السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بعبدا تكرّم المهتمين بالعمارة التراثيّة من أبنائها

المصدر: "النهار"
رلى معوض
بعبدا تكرّم المهتمين بالعمارة التراثيّة من أبنائها
بعبدا تكرّم المهتمين بالعمارة التراثيّة من أبنائها
A+ A-

على تلك التلّة الجميلة المشرفة على العاصمة بيروت وبحرها، بعبدا، عاصمة المتصرفيّة آنذاك، حيث تتربّع السرايا بناء جميلاً يحتاج إلى الكثير الكثير من الاهتمام. وحيث إن عدداً من أهالي تلك البلدة الجميلة من مهندسين وأطباء وغيرهم، عرفوا قيمة منازلهم التراثية القديمة، وسلّطوا الضوء عليها من خلال ترميمها كأنهم بذلك يلقون التحية على الأسلاف، "أحيوا الحجر وأعطوه حياة جديدة"، كما قال أحد المكرمين في كلمته، الدكتور شارل صعب.

وتحت شعار "بعبدا الوطنية والإيمان"، وفي اليوم العالمي للتراث، دعت "جمعية حماية التراث في بعبدا" مع مجلس بلدية بعبدا ـ اللويزة إلى حفل تكريم خاص بـ"العمارة التراثية"، برعاية وحضور محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي، ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، والمستشار ميشال جريصاتي، واللواء عصام أبو جمرا، وعدد من المهتمين في صالون المجمع الرعوي لكنيسة القديسَين عبدا وفوقا.

وتحدث رئيس "جمعية حماية التراث" الياس معتوق عن "وضع الحارات التي زنّرت تلة بعبدا المشرفة على البحر، وما بقي منها إلا القليل، لذلك قررت الجمعية تكريم من اهتمّ بالحارات الباقية وساهم في المحافظة عليها". وقدّم نبذة عن كل حارة رُممت والمهندس الذي اهتمّ بها، وقال إن الدرع المقدمة هي مجسم لحاووز الماء في بعبدا الذي أنشأه المتصرف اسماعيل حقي باشا.

إلى كلمة المهندس مايكل معتوق الذي تحدث عن ذكرياته مع والده وحارات بعبدا القديمة. وقال "نكرّم من رمّم حارات كانت بخطر الاندثار".

وكانت نبذة عن المكرّمين من خلال فيلم قصير وبيوتهم التراثية الجميلة المرممة، إلى كلمة رئيس مجلس البلدية انطوان الحلو الذي شدد على أهمية الحفاظ على القديم الموروث وهو عمل ذاكرة، و"المهم ألّا ندع أحداً يسرق تراثنا، خصوصاً بعد ما نعانيه لأن جزءاً من تراثنا احتلته بلدية الحازمية، واليوم قطعنا شوطاً لاسترداد بعبدا عدداً من عقاراتها".

مكاوي

إلى كلمة راعي الاحتفال المحافظ محمد مكاوي، إذ قال "تلك العمارات تبقى هياكل لذكرياتنا وتاريخنا، وما من لبناني أصيل يتنكّر لتاريخه المشرّف، ففي حمايتها حفاظ على ما تبقى من رائحة الأهل والأجداد التي تطبع كل حجر من حجاراتها". واعتبر أن التكريم "يتعدى الأفراد الذين حافظوا على الأبنية التاريخية ليشكّل رسالة ثقافية وحضارية كفيلة بإغناء إرث وتاريخ هذه البلدة وإثرائهما، ليس فقط بالتراث المعماري، بل بتظهير مساهمة الأجداد في تطوير هوية ثقافية مميزة تجمع بين الأصالة والمعاصرة وتمثل نموذجاً مميزاً".

وأضاف أن "الحفاظ على التراث المعماري مسؤولية تاريخية إنسانية من أجل المساهمة في الإبقاء على معالم الماضي لكي يراها أبناء المستقبل". وتحدث عن مشروع حفظ الوثائق التاريخية التي تختزنها سرايا بعبدا ويفوق عددها المليون وثيقة بالتعاون مع جامعة الروح القدس ـ الكسليك. وختم آملاً أن "نشهد سوية حفل إطلاق ترميم سرايا بعبدا".

ختاماً، قُدِّمت الدروع للمكرمين والمهندسين الذين أنجزوا العمل وهم: انطوان الخوري حلو، رشيد عساف فياض، بيار الخوري حلو، الدكتور شارل هنري صعب، جورج شبل جمهوري، المهندسين الياس عيسى، جو كرم، فادي مكرزل.

حارات بعبدا التراثية

وعن بيوت بعبدا وحاراتها التراثية الجميلة، قال المهندس الياس عيسى لـ"النهار": "كسائر القرى اللبنانية، بُنيت بعض بيوت بعبدا في بداية القرن التاسع عشر، أي بين العامي 1820 و1840 على مرحلتين من طبقة واحدة، على الطريقة القديمة، أي من الحجر وسقفه مصنوع من جذع الشجر كاملاً مجبولاً بالقشّ والطين، يتم حدلها لمنع تسرب المياه. ومعظم الغرف كانت مستقلة ومن دون حمّام. وفي المرحلة نفسها بنى المقتدرون بعض البيوت المعقودة بالحجر. وفي المرحلة الثانية أضيف طابق آخر مع درج خارجي يؤدي إلى الطابق العلوي، مع توسع العائلة، والازدهار المادي الذي عرفته المنطقة بسبب طريق الحرير، وفي هذه المرحلة ظهرت القناطر الثلاث، حيث تأثرت الهندسة المعمارية اللبنانية بهندسة البندقية في حينها، وكذلك القرميد الأحمر من مرسيليا جنوب فرنسا الذي أخذ مكان السطح المكوّن من جذوع الشجر والطين، وبرزت الشرفة، وكانت تعتبر نوعاً من التحرر في العناصر الهندسية.

في بعبدا هناك العديد من البيوت التي تمّ ترميمها، وأخرى ما زالت على حالها لا بل مهددة بالانهيار بسبب الإهمال لعدة أسباب، منها غياب الموارد، أو مشاكل عقارية ومشاكل الإرث أو قانون البناء، وأحياناً لعدم اهتمام المالكين والمعنيين بالحفاظ على التراث الذي يحتضن تاريخنا.

"وهيك بيبقى كل حجر من حجار بعبدا يخبر سنين طويلة من حكايات الضيعة وأهلها".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم