الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

كتاب مذكرات خامنئي: مسؤولية الأصولي حين يكاشف ولا يكشف

جهاد الزين
جهاد الزين
Bookmark
كتاب مذكرات خامنئي: مسؤولية الأصولي حين يكاشف ولا يكشف
كتاب مذكرات خامنئي: مسؤولية الأصولي حين يكاشف ولا يكشف
A+ A-
غير الإعجاب المشترك بالشاعر محمد مهدي الجواهري لا شيء مشتركا جوهريا بيني وبين السيد علي خامنئي "المرشد الأعلى" للنظام في إيران. غير أنه عليّ أن أضيف داخل هذا المشترَك الشِّعري أن علي خامئني ينقل في الفصل الذي يخصِّص بضعَ صفحاتٍ منه (59-60 - 61-62) للجواهري في كتاب مذكراته والتي أملاها باللغة العربية على مساعدين، ينقل أبياتا للشاعر العراقي والعربي الكبير تهاجم ، أي الأبيات، رجالَ الدين. ينقلها وهو يعلن أنه "تألّم منها" لأنها " تنم عن فهم خاطئ للدين"... لكنه ينقلها حرفيا، وهذه تُسجّل لخامنئي، وهي ثلاثة أبيات شجاعة للجواهري:نامي على تلك العِظا تِ الغُرِّ من ذاك الإمامْيوصيكِ أن تَدَعي المَباهِجَ واللذائذَ للِّئامْوتُعوِّضي عن كل ذالِكَ بالسجودِ وبالقيامْقبل ذلك كان خامنئي في سياق الإعجاب بالشاعر قد نقل البيتين الشهيرين من القصيدة نفسها وهما:نامي جِياعَ الشعبِ ناميحرَسَتْكِ آلهةُ الطعامْنامي فإنْ لمْ تشبعيمن يقْظةٍ فمِنَ المنامْفي جيل الجواهري حتى داخل مدينة النجف كان نقد رجال الدين المحافظين بمعظمهم وتخلفهم الفكري هو التيار السائد لدى نخب مدنية معظمها ليبرالي ويساري وكان هذا التيار يضم أحيانا رجال دين شباباً. و الجواهري نجفيُّ الأصول والمنبت وارتدى العمامة لفترة بحسب ما يقول الجواهري - لا خامنئي- في مذكرات قديمة من جزءين نَشرَ في مقدمة الجزء الأول منها صورتَه معمما. لدينا في جبل عامل في لبنان مثقفون شيعة بين الثلاثينات والخمسينات والستينات من القرن العشرين كانوا شهيرين بهذا التوجه، أي النقد اللاذع لرجال الدين، وأخصهم بالذكر الشاعر (الراحل) موسى الزين شرارة. وكان متعلمو الجنوب اللبناني المتزايدون عددا يومها يتداولون أبياته المتهكِّمة على العمائم بشكل واسع. كان نجم هذا الجيل النقدي للتحرر الديني الأبرز بين الشعراء في العراق والعالم العربي هو الجواهري. هذا تيار نقدي أخذ بالانكفاء ثقافيا وسياسيا كلما صعدت الموجةُ الدينية الأصولية سواء في إيران أو العالم المسلم. كان هذا، ثقافيا في العالم العربي، جيلَ طه حسين بامتياز ولم يكن محمد مهدي الجواهري خارج نطاق التأثير الذي مارسته ظاهرة طه حسين وغيره من الرموز المصرية النقدية على كل الثقافة العربية. وفي فقرات خاصة تحت عنوان: "أزمة العمامة" يتحدث خامنئي عن ظاهرة عاشها هي "الاستهزاء بالعمامة" في إيران ويعترف أنها "تحولت إلى روح جماعية لفّت كل قطاعات المجتمع". كما يروي حوادث شخصية تعرض لها هو كمعمّم، لكنه يعتبرها "نتيجة خطة مدروسة... لفصل علماء الدين عن المجتمع والحياة" (ص33-34-35)خامنئي مع كل هذا الإعجاب بالجواهري لم يذكر مطلقا أنه، أي الجواهري، كان قريبا جدا من الحزب الشيوعي العراقي، مع أنه صار شاعر الوطنية العراقية كلها.في مذكرات خامنئي نموذج واضح جدا لتأثُّر حركة الإسلاميين الإيرانيين تحت قيادة الإمام الخميني، أي الحركة الخمينية، بحركة الإخوان المسلمين المصرية وبسيد قطب تحديدا. فخامنئي هو الكادر المتحرك تحت قيادة الخميني منذ كان الخميني مقيماً في قم في أوائل الستينات من القرن الماضي. لكننا مع علي خامنئي نحن مع مترجم سيد قطب إلى الفارسية! ولعله الأساسي بين مترجمي قطب. يقول أنه ترجم لقطب كتاب "المستقبل لهذا الدين" وكتاب "الإسلام ومشكلات الحضارة" وكتاب "في ظلال القرآن". وهذاالكتاب الأخير للمفكر الأكثر راديكالية في الحركات الأصولية يقول علي خامنئي إنه "كان متفاعلاً معه بشدة" و"تَرْجَمْتُهُ بكل مشاعري وأحاسيسي، أَنْفعل ببعض العبارات، فينتصب لها شعرُ بَدَني". (ص 56).لنسجّل بعض المفارقات المتصلة في مذكرات خامنئي:المفارقة الأولى التي تحضر هنا استطرادا لما سبق هو...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم