الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

خطّة عمل وآليّة تنفيذ لوضع ناهبي الخير العام في "الإقامة الجبرية" وإعادة إنتاج السلطة الديموقراطيّة

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
خطّة عمل وآليّة تنفيذ لوضع ناهبي الخير العام في "الإقامة الجبرية" وإعادة إنتاج السلطة الديموقراطيّة
خطّة عمل وآليّة تنفيذ لوضع ناهبي الخير العام في "الإقامة الجبرية" وإعادة إنتاج السلطة الديموقراطيّة
A+ A-

كتبتُ أوّل من أمس الثلثاء في موقع "النهار" الألكتروني مقالًا في لزوم وضع كبار أهل السلطة والفساد ووحوش المال في "الإقامة الجبريّة"، بهدف استعادة ما نُهِب من أموالٍ وحقوق عامّة، وبهدف إعادة الثقة بدولة القانون والحقّ والحرية والديموقراطيّة في لبنان.



ما كان ينقص المقال المذكور، لتجسيد فاعلية الفكرة، هو أنّي اكتفيتُ بإلقاء مسؤوليّة التنفيذ على عاتق "فدائيّين"، من دون أن أبلور الخطة، ومن دون أن أوضح كيف يستطيع هؤلاء أن ينوجدوا، وأن يعملوا، وأيّ الوسائل يمكن أن يستخدموا، والضغوط التي يجب أن يمارسوا، من أجل تفعيل الضغط والتأثير، بما يجبر المرتكبين على وقف الارتكاب أولًا، وعلى تصحيح الارتكاب ثانيًا، بإعادة ما سُرِق من أموال الخزينة والمواطنين.

فمَن هم هؤلاء "الفدائيّون"؟ وكيف يمكن تنشئتهم وتدريبهم وتهيئتهم للقيام بالمهام الموكلة إليهم؟ وما هي آليّات التنفيذ التي تمكّن هؤلاء "ديموقراطيًّا" من وضع هؤلاء المرتكبين في "الإقامة الجبريّة"، وإبقائهم في تلك "الإقامة الجبريّة" حتى يعود الحقّ إلى أصحابه؟

أسارع إلى القول بكلّ بساطة، إنّي لستُ شخصًا مؤهّلًا لوضع "خطّةٍ" عملانيّةٍ كهذه. فأنا في أفضل الأحوال، فردٌ أعمل جاهدًا لاستحقاق شرف المواطَنة، وأكتب لأستحقّ شرف التعبير عن هواجس الناس المسروقة أحلامهم في العيش الحرّ السيّد الكريم، تحت سقف دولةٍ حرّةٍ سيّدةٍ وكريمة.

الخطّة الموعودة للتمكّن من "إلقاء القبض" على هؤلاء الذين يمكرون بالدولة ومواطنيها، ليست مستحيلة، لا من حيث اعتبارها فكرةً واجبة الوجود، ولا من حيث اعتبارها آليّةً موضوعيّةً قابلةً للتنفيذ.

في هذا السياق، قد يكون من المستحسن أن تتضافر على وجه السرعة، خبرات عددٍ نظيفٍ حرٍّ نزيهٍ وحكيمٍ من الرؤيويّين الفاعلين العملانيّين، لاجتراح وسائل الضغط الديموقراطيّ المنظّم، وأن تتفاعل مواهبهم، وتتلاقح، الآن، فورًاً، في مؤتمرٍ طارئٍ، بعيدٍ من أسباب الاستعراض والبهورة والمنافسة، والخروج بخطة العمل الموعودة.

أصحاب هؤلاء الخبرات والمواهب، موجودون في كلّ القطاعات، وعلى كلّ المستويات.

هؤلاء عمّال، فلاّحون، ميكانيكيّون، موظّفون، إداريّون، تربويّون، قادة رأي، رجال أعمال، أساتذة، مفكّرون، أطّباء، محامون، قضاة، أدباء، شعراء، وفنانّون...

هؤلاء، بعرق جبينهم أكلوا خبزهم، ويُطعِمون أولادهم بعرق جبينهم نفسه، ويعوّدونهم أن يأكلوا بالطريقة الشريفة والكريمة نفسها.

لم يصل لبنان إلى حدّ الافتقار إلى أمثال هؤلاء.

لا تيأسوا. هؤلاء موجودون في كلّ القطاعات والمراتب والمستويات، ويجب أن يجتمعوا الآن، فورًا، و"يأتمروا"، ويفكّروا، ويبتدعوا خطّة العمل التاريخيّة المناسبة، ويضعوها موضع التنفيذ. الآن، وفورًا.

أصحاب هؤلاء الخبرات والمواهب يجب – أوّلًا بأوّل - أن يكونوا من عابري الضغائن والأحقاد والصغائر والمصالح والمطامع والطوائف والمذاهب والأحزاب والتيّارات والمناصب والمراكز.

هذا شرطٌ مطلقٌ لهويّة هؤلاء "الفدائيين".

نزاهة هؤلاء، وحريّتهم الروحيّة، وأخلاقيّاتهم المعياريّة، وكفاءاتهم الفكريّة والثقافيّة والنضاليّة، وترفّعهم عن طلب السلطة، هي شروطٌ مطلقةٌ للشروع في المهمّة.

مهمّتي المتواضعة جدًّا، أن أنادي هؤلاء، أن أستنهضهم، وأن "أستدعيهم" من انكفائهم أو تقاعسهم أو انشغالهم أو عدم انتباههم، بصفتي مواطنًا وكاتبًا، ليكونوا "فدائيّي" هذه المهمّة التاريخيّة الفريدة.

دور هؤلاء سيفعل فعله حيث هم فاعلون وعاملون ومؤثّرون.

وهم فاعلون وعاملون ومؤثّرون في كلّ مكان، وحيث يجب، وساعة يجب.

بهذه الطريقة تُبنى خطّة العمل وتوضع آليّات التنفيذ، ويخرج "الرأي العام" المعتقل من طوائفه ومذاهبه وأحزابه وقطيعيّته.

وبهذه الطريقة - ولِمَ لا - يُعلَن العصيان المدنيّ الديموقراطيّ، الحرّ، النظيف، النقيّ، النزيه، القويّ، العابر للضغائن والأحقاد والصغائر والمطامع والطوائف والمذاهب والأحزاب والمناصب والمراكز.

الآن، وفورًا، أيّتها السيّدات والسادة.

من هذا الطريق بالذات، تُبتَدَع خطّة العمل لوضع "هؤلاء" المرتكبين المسؤولين، "كلّ هؤلاء" الفاسدين السرّاق الناهبين المتورّطين في "الإقامة الجبريّة". على أن يبقوا في هذه "الإقامة الجبريّة" إلى أن تُعاد الأموال إلى خزينة الدولة، وتُعاد الدولة الى الدولة، لتصير دولة الحقّ والقانون والحريّة والديموقراطيّة.

هؤلاء "الفدائيّون" – ومعهم "الرأي العام الخارج من معتقل القطيعيّة - هم محض مواطنين. وليسوا "سوبر مواطنين".

إنّهم في هذه الحال، في هذه الحال فقط، يستحقّون شرف المواطنة، بالانضمام إلى خطّة العمل هذه، والانخراط في آليّات التنفيذ.

من شأن ذلك، أن يفتح بابًا للأمل الموضوعيّ، لإسقاط هذه السلطة بالوسائل الديموقراطيّة – وسائل الضغط الديموقراطيّ المنظّم - وإعادة إنتاج سلطةٍ ديموقراطيّة، تحت سقف دولة السيادة والحقّ والقانون والحريّة والعدالة والمساواة.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم