الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

صحة جنسية - سؤال للسنة المقبلة... لماذا علينا أن نمارس الجنس بإنتظام؟

الدكتور بيارو كرم
A+ A-

إشكالية الرغبة الجنسيّة وأهمية ممارسة الجنس لدى المرأة كما الرجل. الجنس مفيد للصحة! للحياة الجنسيّة صلة مباشرة بالصحة العامة! ممارسة الجنس مفيدة للقلب والجسد والروح! إن كان لديكم أدنى شك في الموضوع، إليكم الأدلة.


للرجال أولاً
ترفع ممارسة الجنس من مستويات هرمون "التستوستيرون" الذي يعزز صحة العظم والعضلات! وهذا ما يُثبت أن ممارسة العمل الجنسي يمكن أن تشكل وقاية من إرتفاع ضغط الدم والإكتئاب ومختلف أنواع الأمراض السرطانيّة! كما أن ممارسة الجنس بإنتظام تشكل حماية للبروستات، لأن القذف المنتظم يحافظ على صحة البروستات! في الوقت الذي يعاني فيه معظم الرجال المتقدمين في العمر مشكلات البروستات، إلاّ أن أولئك الذين يواصلون ممارسة الجنس لا يعانون غالباً هذا النوع من المشكلات.
بعد الخمسين من العمر، يتراجع حكماً إنتصاب الرجل الذي لا يستخدم قضيبه بإنتظام. المحافظة على القدرة على الإنتصاب أسهل بكثير من إستعادتها. ممارسة الجنس هي بمثابة "مدرب" للقضيب!


والمرأة؟
إن ممارسة النشاط الجنسي يزيد من إفراز "الأوكسيتوسين" لدى المرأة، وهو هرمون مفيد للثديين وإفراز المواد المزلقة التي تسمح للمهبل بالمحافظة على مرونته! كما ترتفع مستويات الأستروجين عند ممارسة الجنس مما يؤدي إلى دورة شهرية أكثر إنتظاماً! وهذا ما يسمح ، مع هامش بسيط من الخطأ، بمعرفة الوقت المحدد لإباضة المرأة والتحكم بشكل أفضل بالإنجاب ومنع الحمل! وتشير الدراسات إلى أن التحفيز المهبلي يزيد من القدرة على تحمّل الألم، كذلك الأمر بالنسبة الى التحفيز الذاتي للبظر خلال الإستمناء للحصول على المتعة! تلك الآلام التي تواكب الإنقباضات وأوجاع المفاصل، والصداع والأعراض الأخرى التي تشعر بها المرأة خلال الطمث، أي الدورة الشهرية. ممارسة الجنس مفيدة للدورة الشهرية، الجنس إذاً يخفف من الألم! بعد إنقطاع الطمث، يتقلّص حجم المهبل لدى المرأة التي لا تمارس الجنس بإنتظام ويصبح أكثر عرضةً للمشكلات والإلتهابات. يساهم العمل الجنسي في محافظة المهبل على حجمه، وليونته ومرونته! الجنس هو منقذ للمهبل!


بالنسبة إليهما
الجنس مضاد فعّال للإجهاد! تتقلص العضلات خلال العمل الجنسي لتعود بعد ذلك وترتخي بشكل أفضل. وهذه هي تحديداً التقنية العلمية المستخدمة فعلياً للإسترخاء العميق. متى توصّل الجسد إلى حالةٍ من إلإسترخاء التام، يتبعه العقل حكماً!
ممارسة الجنس منوّم طبيعي يسمح لنا بالنوم العميق! فنحن عندما نمارس الجنس، ننسى حكماً مشكلاتنا وتختفي همومنا ويكون نومنا سهلاً وهادئاً. وعندما نمارس العمل الجنسي، نتنفس بشكل أفضل!
عند ممارسة العمل الجنسي بشكل منتظم ودائم، يكون جسمنا أكثر مقاومةً للأمراض على أنواعها! إقامة علاقات جنسية مرة أو مرتين أسبوعياً يؤدي إلى زيادة بنسبة 30 % في مستوى الغلوبولين المناعي "ألف" عند الشريكين، مما يعزز المناعة! والحياة الجنسية النشطة تسهم أيضاً في التخفيف من خطر الإصابة بالأمراض السرطانية، وأمراض القلب والسكتة الدماغية! والمعروف عن الجنس أنه مضاد طبيعي للهيستامين، لا يجب التقليل من شأنه وهو فعّال ضد حمّى الكلأ - الحساسية الموسميّة- وأعراض الربو!
عند بلوغ الرعشة، يفرز الدماغ المورفين الطبيعي. والأندورفينات هي مضادات فعّالة للألم وخصوصاً في حالة الصداع وأوجاع الأسنان وحتى أوجاع العظم! كما أن الجنس يحمي من ترقق العظام! نعم، هذا صحيح. فالأستروجين الذي ترتفع مستوياته خلال العمل الجنسي، يمنع العظام من أن تصبح أكثر هشاشة مع التقدم في العمر ويحدّ من إحتمال حصول كسر عند أقل صدمة؛ لذلك وتفادياً لعدم القدرة على السير بسبب قدم مكسورة: فلنمارس الجنس...!


أكثر شباباً
كلما مارسنا الجنس، ظهرنا أكثر شباباً! فالحياة الجنسية المُرضية والسعيدة هي سر الشباب الدائم وفقاً لدراسة شملت 3500 شخص راوحت أعمارهم بين سن 18 و الـ 102. ووفقاً للباحثين، فإن هذه الظاهرة تعود لعوامل مرتبطة بالنشاط الجنسي ومن بينها التخفيف من الإجهاد، ومستويات أعلى من الرضى، ونوم أفضل! خلال ممارسة العمل الجنسي، وكما هي الحال عندما نمارس التمارين الرياضية، نحرق سعرات حرارية ودهون بمعدل 96 سعرة حرارية خلال 20 دقيقة في حالة شخص يزن حوالى 68 كيلوغراماً!
نعيش لسنوات أطول إذا مارسنا الجنس مراراً وتكراراً! إذ تبيّن وفقاً لدراسة طولية أجريت في المملكة المتحدة وتمحورت على العلاقة بين معدل الوفيات ووتيرة العمل الجنسي، أن خطر الوفاة كان أقل بخمسين في المائة عند الرجال والنساء الذين يقيمون علاقات جنسية مرتين أسبوعياً أو أكثر مقارنة بأولئك الذين يمارسون الجنس أقل من مرة واحدة شهرياً. وتوصلت الدراسة إلى أنه حتى لو أضفنا عوامل ومعطيات العمر والمستوى الإجتماعي والتدخين، سنكون في حال أفضل كلما ارتفعت وتيرة ممارستنا للجنس! يشكل تكرار الممارسات الجنسية ومستوى المتعة المرتبطة بهذه الممارسة، عوامل مُبشّرة المهمة لطول العمر!


لماذا نمارس الجنس؟
إضافة إلى المنافع الجسدية للنشاط الجنسي، بإمكان الشريكين أيضاً الإستمتاع بمنافعه النفسيّة والإستفادة منها. إن ممارسة الجنس علاج فعّال مضاد للإجهاد! خلال العمل الجسدي، يسمح للعاشقين بإفراز الهرمونات وميل الدماغ إلى التركيز على الحواس وليس على مشكلات الحياة اليومية، بأن يكونا أكثر إسترخاءً وإبتهاجاً! نحن مبرمجون بحيث نحتاج إلى أن يندمج أحدنا بالآخر، لأهمية حياتنا الجنسية ولأن الحاجة تتحكّم بنا؛ الحاجة إلى الإندماج والإلتحام، والإنصهار والإتحاد، وإلى إشباع متعتنا الجسدية والحصول على أكبر قدر ممكن من الأمان العاطفي! تدفعنا الهرمونات التي يفرزها جسمنا خلال العلاقة الجنسية إلى البحث والسعي دائماً وراء المزيد من الإتصال الجسدي والمداعبات الجنسية. وفي محصلة هذا الإتصال الحسي والجنسي، تأتي الرعشة لتغيّر جذرياً إدراكنا الطبيعي! النشوة والإفتتان والإعجاب الشديد؛ هذه هي العناصر التي تجعلنا نحلّق في سماء المتعة! ولكن وفي الوقت الذي تتّقد فيه الأحاسيس والحواس والإدراك، يُفرز جسدنا الأكسيتوسين، وهو هرمون الإرتباط والمودة. هكذا تتحول المتعة إلى عشق! تؤدي كل هذه الهرمونات التي تعمل بأقصى طاقاتها إلى إفراز الدوبامين الذي يُعزّز ما يُعرف بـ"دورة التحفيز". الدوبامين هو الذي يدفعنا إلى الإقدام والجرأة ومواجهة التحديات! كما يؤدي تراجع أو إنخفاض مستويات هذا الهرمون بفعل غياب العشيق، أو تخلّيه، إلى القلق والإكتئاب بدرجات متفاوتة وفقاً لبنيتنا النفسية العاطفية وقدرتنا على التعامل مع النقص.
ونعرف أيضاً بفضل التحليل النفسي أن كيمياء الحياة الجنسية لا تترك مجالاً للصدفة وإنما تنشأ على إثر تلاقي اللاوعي لشخصين وقع إختيار كل منهما على الآخر؛ حركة أو صوت أو بثرة على البشرة أو طريقة نطق كلمة أو تصرف، توقظ أعمق ما لدينا وما كان يرقد في أعماقنا! وتعيد تفعيل ذاكرتنا العاطفية الأقدم ، ذاكرة روابطنا الأولى، بغفلة منا. عندما نمارس الجنس، نعيش نوعاً من النكوص (Régression) وهي حالة لا شعورية تعيدنا إلى مرحلة أول رابط عاطفي إلتحامي وتعيد تفعيله!
مع العمل الجنسي يتوسع الواقع العادي الذي نعيشه ويبدو وكأن كل الأبواب الموجودة فينا أو التي تحوطنا تنفتح وتشتدّ العواطف وتتضخم الإنفعالات! وعند النشوة تزول الرتابة. تكسو الغشاوة النظر، فيما يصبح السمع إنتقائياً. لا نرى ونسمع إلاّ ما يتناسب مع توقعاتنا على مستوى الوعي واللاوعي. لا نرى في الآخر سوى ما نتصوره فيه، هذه هي تحديداً أُسس الشغف!
نُخفّف من شأن عيوبنا ونُعدّل سلوكنا وأذواقنا والأمور التي نُفضلها لكي نزيد من إهتمام الآخر. إنه وقت المواربة ولا يُفلت أحد من هذا الأمر. هو حلم وفقاً لـ"فرويد": يُعرّف "فرويد" الحلم بأنه تحقيق لرغبة ما، وفي هذا الحلم يقوم العشيق بتلبية توقعاتنا ورغباتنا وحاجاتنا. العمل الجنسي هو حالة هذيانية تحثّنا على الإنفصال المؤقت عن ثقل حياتنا الواقعية وعن الحاضر الذي نعيشه ... هو تغيير حقيقي على مستوى الوعي! بالنسبة الى العشيق، يتحوّل الشخص العادي بطلاً رائعاً وجبّاراً!


الكشف عن الذات
في العمل الجنسي تكمن أيضاً قوة خفيّة تدفعنا إلى الكشف عن ذاتنا والتعري بالكامل. على الآخر الا يجهل أي أمر عنا، والعكس صحيح. هو هوام الإندماج! في لغة الجنس، واحد زائد واحد يساوي واحداً. نجد في الآخر الجزء الذي ينقصنا - النصف الآخر. يضفي الجنس على هذا الهوام ترابطاً وتماسكاً وإنسجاماً خاصاً. فالجماع والعمل الجنسي، ولأسباب فيزيولوجية محضة، يجعلانا نصبح بالفعل شخص واحد وجسد واحد، مما يؤدي، ولو مؤقتاً، إلى إنتفاء الإحساس بعدم الكمال أو النقص الذي غالباً ما ينتابنا! تؤدي قوة هوام الإندماج في العلاقة الجنسية إلى نوع من الرقابة على رغباتنا لمصلحة سيناريوهات تُرضي الآخر بشكل خاص. ولكن، أكثر ما يربطنا هو إكتشاف متعة رائعة لم تكن معروفة لنا من قبل، تضع الشريك في مكانة بطل لا مثيل له "إيروتيكياً". من الصعب في هذه الحالة التحرر من سطوة مستحبة ولذيذة!
إن حياتنا الجنسية هي تكرار للعواطف والإنفعالات الأولى التي شعرنا بها كأطفال، إلاّ أننا لا نعتاد عليها أبداً. فهي المرة الأولى في كل مرة؛ تلك التي تدفعنا إلى الرغبة في الإنطلاق من الصفر! تؤمن النشوة الجنسية إحساساً بأننا لا نقهر وقادرون على التغلب على كل شيء. في السرير لا نكترث سوى بقوة العاطفة كما لو أنها إثبات على أصالتها وواقعيتها!
وبسبب حاجتنا إلى الإنتماء والإندماج، نشعر بالرغبة في ممارسة الجنس. تسمح لنا عاداتنا الجنسية الجيدة في الإنغماس في حميميّة متجددة دائماً! يؤدي العمل الجنسي إلى الشغف الذي يضعنا بدوره في حالة من اللاوعي الجزئي، وعندها نستغني بسهولة عن بقية العالم!
على كل شريك صراع نرجسيته والإهتمام بمسيرة الآخر وتطلعاته. الإحساس بحب الآخر ورغبته فينا يُحسّن صورتنا الذاتية، كما يرفع معنوياتنا. وداعاً للأفكار السوداء! الجنس مضاد ساحر للإكتئاب!


صحة وعافية
يعزز الجنس الإحساس بالصحة والعافية! يشعر الأشخاص الذين يتمتعون بحياة جنسية جيدة بمزيد من السعادة وراحة البال. ومن هنا يُشكّل الجنس عنصراً حقيقياً في صحة الإنسان عموماً ونوعية حياته. تُعزّز العلاقات والممارسات والأفعال الجنسية الصحة الجنسية والإنجابية والسعادة على حد سواء! وكما أشرنا سابقاً، فالنشاط الجنسي يُحفّز إفراز الأندورفينات وهي مواد مفيدة للصحة وتُعزّز الإحساس بالمتعة والإسترخاء وتُخفّف تالياً من الإجهاد! والرعشة ترفع مستويات الأوكسيتوسين والأندورفينات التي تتمتع بتأثير حقيقي مضاد للألم وهذا ما يُفسّر خلودنا للنوم غالباً بعد ممارسة الجنس! عوض تناول الأدوية، فلنمارس الجنس...!
لا يجب أن نتغاضى هنا عن فوائد تبادل القبل وأهميتها. فالقبلة هي بمثابة منظّف طبيعي للأسنان كونها تحمي مينا الأسنان! كما يُعزّز التقبيل من إنتاج اللعاب الذي يقضي بدوره على الأحماض التي تسبّب التسوّس. والقبلة تُقوّي المناعة! تبادل القبل يؤدي إلى إنتقال الميكروبات وهو أمر يُعزّز مقاومة الجسد ومناعته. والقبلة أيضاً تقوّي وتشدّ عضلات الوجه! فنحن نستخدم ثلاثين عضلة مختلفة عندما نتبادل القبل. تبادل اللعاب يزيد من إفراز مادة الدوبامين، وهي عبارة عن ناقل عصبي يؤدي دوراً مهماً في الإحساس بالحب والتعلّق العاطفي والرومانسي! لحياةٍ أكثر سعادة ... فلنمارس الجنس ونتبادل القبل...


*إختصاصي صحة نفسيّة وصحة جنسيّة
www.heavenhealthclinic.com


[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم