الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل سيجعل "البريكست" لندن أكثر تشدداً تجاه إيران؟

المصدر: "ميدل إيست مونيتور"
"النهار"
A+ A-

تحولات داخلية محتملة

إنّ تنفيذاً شاملاً للبريكست، بما فيه خروج من دون اتّفاق أو طلاق صعب، سيرضي مطلقي حملة "المغادرة". وهذا سيدفع على الأرجح السياسات البريطانيّة إلى اليمين وسيعزّز المحافظين المتشددين في البرلمان، وليس فقط بسبب وجود ما يسمى ب "مجموعة الأبحاث الأوروبية" المتعاطفة مع إدارة ترامب. سيثير هذا الأمر المتاعب لطهران وقد يشجّع لندن على اعتماد سياسة واشنطن حول الاتّفاق النوويّ، خصوصاً إذا استبق البريطانيّون المشكّكون بالاتّحاد والموجودون في السلطة انتصاراً آخر لترامب في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة. وهذا سيناريو اكتسب زخماً عقب تبرئة المحقق الخاص روبرت مولر للرئيس الأميركي من التواطؤ مع روسيا.


توترات ثنائيّة

توتّرت العلاقات الإيرانيّة-البريطانيّة خلال السنوات القليلة الماضية. مصدرٌ بارز للتوتّر نشأ بسبب الخلاف المستمر حول نازانين زاغاري راتكليف، وهي مواطنة مزدوجة الجنسية مسجونة في إيران منذ نيسان 2016 بناء على تهم بالتجسس والتخريب. وفي أواخر شباط، أعلن وزير الداخليّة البريطانيّ ساجد جاويد خطط حكومته بتوسيع حظر إرهابي على حزب الله ووضع المجموعة بكاملها على اللائحة السوداء من أجل سلوكها "المزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط.

اليوم، ووفقاً للقانون البريطاني، إنّ أيّ شخص ينضم لحزب الله أو يعمل على تقديم الدعم له سيكون في موقع المرتكب لاعتداء جرمي يمكن أن يؤدي إلى حكم بالسجن يصل إلى عشر سنوات. كانت إيران سريعة في الرد إذ انتقد الناطق باسم وزارة الخارجيّة الإيرانيّة بهرام قاسمي الحكومة البريطانيّة لأنّها "تجاهلت عمداً جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني"، بالنظر إلى حضور حزب الله القوي في السلطة اللبنانيّة. سادت نظرة عامة في طهران إلى هذا الإجراء على أنّه محاولة من لندن للتقرب من واشنطن وتل أبيب ضد المصالح الإيرانية في المنطقة.

أواخر السنة الماضية، تحدّثت تقارير عن أنّ إيران استهدفت أجزاء أساسية من البنية التحتية الوطنيّة لبريطانيا خلال "اعتداء سيبيري بارز" أدى إلى اختراق "10204 سجل بيانات... سُرقت من قوائم العناوين العالمية للبرلمان" إضافة إلى أمور أخرى وفقاً لشبكة "سكاي نيوز". من المتوقع أن تزداد هذه التوترات حدة في مرحلة ما بعد البريكست إذا أفسحت رئيسة الوزراء البريطانيّة تيريزا ماي المجال أمام وصول سياسيّ أكثر تشدّداً.


أسباب إقليمية ودولية

سيكون على دولة بريطانية مستقلة عن الاتّحاد الأوروبي أن تعتمد أكثر في تجارتها على الولايات المتّحدة كما على حلفائها العرب التقليديّين في الخليج مثل السعودية والإمارات من أجل التعويض عن الخسائر الاقتصاديّة التي من المحتمل أن تواجهها بعد الخروج من الاتّحاد. وغالبية الشركاء غير الأوروبيين منتقدة بشكل مستمر للاتّفاق النووي مع إيران. مؤشرات شبه الاستقلالية هذه يمكن رؤيتها في دعم بريطانيا الجوهري للتدخل العسكري في اليمن الذي تقوده السعودية.

في وثائقي عرضته مؤخراً القناة الرابعة البريطانية بعنوان "حرب بريطانيا الخفية" ويظهر مدى انخراط لندن في الحملة العسكرية داخل اليمن، قال مسؤول بريطاني تقني كان موجوداً في السعودية حتى وقت قريب إنّه لو سحبت بريطانيا دعمها، بما فيه توفير مقاتلات "تايفون" والذخائر والتدريب، فعندها، "خلال 7 إلى 14 يوماً، لن يكون هنالك مقاتلة في الأجواء" فوق اليمن. ومع ذلك، لم يتم سحب هذا الدعم، وعلى الأرجح بسبب حسابات اقتصاديّة. رخصت لندن على الأقل ما يساوي 4.7 مليار جنيه استرليني (6.13 مليار دولار) من صادرات الأسلحة إلى السعودية و 860 مليون جنيه استرليني (مليار و 121 مليون دولار) إلى شركائها في التحالف منذ أوائل 2015. من المتوقع أن تكسب هذه المسارات زخماً بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.


هل تغادر الاتفاق؟

يشير بهروش أخيراً إلى أنّه ليس واضحاً بشكل كامل أي شكل سيكون عليه "البريكست" أو حتى ما إذا كان سيحصل. لكن مع ذلك، كلما أصبحت لندن معتمدة على شركائها المناهضين لإيران في الشرق الأوسط وعلى الضفة الأخرى من الأطلسي، سيتضاءل الحافز لاعتماد موقف معتدل تجاه إيران وتجاه برنامجيها النووي والصاروخي. لن يعني هذا بالضرورة أنّ بريطانيا ستغادر الاتفاق النوويّ عقب البريكست، لكنها على الأرجح ستتوقف عن بذل الكثير من الجهود كما تفعل قوى أوروبية أخرى من أجل إبقاء إيران في الاتفاق.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم