الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

حلب تستعيد حماماتها الشعبيّة: تدليك وفرك وماء ساخن، و"رجعت الأمور متل ما كانت"

المصدر: "رويترز"
حلب تستعيد حماماتها الشعبيّة: تدليك وفرك وماء ساخن، و"رجعت الأمور متل ما كانت"
حلب تستعيد حماماتها الشعبيّة: تدليك وفرك وماء ساخن، و"رجعت الأمور متل ما كانت"
A+ A-

جلس أفراد من أُسرتي منصور ووفائي عند مدخل حمّام باب الأحمر الشعبي في #حلب، إحياء لزيارة كانوا يقومون بها أسبوعيا قبل اندلاع الحرب السورية.

كانت الحمامات العامة التقليدية من أساسيات الحياة في حلب منذ قرون، بغرفها الحجرية المشبعة بالبخار، ومدلكيها ومغنيها التقليديين. لكن نظرا الى وجودها في منطقة معارك بالبلدة القديمة، اضطر معظمها الى الإغلاق.

وخمدت المعارك في حلب أواخر 2016، رغم استمرارها في أماكن أخرى بسوريا. وأُعيد الآن فتح أربعة من نحو 50 حماما عاما في حلب، وعاد بعض الزبائن القدامى الى تلك الحمامات، ومعهم عملاء جدد أصغر من أن تعي ذاكرتهم الحياة في مدينتهم قبل الحرب.

من هؤلاء الزبائن، عمر منصور (37 عاما)، وصهره مالك وفائي (36 عاما) اللذان كان من المعتاد لهما الاستحمام في حمام باب الأحمر ليل كل خميس.

وفي أول زيارة لهما للحمام بعد الحرب، رافقهما، للمرة الاولى، أبناؤهما جهاد (13 عاما)، وليث الله (11 عاما)، ومحمد نور (10 اعوام) ويزن (5 اعوام).

وقال عمر منصور، بالعامية السورية، وهو سائق سيارة أجرة: "أكثر قعداتنا كانت كل خميس نيجي فيها ع حمام السوق. فبسبب الحرب والظروف اللي عدت علينا في البلد ما قدرنا بفترة الحرب هي السبع ثمان سنين إنه نتواصل ونيجي على حمام السوق، نرجع متل ما كنا. فالحمد لله هلق رجعت الأمور متل ما كانت، وطبعاً هاي زيارتنا الأولى من بعد ثمان سنين حرب يعني جينا وقضينا وقت حلو والحمد لله".

وأومأ الأطفال برؤوسهم، مؤيدين ما قاله بحماسة.

وكان الرجلان وأبناؤهما في غرفة الاستقبال المرتفعة ذات القبة، يجلسون على أحد المقاعد الحجرية المثبتة بجانب جدران الغرفة فوق أرضية يغرقها ماء وبها نافورة.

وأضاف منصور أن زيارة الحمام من عاداتهم، ولا علاقة لها بأشياء أخرى. "ما لها علاقة لا المي (الماء) ولا الكهرباء، هاي عاداتنا وتقاليدنا إنه بنيجي فيها ع حمام السوق".

ويخلع العملاء ملابسهم في هذه الغرفة، ويلفون أنفسهم بمناشف قبل دخول الجزء الداخلي من الحمام، وهو مكان يشبه متاهة دافئة ورطبة وغرف تعلوها قباب وممرات بقباب تؤدي في النهاية إلى حوض ماء بارد ومكان معبأ بالبخار.


في الداخل، كان خمسة رجال يجلسون بسراويل سباحة في حجرة صغيرة حول صينية معدنية عليها أطباق محلية، منها الكبة تضم لحما نيئا متبلا مع قمح برغل (كبة نية) وخبزا رقيقا مع جبن.

وفي غرفة أخرى، كانت مجموعة من الشباب يغنون بصخب أغنيات زفاف، ويحدثون جلبة بأوعية بلاستيكية ويرشون بعضهم بالماء.

وتخصص أوقات المساء في الحمام العام للرجال، فيما تكون ساعات النهار للنساء.

ويغسل الزبائن أجسامهم بصابون الزيتون الحلبي وورق الغار، قبل أن يغتسلوا بماء ساخن في أحواض حجرية كبيرة في غرف الاستحمام.

ويتولى مدلك كبير السن تدليك جلد الزبائن، واحدا تلو الآخر، وفي يده قفاز خشن يفرك به أجسامهم، قبل أن يغرقهم في ماء ساخن ليظهر جلدهم وقد تحول الى اللون الأحمر.

ولاحقا يلف عامل آخر في الحمام مناشف حول أجسام الزبائن، بحيث يطوق الخصر والكتفين والرأس بقطعة قماش بيضاء ناعمة، قبل عودتهم الى منطقة المدخل.

وتنتشر الحمامات الشعبية التقليدية التي دمرت بعضها الحرب في أنحاء حلب القديمة. وتبدو قبابها المميزة مثقوبة مثل المصفاة، مع فتحات مستديرة من الزجاج الملون الذي صار حطاما أو سقط في غرف يملؤها ركام وقمامة.

وورد في بعض الأحيان، أثناء الحرب السورية، أن نقص الماء ووقود التدفئة والكهرباء دفع الناس للذهاب للحمامات العامة في دمشق. لكن لم يقل أي من زبائن حمام باب الأحمر في حلب إن هذا هو سبب حضورهم.

وقال ثائر خير الله، مالك حمام باب الأحمر، إنه أعاد فتحه في كانون الأول بعد عملية تجديد استمرت أربعة أشهر. وأوضح أن عدد المترددين على الحمام حاليا يقدر بنحو ربع زبائنه قبل الحرب، مرجعا ذلك لفرار كثير من سكان المدينة بسبب الحرب.

وأضاف خير الله بالعامية السورية: "هدا الحمام كان قبل فيه توافد عليه، متل ها الوقت هدا كان يتواجد أشخاص بالأخص اليوم خميس متل ما انكم شايفين بيكون ما فيه محل، بيكون الزحمة والعجقة. كل العالم بتتوجه بالأخص التميز فيه يوم الخميس بيكون كتير زحمة فيه، لأنه يكون ثاني يوم عطلة، فكلهم بييجوا على حمام السوق وبيرجعوا لعاداتهم وتقاليدهم القديمة".

ووراء خير الله كان موسيقي تقليدي، مُسن، يعتمر طربوشا وعباءة سوداء مزينة بحواف مذهبة فوق حلته، يعزف على آلة القانون الموسيقية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم