الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

لماذا الألم؟

المطران كيرلس بسترس
المطران كيرلس بسترس
Bookmark
A+ A-
من أين يأتي الألم؟ الإنسان كائنٌ لا يملك غايتَه في ذاته. إنّه يحيا مع أناس آخرين وهو مرتبطٌ بمحيطه وبالمجتمع الذي يتحرّك فيه. هذا الانفتاح وهذه الحاجة إلى الغير يحدّدان الإنسانَ في كلّ ثنايا جسده وكلّ خَلَجات نفسه. لذلك يجب التعريف بحياة الإنسان على أنّها طريقٌ يعبر العالَمَ وتحدّد معالمَه اللقاءات المختلفة مع سائر الناس. وبذلك هو معرّضٌ لأمور كثيرة، والألم جزءٌ من حياته. والمحاولة الخياليّة لمنع الألم كلّيًّا عن الإنسان تعني التخلّيَ الجذريّ عن اندماجه بالعالَم وعن كلّ إمكانات الاتّصال بسائر الناس، كما هي الحال في فلسفة "التأمّل التجاوزي"، وما يسمّونه حالة "النيرڤانا". ومن ثَمَّ فالتعرُّضُ للألم هو جزءٌ من الكيان الإنسانيّ. وبما أنّ الإنسان، بسبب طبيعته الجسديّة - الروحيّة، هو في ذاته متعدّد البعد، ينتج من ذلك أنَّ تعرُّضَ الإنسان للألم يرتدي أشكالاً كثيرةَ التنوّع.الإنسان هو أوّلاً كائن جسديّ. لذلك هو في علاقة تداخل ماديّة مع محيطه، وهو معرّضٌ لمختلف التأثيرات التي يمكن أن تُصيبَه مباشرة. فالعذابات الجسديّة هي الأشكال التي ترافق مثلَ هذا النوع من الألم. ولكن يدخل أيضًا في طبيعة الإنسان شكلٌ مميَّزٌ جدًّا من الكيان الجسديّ "الباطنيّ". وهو يظهر على نحوٍ ما في المشاعر. فالإنسان ليس أسيرَ طبيعة جسديّة من النوع الخارجيّ فحسب. فجسده وسلوكه الجسديّ يتوجّهان بالحريّ إلى مُجمَل الأوضاع المحيطة به، فيُحِسّ بها. إنّها تُثير فيه صدىً، ومن ثمَّ يستطيع أن يشعرَ بالألم والفرح، بالراحة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم