الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

لو كان لي...

بارعة الأحمر
لو كان لي...
لو كان لي...
A+ A-

لو كان لي، لجمعت كلّ الصور التي التقطت لأكداس الدولارات، والأوروات، والذهب المكدس، في خزائن بن علي وزوجته، والقذافي وأولاده، والبشير، وعلي عبدالله صالح، وبوتفليقة وكل ديكتاتور سقط منذ عام 2010، لوضعتها في فيلم وثائقي قصير، وسيكون أقرب إلى الخيال.

لو كان لي...

لجمعت لقطات لهؤلاء المجرمين وهم يهربون من قصورهم، أو يختبئون في أماكن قذرة ومعتمة، أو يقتلون في الشوارع، ولتركت كل هذا الأرشيف المخجل والمذلّ للشعوب، مفتوحاً للإضافة، لأن المسلسل لم يكتمل بعد، فمثل هؤلاء المجرمين لم يزل حياً يعيش بيننا، لا بل وما زال يحكمنا. مثل هؤلاء يستمرون في السرقة، ويواصلون الكذب بقولهم إنهم لم يسرقوا، بل إن الحسابات المصرفية المشفّرة، والقصور والسيارات والطائرات، كلها هبطت من السماء، أو كسبوها بعرق جبينهم، أو ورثتها عائلاتهم، أو عائلات زوجاتهم.

صور مذلّة للشعوب العربية المذهولة، هي التي صمتت دهراً، أو هاجرت قسراً، أو ماتت قهراً، أو انتحرت طعناً، أو استشهدت غدراً، في حروب عبثية اختلقت عمداً

لو كان لي...

لأصدرت بحق من بقي من المجرمين أحياءً، أحكاماً بالسجن الأبدي: مليون عام، وشهر. فهم لم يسرقوا أموالنا وكرامتنا وحسب، بل سرقوا أعمارنا، وضحك أطفالنا، ومستقبلاً دفنوه مع تلك الأموال وسبائك الذهب.

لو كان لي...

لعرضت هذه الصور والأفلام على شاشات كل التلفزيونات اللبنانية، بدل برامج الضحك والتهكم والغباء، وعلى كل وسائل التواصل الاجتماعي، وبدل صفحات الموضة وصور الجميلات شبه العاريات إلا من أوهامهن وأمراضهن النفسية

لو كان لي...

لوضعت تلك الصور تحت أنوف وعيون السياسيين اللبنانيين المرتاحين، الوقحين، الواثقين، المتأكدين ظناً بأنهم سينجون بفعلتهم، وبأنهم ارتكبوا "الجريمة الكاملة" بتهريب ملياراتهم المنهوبة من أعمار أولادنا إلى الخارج، إلى جنات تبييض الأموال، وتهريب صفقاتهم وعقاراتهم وشركاتهم المشبوهة الى أسماء زوجاتهم أو عشيقاتهم أو أولادهم...

لو كان لي...

لذكّرت السياسيين اللبنانيين بأن كل تلك الأموال وسبائك الذهب التي خبأها "القادة" العرب للأيام السود، ظناً منهم أنها ستشتري ولاء جنرالاتهم عندما يخرج الجياع الى الشوارع، لم تنفعهم في أحلك أيامهم، ولم يتسنَّ لهم أن يشتروا بها بندقية واحدة تحميهم، لأن صوت الجياع والمظلومين والمنهوبين كان أقوى.

لو كان لي أن أقول، فسأقول إنّ أموال الناس سيستعيدها الناس، فمهما بيّضتموها، ومهما لوّنتموها ستظلّ ملطّخة بدم الناس، وستعود إليهم ولو بعد حين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم