين إياها بالابتعاد، فهي قد نالت نصيبها من خراطيم المياه.


أحد العرفاء في الجيش طالب بحقوق العسكريين، "حمينا البلد لعقود وقدّمنا دماءنا للوطن، وكأن الأزمة الاقتصادية هي من صنيعة العسكريين وعائلاتهم"، مطالباً بفرض ضرائب على الاملاك البحرية، ومنع الهدر في الجمعيات الوهمية لعوائل النواب والوزراء، "هم الفاسدون أما نحن فأصحاب حق"، مضيفاً: "لو لزم الأمر سنقتحم السرايا ونقدّم الدماء، وها أنا اليوم بلباسي العسكري ومستعد للتضحية... ما حدا يجربنا، الاقتحام عملنا ولطالما تدربنا عليه، لا نريد التصعيد وكل ما نطلبه أبسط حقوقنا الوطنية".

نجم التحرك كان حسين يوسف، والد الشهيد محمد يوسف، والذي لطالما عرف الساحة دفاعاً عن حرية ابنه، ها هو اليوم يشارك المعتصمين دفاعاً عن حقوقهم، مؤكداً أن تواجده هو لتقديم الدعم المعنوي، وأقل واجب من قبل الدولة هو عدم المساس برواتب الشهداء، "لاحقين الشهيد على قبره".

العديد من الجرحى السابقين في معارك نهر البارد ومعارك عرسال شاركوا المعتصمين مطالبهم، رافعين الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش اللبناني، موجهين رسالة لرئيس الجمهورية ووزير الدفاع بإبعاد الظلم عنهم.

وبعد انتهاء الاجتماع بين وفد المعتصمين ووزير الدفاع، قال العميد سامي رماح لـ"النهار" إن "ما تقوم به الحكومة أمر غير أخلاقي بحقنا، وقد وعد وزير الدفاع بالاستجابة إلى مطالب المتظاهرين، وأنه لن يتم اقتطاع أي أموال من عوائل الشهداء، وننتظر الإيفاء بالوعود، ونحن اليوم تراجعنا عن التصعيد، وسنتجه للتصعيد في الأيام المقبلة إذا لزم الأمر، ولكن حتى الساعة الأمور تتجه إلى التهدئة".

هي رسالة وجهها المعتصمون إلى الحكومة بعدم المسّ برواتبهم، رافعين الصوت عالياً بوجه من قدّم تلك المقترحات. الرسالة وصلت بطريقة "شعبية" بعد التحذيرات المتكررة في الأسابيع والأشهر السابقة، لتقتصر الأضرار على سقوط 3 جرحى بجروح طفيفة، فيما الأنظار تتجه غداً إلى السرايا الحكومية لمعرفة الصيغة النهائية للموازنة العامة.






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم