الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

رافقتكم السلامة على "طريق الموت"

المصدر: النهار
ندى أيوب
A+ A-

ربما على كلِّ سالكٍ لأوتوستراد الزهراني – النبطية، دعوة الخالق بأن ترافقه السلامة حتى نقطة عبوره الأوتوستراد. على "طريق الموت" تلك أعداد هائلة لحوادث سيرٍ تحصد منذ ثلاث سنوات أرواحاً لم تعد بقليلة. أحدٌ لم يتحرّك للحدّ منها سوى مبادرة فرديّة لبعض أهالي المنطقة، وتحرّكٍ متأخرٍ جداً لبلدية زفتا إحدى البلديات التي يمرّ الأوتوستراد ضمن نطاقها البلدي، في ظل غياب تامّ لبقية البلديات المعنيّة والوزارات. إلى أن وصل عدد القتلى خلال الأشهر الماضية إلى ما يقارب الـ3 بحسب تقديرات الأهالي، وجريحين حالتهما خطرة لا يزلان في العناية المركّزة. فضلاً عن العديد من الضحايا الّذين سقطوا خلال السنوات الماضية، فما كان من الأهالي اليوم إلاّ أن أطلقوا الصرخة!

في الأسباب...

قبل نحو 50 عاماً، وتحديداً في العام 1968 شقّ أوتوستراد صيدا ــ النبطية بلدة دير الزهراني إلى نصفين. هذا الأوتوستراد وبحسب كلٍّ من عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب هاني قبيسي وأحد سكان المنطقة عفيف شومان في حديثهما لـ"النهار"، "لم يتمّ تأهيله وتعبيده منذ العام 1997، ما خلا بعض "الترقيع" للحُفَر من قبل وزارة الأشغال في الآونة الأخيرة. يعدّد شومان أسباب وقوع الحوادث، بحسب مشاهداته:

" -على طول 18 كلم (طول الأوتوستراد)، أعمدة لا تعمل منذ 5 سنوات، توقفّت بسبب أعطال تقنية لم تُعالَج.

- الكثير من الفتحات العشوائية ومسالك الالتفاف غير المدروسة.

-غير مؤهلة للسير في الشتاء نتجية كثرة الانزلاقات عليه.

-في الليل تغيب الإنارة عن الأوتوستراد. كما تغيب المسامير والعواكس الضوئية.

-غياب تام للقوى الأمنية على طول الأوتوستراد.

-رادارات السير منذ فترة طويلة لم تبدّل أماكنها، وأصبح بإمكان السائقين التحايل وتخفيف السرعة قربها فقط.

-على طول 20 كلم، يوجد 3 لافتات فقط تحدد السرعة القصوى.

- ارتفاع الفاصل الإسمنتي بين خطَّي الأوتوستراد 15 سنتم في حين أن الارتفاع المطلوب بحسب قانون تنظيم الأوتوسترادات هو بين المتر والمتر ونصف المتر".

سبع بلديات يمر "طريق الموت" ضمن نطاقها: حبوش، دير الزهراني، كفررمان، المروانية، النجارية، كفروة وزفتا. وبعد مناشدات كثيرة طالب خلالها الأهالي بلدياتهم بالعمل وإصلاح ما أمكن للتخفيف من حجم المشكلة كونهم سلطات محلية، يتحمّلون مسؤوليةً بدلاً من انتظار الوزارات غير الآبهة. تحرّكت بلدية زفتا وأصلحت 115 عامود كهرباء على الأوتوستراد تقع ضمن نطاقها البلدي. وفي هذا الصدد يقول شومان "في غضون 4 ساعات وبتكلفة ليست بباهظة، أنجزت بلدية زفتا أعمال الصيانة ووضعت حدّاً لإهمال دام 5 سنوات".

الصرخة القديمة للأهالي تجددت قبل 4 أشهر، ومع صمّ الوزارات والمعنيين لآذانهم، بادر بعض أصحاب المحال الواقعة على جانبي الطريق، وعلى نفقتهم الخاصة، إلى تركيب عواكس ضوئية على الفاصل الإسمنتي وفي الأماكن الخَطِرة على طول الأوتوستراد.

العذر بعجز الدولة!

رسمياً، أعدّت وزارة الأشغال ملفاً متكاملاً لتأهيل الطريق المذكور، بحسب مديرها العام طانيوس بولس، الذي يلفت إلى أن "عجز الدولة المالي يؤخّر التنفيذ، ونحن بحاجة إلى موافقة من مجلس النواب على اعتماد كبير يتطلّبه تأهيل الأوتوستراد". تأهيلٌ سيشمل الإنارة واللافتات والإشارات الضوئية والتعبيد.

وانطلاقاً من قانون السير الذي منح البلديات صلاحيات واسعة وألقى على عاتقها مسؤولية سلامة الطرق والأملاك العامة ضمن نطاقها البلدي، يتّهم بولس البلديات المعنية بالتقصير "تغيّب الشرطة البلدية التي تنظّم السير، وإهمال أعمدة الكهرباء المتضررة والمعطّلة". ويذهب أكثر من ذلك بالقول "البلديات هي من استحدثت تحويلات خطرة من دون الأخذ بالاعتبار شروط السلامة المرورية ومخالِفة نظام تنظيم الأوتوسترادات الذي يمنع الدخول والخروج إلى ومن الأوتوستراد إلا في نقاط محددة"، معتبراً أن "مساعدة البلديات للوزارة ضروري".

وعن سنوات الاهمال المتراكمة لتلك الطريق، يردّ بولس الأمر إلى السبب نفسه "موازناتنا لم تكن كافية، فكنا نلجأ إلى الصيانة البسيطة الطارئة كما سيحصل اليوم في حال لم يُقَرّ الاعتماد".

إثارة الملف في الحكومة؟

يقلل النائب هاني قبيسي من ذريعة العجز المالي في حالات كهذه تهدد حياة المواطنين، سائلاً "مالية الدولة اليوم في أزمة، لكن ماذا عن الماضي؟ ما عذر الإهمال؟". ولفت إلى أنه "تمّ التواصل مع وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فينيانوس الذي وعد بصيانة الطريق بأسرع وقتٍ ممكن، والمتابعة مع الوزارة لم تتوقف حتى الساعة للضغط باتجاه المعالجة السريعة باعتبارها المسؤولة الرئيسية عن الطريق".

ولدى سؤاله عن الخطوة التالية التي قد يتخذها كنائبٍ عن المنطقة، في حال بقاء الوضع على حاله دون تحرك فعلي على الأرض، يجيب قبيسي "غذا تخلّفت الوزارة، سنثير الملف في مجلس الوزراء نظراً لخطورته على السلامة العامة".

وعصر الأمس، نفّذ أهالي المنطقة والجوار وذوو الضحية علي جابر من كفرصير، الذي قضى بحادث سير على الأوتوستراد، اعتصاماً لكثرة حوادث السير. وأصدروا بياناً استنكروا فيه "إهمال وزارة الاشغال بتأهيل أوتوستراد حبوش-النبطية، وهو شريان حيوي يربط صيدا بالنبطية ومرجعيون وحاصبيا"، متسائلين "لماذا البطء في العمل وأولادنا يموتون كل يوم على هذه الطريق من دون أن نسمع من يرأف بمعاناتنا؟".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم