الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

عطية لـ"النهار": المساءلة حتى النهاية في التوظيف العشوائي في المستشفيات الحكومية

المصدر: "النهار"
كلوديت سركيس
كلوديت سركيس
A+ A-

يمكن اعتبار قرار رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية خطوة سباقة لما قد يصدر عن مجلس النواب من توصيات حيال التوظيفات غير الشرعية التي تسبب بها وزراء في الحكومة السابقة، لجهة تكليفه المفتشية العامة الادارية والمفتشية العامة الصحية في التفتيش المركزي القيام بالتحقيقات والتفتيش الشامل في كل التوظيف الذي جرى خلافا للاصول في المستشفيات الحكومية، وعددها 35 مستشفى، تمهيدا لإيداعه نتائج هذه التحقيقات وتطبيق الاصول القانونية المقتضاة التي تثبت في حق كل من خالف القانون وتجاوز احترام السلطة التشريعية والمال العام وحق الناس في الاستشفاء العام. فالتحقيق الذي طلب القاضي عطية إجراءه مع كل مجالس إدارة المستشفيات الحكومية لبيان أرقام التوظيفات في هذه المستشفيات من دون موافقة وزير الصحة، وهو الشرط الذي يوجبه قانون سلسلة الرتب والرواتب الصادر في آب 2017، ويحظر التوظيف العام إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتشير المعلومات الى أن ثمة وزراء أقدموا على هذه التوظيفات غير القانونية. وهذه الناحية تعود المساءلة في صددها الى مجلس النواب، وهو ما أخذته على عاتقها لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبرهيم كنعان. فقد عقدت سلسلة اجتماعات تسائل خلالها الوزراء المعنيين في حضور رئيس التفتيش المركزي ورئيس مجلس الخدمة المدنية. وتبعا لصلاحية التفتيش المركزي في التكليف الذي أصدره القاضي عطية الى المفتشيتين بالتحقيق مع رؤساء مجالس الادارة في المستشفيات الحكومية لجهة التوظيفات التي تمت من دون إذن الوزير، فإن التفتيش المركزي سيحاسب كل موظف عام من الاداريين، سواء كان رئيس مجلس إدارة او مديرا عاما عند ثبوت قيامه بهذه التوظيفات العشوائية.

وطبقا لهذه المعلومات، فإن نحو 500 موظف استخدموا في المستشفيات الحكومية في شكل غير شرعي ومخالف للقانون رقم 46/2017. وقد صارح وزير الصحة لجنة المال والموازنة بأن "نسبة كبيرة من هذه التوظيفات لم تعرض على وزير الصحة لأخذ موافقته". وهذه النسبة سيجلوها التحقيق الجاري بطلب من التفتيش المركزي. وتذهب هذه المعلومات الى ان بعض التوظيفات تمت لصلة قربى من مسؤولين إداريين، بما ينعكس ضررا على المرفق العام.

ويأتي تدخل التفتيش المركزي للمساءلة في المرفق العام الصحي بالاستناد الى المادة 21 من هذا القانون التي تشترط أن يرخص مجلس الوزراء مع دراسة مركز الابحاث والتوجيه في مجلس الخدمة المدنية بهذه التوظيفات. ووفق التقارير المرفوعة الى التفتيش المركزي، فإن هذه التوظيفات غير الشرعية شملت معظم الوزارات وجرى تكليف القاضي عطية بالقيام بالتحقيق اللازم من أجل معرفة أرقام هذه التوظيفات وتحديد أماكنها. وفي ضوء ذلك، أصدر تكليفا بالتحقيق في هذا الموضوع. وقد زودته كل الادارات والمؤسسات العامة والبلديات البيانات اللازمة ورفع تقرير الى لجنة المال والموازنة التي دعت في جلسات عدة الى دراسة هذا التقرير في حضور الوزراء المعنيين والقاضي عطية ورئيس مجلس الخدمة المدنية. وتضمن التقرير أرقاما بالتوظيفات غير القانونية لا تزال موضع اختلاف وقيد المناقشة، وغير نهائية. وتبعا لهذا التقرير تبين أن وزارات أجرت توظيفات، بعضها بعقود من الوزراء. وهذا الشق سيكون موضع مساءلة من مجلس النواب من خلال تقرير لجنة المال والموازنة المنتظر وما سيصدر عنها من ترتيب مسؤوليات. أما في ما خص الشق المتعلق بصلاحية التفتيش المركزي، فإن أي استخدام قانوني للتوظيف يجب أن يقترن بموافقة وزير الصحة وإلا يقع على عاتق رئيس مجلس الادارة أو المدير العام في المستشفى المعني. وسيمضي التفتيش المركزي قدما في هذا الملف، وفق الاصداء، في تحمل مسؤولياته مرتكزا على صلاحياته القانونية والدستورية للمحاسبة في شأن إهدار المال العام والتعاقد خلافا للقانون، وذلك تكريسا لاحترام السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب. وهذا ما جاهر به القاضي عطية في مؤتمره الصحافي، إذ قال إن المستشفيات الحكومية هي نصف أعين المراقبة نظرا الى ارتداداتها على صحة الناس، لأن التفتيش المركزي يعتبر ان كل توظيف في المستشفيات الحكومية لا يستوفي الشروط القانونية يشكل حملا ثقيلا وعبئا على المرفق العام الصحي، باعتبار أن الاستخدام البشري وفقا للاصول يكون باختيار الافضل لهذا المرفق، ولاسيما أن صحة الناس هي الاساس بعيدا من أي اعتبار آخر. وهذا ما ترعاه المادة 21 التي لحظت أن المسلك الطبيعي لتقرير الحاجة إلى التوظيف يكون عبر إدارة الابحاث والتوجيه بدرس مدى الحاجة ليرفعها الوزير المختص إلى مجلس الوزراء، إذذاك تتصف التوظيفات بتوظيفات شرعية وبأنها احترمت نص هذه المادة.

وفي انتظار نتائج هذه التحقيقات ومصيرها لجهة ترتيب المسؤوليات والمحاسبة من هيئة التفتيش المركزي، إكتفى رئيسها القاضي عطية بالقول في اتصال لـ"النهار" أن "لا اعتبار يعلو على اعتبار المرفق الصحي العام، والمساءلة من التفتيش المركزي ماضية حتى النهاية".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم