الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

مبادرة كوشنر... هل هي أمل الفلسطينيين الأخير؟

فيصل ج. عباس- رئيس تحرير عرب نيوز
مبادرة كوشنر... هل هي أمل الفلسطينيين الأخير؟
مبادرة كوشنر... هل هي أمل الفلسطينيين الأخير؟
A+ A-

يستذكر الفلسطينيون الذكرى السنوية الحادية والسبعين للنكبة الفلسطينية، أو "يوم الكارثة" حين عانى الشعب الفلسطيني من النزوح والاحتلال والظلم نتيجة إعلان "استقلال" دولة إسرائيل.

منذ ذلك اليوم في العام 1948، باءت كل المحاولات لاسترجاع الأراضي الفلسطينية بالفشل، سواء كانت الوسائل سلمية أو عسكرية. وفي الواقع، كانت الظروف قد بدأت تتآمر على نجاح الفلسطينيين منذ زرعِ بذور دولة إسرائيل بواسطة إعلان بريطانيا لـ"وعد بلفور" في العام 1917. وتنعّمت إسرائيل بدعم فرنسا والمملكة المتحدة، وهما الدولتان الاستعماريتان اللتان ورثتا وجزّأتا الإمبراطورية العثمانية القديمة، كما وتتنعّم إسرائيل كذلك بدعمٍ سياسيّ وعسكريّ وماليّ هائل من الولايات المتحدة الأميركية. أما الفلسطينيون، فاعتمدوا على مساعدة العرب، وقد خسروا المزيد من الأراضي نتيجةً للحروب التي حاول العرب شنّها ضد إسرائيل، وضاعت فرص عدة لتحقيق السلام بسبب الانقسامات الفلسطينية الداخلية أو الرفض العربي أو الغرور الإسرائيلي.

وعندما أصدرت "عرب نيوز" عدداً خاصاً للذكرى السبعين للنكبة في العام الماضي، كتبتُ وقتها أنّ السلام كان "بعيد المنال ولكنه لا يزال ممكناً". وجادلتُ أنّه مع مرور الوقت، تزداد صعوبة تحقيق السلام، فإسرائيل تبني المزيد من المستوطنات غير المشروعة، وحماس تطلق المزيد من الصواريخ، وكل ذلك يزيد الحقد.

لكن خلال الأشهر القليلة الماضية، حدث تطور مهمّ قد يقلب الوضع ويجعل تحقيق السلام أكثر إمكانية وأقل صعوبةً وهو "خطة سلام جاريد كوشنر".

يشكّك كثيرون في جهود صهر الرئيس ترامب ومستشاره، إذ إن كوشنر تكتّم على اقتراحاته، وبالتالي فتح مجالاً للكثير من التكهنات، بما فيها نظرية عدم وجود خطة للسلام في الأصل.

يتذمر السياسيون والدبلوماسيون المخضرمون بسبب قلة خبرة كوشنر في هذه المسائل، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: ماذا أنجزوا هم خلال أكثر من سبعين عاماً من محاولة حلّ هذا الصراع؟

لهذا السبب، نجد جدلاً مضاداً قوياً يفرض نفسه، وهو أنه حان الوقت للتفكير بشكل أعمق، فكم ستكون قدرات جاريد كوشنر "ترامبية" إذا برهن أنه سيّد الصفقات ونجح في ما فشل فيه كثيرون؟

ومن المتوقع أن يُكشف عن مبادرة كوشنر في بداية حزيران/يونيو بعد شهر رمضان المبارك. إذاً، علامَ ستحتوي؟ على عكس بعض التكهنات الجامحة، علمت "عرب نيوز" من مصادر سعودية أن التسوية ستكون من خلال الحلّ القائم على وجود دولتين حيث يحظى الفلسطينيون بدولة خاصة بهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ التقارير حول محاولة السعودية فرض الاتفاق على الفلسطينيين غير صحيحة. وقال المصدر السعودي إنه "سيظل أي اقتراح خاضعاً لموافقة الطرفَين الفلسطيني والإسرائيلي والتزامهما به. كان هذا الموقف السعودي في كل عرض سلام، بما فيه مبادرة السلام العربية التي أطلقتها السعودية في العام 2002". وفيما ستشمل خطة سلام كوشنر بعض جوانب تلك المبادرة، فهي حتماً لن تكون نسخة طبق الأصل عنها.

إلا أن خطة كوشنر ستتطلب تضحيات مؤلمة من الطرفَين. بالطبع ستضع حدّاً للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي، ولكنّها قد تشمل تبادل أراضٍ متنازع عليها، وستكفل أيضاً الأمن الإسرائيلي من خلال إيجاد طرق موافق عليها لتأمين الحدود والسيطرة على الأسلحة القادمة إلى الدولة الفلسطينية.

وقد أنكر المصدران اللذان تحدثت معهما "عرب نيوز" (أحدهما سعودي والآخر أميركي) نظريات المؤامرة حول دولة بديلة للفلسطينيين في مصر أو الأردن أو بلد آخر. كما قال المصدر الأميركي: "يفهم الأميركيون أيضاً أهمية القدس بالنسبة إلى الطرفَين، وأهمية المسجد الأقصى بالنسبة إلى المسلمين"، وسيضمن أي اتفاق الإجماع على ذلك".

أما كيف تستطيع السعودية المساعدة؟ بحسب المصدر السعودي، إنّ المملكة العربية السعودية، موطن الحرمَين الشريفَين، وحدها قادرة على إقناع البلدان العربية والمسلمة بدعم المحاولة بعد أن يوافق عليها الفلسطينيون. وكذلك، ستعمل الرياض، من كثب، مع البلدان المانحة لضمان حياة مستدامة ومزدهرة للفلسطينيين بحيث يتمكّنون أخيراً من التركيز على التعليم والوظائف والاقتصاد الأفضل.

وقال المصدر: "ستؤدّي الدول الأخرى دوراً مهماً إذ إن الأردن اضطلعت بدور أساسي تاريخي، وكذلك مصر. ويمكن للجهات المانحة والشركاء في التنمية مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والدول الأخرى المساعدة أيضاً".

هل ينبغي أن يقبل الفلسطينيون بهذا؟ طبعاً لا، يمكن التوصل إلى قرار نهائي قبل رؤية الخطة بكاملها. ولكن مع ذلك، سيكون من الجنون تكرار الأمر ذاته وتوقع نتائج مختلفة؛ فخلال سبعين عاماً، كل مرة رفض العرب أمراً، خسر الفلسطينيون المزيد من الأراضي، والمزيد من الحقوق، والمزيد من الفرص.

لا بد أن ندرك أن هذه قد تكون الفرصة الأخيرة لضمان الحلّ القائم على وجود دولتين. لذلك ينبغي أن يفاوض الفلسطينيون بشراسة وأخذ ما يقدرون عليه لضمان دولة للأجيال المستقبلة. وسيشيّد الجميع بشجاعتهم وتضحيتهم إذا فعلوا ذلك، فيما لن يكسبوا أيّ شيء من رفضهم المجيء إلى طاولة المفاوضات.

وبالطبع، فإن إسرائيل تراهن على الرفض الفلسطيني، حيث سيسمح ذلك للإسرائيليين بادعاء أنهم قاموا بكل ما في وسعهم لضمان اتفاق ولكنهم جوبهوا بالرفض، وسيشجع إدارة ترامب السخية معهم أصلاً على إعطائهم المزيد من الضوء الأخضر للاستمرار في نهجهم الاستيطاني.

لذلك فالنصيحة هي: لنعطِ السلام فرصة!

*المقال مترجم عن صحيفة "عرب نيوز" السعودية الصادرة بالإنكليزية

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم