الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل دخل التصعيد الأميركيّ-الإيرانيّ في "سباق مع الزمن"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

بين التهديد والحرب.. مناورة خطرة

تحدّث الإيرانيّون مراراَ عن احتمالات الردّ في حال مُنعت بلادهم من تصدير النفط. لعلّ التهديد الأبرز جاء أوائل تمّوز الماضي على لسان الرئيس الإيرانيّ حسن روحاني الذي نقل موقع الرئاسة قوله أن "لا معنى لوقف تصدير النفط الإيرانيّ بينما يجري تصدير نفط المنطقة". وقد حظي هذا الموقف بإشادة المتشدّدين حينها، فيما أطلق قائد القوّة البحريّة في الحرس الثوريّ تهديداً مشابهاً في نيسان الماضي. ويوم الجمعة حذّرت الإدارة الأميركيّة للملاحة البحريّة من أنّ إيران قد تستهدف سفناً تجاريّة من بينها ناقلات نفط أثناء إبحارها عبر الممرّات المائيّة في منطقة الشرق الأوسط. لكنّ وزارة الخارجيّة الإيرانيّة وصفت عمليّات التخريب بأنّها "مقلقة ومؤسفة" داعية إلى إجراء تحقيقات ومحذّرة من "مغامرة لاعبين خارجيّين" لعرقلة أمن الملاحة.

هل بدأت إيران تردّ على التصعيد بشكل محدود في ما يمكن أن يكون مجرّد جسّ نبض أميركيّ؟ أيّاً يكن الجواب، قلّة فقط تعتقد أنّ إشعال فتيل عسكريّ سيظلّ قابلاً لأن تتمّ السيطرة عليه في الخليج العربيّ. وزير الخارجيّة البريطانيّ جيريمي هانت دعا إلى الهدوء معبّراً عن مخاوف من "حرب غير قصديّة" بسبب التوتّر. أمّا نظيره الأميركيّ مايك بومبيو فأجّل زيارته إلى روسيا التي كانت مقرّرة اليوم الاثنين فتوجّه إلى بروكسل من أجل مناقشة "مسائل ملحّة" متعلّقة بإيران مع دول المجموعة الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا. ورفضت الدول الأوروبية الأسبوع الماضي "إنذار" طهران بتقليص التزاماتها المتعلّقة بالبرنامج النوويّ. وتؤكّد أوروبا الحفاظ على الاتّفاق الموقّع سنة 2015 على الرغم من الانسحاب الأميركيّ ومن تلويح إيران بتخفيض موجباتها فيه. وكان بومبيو قد أعلن السبت أنّ البيت الأبيض سيرحّب بأيّ فرصة للحوار مع الإيرانيّين مشدّداً على أنّ إرسال القطع العسكريّة هي من أجل الردع لأن لا نيّة لدى واشنطن بشنّ الحرب.

قد تكون جميع هذه التطوّرات مؤشّراً إضافيّاً إلى أنّ احتمالات اندلاع حرب غير قصديّة تتزايد. وما يؤكّد ذلك بحسب البعض هو عدم إنشاء قنوات تواصل بين البلدين. فمدير مركز "مشروع إيران" ومقرّه واشنطن علي فائز قال لشبكة "سي أن بي سي" الأميركيّة: "مع الكثير من التوتّر والاحتكاك بين الدولتين وبعدم وجود أيّ قناة للتواصل أو طريق للمخرج، يبدو أنّه ليس لدى إدارة ترامب استراتيجيّة خفض تصعيد فعّالة باستثناء أن تأمل بأنّ إبراز عضلاتها سيرعب الإيرانيّين. وهذه مناورة محفوفة بالمخاطر".


مشاهد مشتركة بين 2005 و 2021؟

مع ذلك، إنّ مساحات التهدئة ليست منتفية. ثمة مساران متوازيان ترتبط نهايتاهما بعدد من العوامل الخارجيّة لكن الأهمّ أيضاً، داخليّة. مساعد رئيس المعهد الأسترالي للشؤون الدوليّة آيان دودجون رأى أنّ العلاقات بين الولايات المتّحدة وإيران دخلتا فعلاً في "سباق مع الزمن". يشرح دودجون في موقع "ذا استراتيجيست" الأستراليّ أنّ هذا السباق مرتبط أوّلاً بالانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة سنة 2020 والتي تشكّل نقطة محوريّة في الصراع بين الطرفين. فهي ستكون سباق نجاة بالنسبة إلى إيران التي تأمل من الانتخابات أن توصل رئيساً ديموقراطيّاً يرفع العقوبات عنها. وهي من جهة أخرى، سباق لاحتواء نفوذ طهران بالنسبة إلى ترامب الذي ليس له دافع سوى التشدّد معها.

لكن ماذا لو صمدت إيران أكثر من 18 شهراً وفاز ترامب بولاية ثانية؟ يجيب دودجون بأنّ المهلة الانتخابيّة الثانية ستتعلّق بالانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة في آب 2021، مشيراً إلى أنّ المتشدّد محمود أحمدي نجاد حلّ مكان المعتدل محمد خاتمي في انتخابات 2005 ردّاً على تصعيد واشنطن آنذاك إزاء إيران. ومع احتمال تكرار تجربة مشابهة سنة 2021، فهذا لن يحسّن على الأرجح الاستقرار الإقليمي بحسب تعبير الباحث.


مخارج محتملة؟

قد يكون هنالك نقاط تشابه بين المرحلة المقبلة والمرحلة التي سبقت مجيء محمود أحمدي نجاد. فالعقوبات الأميركيّة تكاد لا تتوقّف على إيران، إذ فرض ترامب عقوبات جديدة على قطاع الصناعة المعدنيّة التي تشمل الألومينيوم والصلب النحاس. وتعود صادرات هذا القطاع بما بين 5 إلى 6 مليارات دولار سنويّاً للخزينة الإيرانيّة. ومع انتهاء الإعفاءات من العقوبات النفطيّة منذ حوالي عشرة أيّام، من المتوقّع أن يكون لهذه العقوبات مزيد من التداعيات على الاقتصاد الإيرانيّ. لكن من نقاط التشابه مع تلك المرحلة على الأرجح هو نيّة ترامب في إجراء حوار جديد مع الإيرانيّين الذين دعاهم للتفاوض معه بعدما ترك رقماً لدى الرئاسة السويسريّة يمكن للإيرانيّين التواصل معه من خلاله. جاء الردّ الإيرانيّ الرافض سريعاً ليكشف عن احتمالات استمرار حال المراوحة السلبيّة بين الطرفين.

ذهب دودجون للإشارة إلى أنّ التصعيد الأميركيّ أتى بمحمودي نجاد إلى الرئاسة، علماً أنّ التشدّد في السياسة الأميركيّة تجاه إيران لم يكن في ذروته سنة 2005. وبالعكس، حين ازدادت العزلة التي فرضتها الأمم المتّحدة والولايات المتّحدة على إيران سنة 2013، انتخب الإيرانيّون رئيساً محسوباً على المعتدلين. لذلك، على الرغم من عدم وجود قنوات اتّصال مباشرة بين البلدين بحسب فائز، فإنّ سبل إيجاد مخارج للتصعيد لن تكون معدومة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم