الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل معدلات الانتحار في السويد حقاً مرتفعة بسبب "الرفاهية الزائدة"؟

جاد محيدلي
هل معدلات الانتحار في السويد حقاً مرتفعة بسبب "الرفاهية الزائدة"؟
هل معدلات الانتحار في السويد حقاً مرتفعة بسبب "الرفاهية الزائدة"؟
A+ A-

أول ما يخطر في بالنا عند الحديث عن السويد هو أنها بلد متطور وحديث وديمقراطي وشعبه يعيش برفاهية كبيرة ويعتبر من أغنى الشعوب، لا بل تصنف المملكة على أنها أيضاً من أسعد دول العالم. لكن إلى جانب ذلك، دائماً ما يخطر في بالنا هو أنه على الرغم من كل الإيجابيات، فإن معدلات الانتحار هناك مرتفعة بسبب الرفاهيّة الزائدة التي يعيشها مواطنوها أو بسبب الطقس البارد. فما هي أسباب ظاهرة الانتحار أو بالأحرى ما حقيقة هذه الشائعة؟

وفق موقع sverigesradio السويدي ومنظمة الصحة العالمية، بدأ انتشار هذه المعلومة عام 1960 وتحديداً من الولايات المتحدة الأميركية، حيث قال رئيسها آنذاك، دوايت أيزنهاور، الذي شهدت فترته الرئاسية تقدماً اقتصادياً ملحوظا: "المعاصي، والتعرّي، والسّكر، والانتحار، كلّها موجودة في السويد بسبب الرفاهيّة الزائدة". ومنذ تلك الفترة باتت هذه الفكرة منتشرة بين سكان العالم. معدّلات الانتحار في السّويد في ذلك الوقت كانت بالفعل أعلى من أميركا، حيث كانت عام 1960 حوالي 16 شخصاً من كل مئة ألف، لكنها في أوائل السبعينيات بدأت بالانخفاض ووصلت إلى حوالي 11.7 شخصاً من كل مئة ألف في عام 2016 حسب التقارير والإحصائيات الرسميّة لمنظّمة الصحة العالمية أي أن النسبة قلّت تقريباً بـ 4 أشخاص لكل مئة ألف. بينما كانت نسبة الانتحار في الولايات المتحدة 11 شخصاً من كلّ مئة ألف شخص تقريباً. أما اليوم، فقد وصلت النسبة إلى 13.7 من كل مئة ألف شخص في عام 2016، أي أن النسبة الآن أكبر من النسبة الحالية للسويد وبالتالي تصبح الفكرة السائدة خاطئة.

أما عن أسباب ارتفاع نسبة الانتحار آنذاك، فقد أثبتت العديد من الأبحاث والدراسات التي قام بها البروفيسور بو رونيسون، المتخصص في الطب النفسي في جامعة ستوكهولم، أنه من الصعب قياس وتوثيق نسبة الاكتئاب بدقة في المجتمعات وأسباب الانتحار لأنها تختلف من شخص الى آخر  كما أن معدّلات الانتحار في السويد هي أصلاً ليست مرتفعة بل هي متوسّطة وأقل من المعدل العام للكثير من البلدان. بعض التقارير أظهرت أن معظم المنتحرين هم من المهاجرين، حيث يعيش هؤلاء صدمة نفسية بسبب الجو البارد جداً أو قصر ساعات النهار أحياناً، ما يضطرّهم الى البقاء في المنزل لفترة أطول من التي كانوا يقضونها في بلدانهم الأصلية، بينما السويديون أصلاً اعتادوا هذا النمط من الحياة. كما أنه لم يتم العثور على أي ارتباط بين الرفاهية الزائدة والانتحار.

على الرغم من أن الرئيس الأميركي السابق أيزنهاور قدّم اعتذاره لمملكة السويد في عام 1962، إلا أن هذه الفكرة الخاطئة والخرافية لا تزال تلاحق الشعب السويدي، ولا تزال الكثير من الشعوب مقتنعة بها. فهل أنتم منهم؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم