في ذكرى الحرب: وقائع تاريخية نادرة عن علاقة المسيحيين والدروز في الجبل

ويمكن الملاحظة أن كثيرا من المعلومات لم تكن دقيقة، ومن أبرزها حادثة جون عكار، التي يُظهِرها التقليد التاريخي اللبناني على أنها بدأت كعملّية سطو تعرّضت له قافلة الضرائب العثمانية على الشاطئ اللبناني شمال طرابلس وهي في طريقها إلى اسطنبول، وانتهت كنتيجة للاتهام الذي وجّه إلى قرقماز معن وأتباعه بتحميلهم مسؤولية الحادثة. إلا أن المصادر العثمانية المعاصرة لتلك الفترة، وفق الدراسة، تؤكد أن قافلة الضرائب وصلت كاملة إلى اسطنبول. حلّلت هذه الحادثة من خلال النص الذي تركه البطريرك اسطفان الدويهي في كتاب "تاريخ الأزمنة"، للوصول إلى استنتاج مفاده أن تاريخ الشوف في القرن السادس عشر (1518-1585) تميز بحالة تمرد وثورة قادها الدروز ضد العثمانيين، وقد ردّ العثمانيون بحملات تأديبية عدة، كانت حملة 1585 أعنفها تدميرا بالنسبة الى بلاد الشوف. وتتناول الدراسة أيضا طبيعة لبنان وأثرها على توزع الطوائف، وتعالج حركة النزوح الماروني التي ازدهرت في عهد فخر الدين الثاني. لم تتناول الكتب المدرسية هذه الظاهرة بل ركّزت على انفتاح الأمير على مختلف الطوائف اللبنانية، وعلى رغبته الدائمة في الحصول على الاستقلال، ومن هنا كان اتصاله بالغرب.وتشير الدراسة الى أن الموارنة كانوا منذ بداية القرن السادس عشر قد بدأوا بالنزوح إلى كسروان التي اعتبرت بالنسبة إليهم مدى إقتصادي آمن. وزاد نمو الموارنة فيها طوال القرن السادس عشر، لمبادرة الامير عساف في عمار الأراضي التي كانت بيده، وبسبب اتساع رقعتها بحيث كانت تمتد قديما من نهر ابراهيم إلى نهر بيروت - الجمعانة، وبسبب مساعدة المعنيين آل الخازن على حكم كسروان. ومع الخوازنة، تحولت كسروان...