الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

تجوُّل

قصيدة للشاعر التشيلي بابلو نيرودا، ترجمة: محمد الرشيدي
تجوُّل
تجوُّل
A+ A-

يحدثُ أن أتعب من كوني إنساناً.

يحدثُ أن أذهب إلى محلات الخياطة والسينمات

ذابلاً ومنيعاً كإوزة من اللِّبْد

مبحراً في ماء النبع والرماد.

رائحة صالونات الحلاقة تجعلني أصرخ.

أريد فقط استراحة من الأحجار أو من الصوف،

أريد فقط ألّا أرى منشآت أو حدائق،

أو بضائع أو تلسكوبات أو مصاعد.

يحدث أن أتعب من أقدامي وأظافري

وشَعْري وظِلّي.

يحدث أن أتعب من كوني إنساناً.

ومع ذلك سيكون لذيذاً

إفزاعُ مُوثّق عهود بزنبق مقطوف

أو قَتْل راهبة بضربة أُذُن.

سيكون جميلاً

التجول في الشوارع بسيارة خضراء

والصراخ حتى الموت برداً.

لا أريد أن أظلّ جذراً في الدُّجى،

أتقلّب وأمتدّ وأرتعش من الحُلم،

بالأسفل، في أحشاء الأرض الرطبة،

أمتصُّ وأفكّرُ وآكلُ كل يوم.

لا أريد الكثير من المصائب.

لا أريد أن أظلّ جذراً، ضريحاً،

سرداباً أو قَبْوَ مَوْتى

مخدّراً من البرد وأموت حسرة.

وهكذا؛ يحترق يوم الاثنين كالبترول

عندما يراني آتياً بوجه السجن هذا،

ويعوي أثناء ذلك كعجلة جريحة،

ويتخذ خطوات من الدم الساخن تجاه الليل.

يدفعني إلى بعض الزوايا، إلى بعض المنازل النَّدِية،

إلى مستشفيات حيث العظام تخرج من النافذة،

إلى بعض محلات السِّكافة ورائحة الخل،

إلى شوارع فظيعة مثل تصدُّعات.

ثَمّة عصافير بلون الكبريت وأمعاء بشعة

معلقة على أبواب المنازل التي أكرهها،

ثَمّة أطقم أسنان منسية في رَكْوةِ قهوة،

ثمة مرايا

كان من المفترض أن تبكي خجلاً وفزعاً،

ثمة مظلات في كل مكان وسُمُوم وسُرَر.

أتمشّى هادئاً، بعينين، بأحذية

بغَضب، بنسيان،

أتمشّى، وأمُرّ بمكاتب ومحلات لبيع الأطراف الاصطناعية،

وباحات حيث الملابس المعلّقة على سلك:

سراويل داخلية ومناشف وأقمصة تبكي

دمعات متأنية قذرة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم