الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

غضب غير محقّ على البابا فرنسيس: تعبير أُسيئت ترجمته... ماذا قال ولم يقله؟

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
غضب غير محقّ على البابا فرنسيس: تعبير أُسيئت ترجمته... ماذا قال ولم يقله؟
غضب غير محقّ على البابا فرنسيس: تعبير أُسيئت ترجمته... ماذا قال ولم يقله؟
A+ A-

المسألة برمتها تتعلق بترجمة تعبير بابوي الى العربية، والترجمة لم تصب المعنى كما يجب. في الساعات الماضية، هاجم مستخدمون مسيحيون #البابا_فرنسيس على صفحاتهم وحساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية تعبير ورد في خطابه امام الكهنة والمكرسين والمجلس المسكوني للكنائس في كاتدرائية الرباط في 31 آذار 2019، وتسببت ترجمته الى العربية بحملة تجن على الحبر الاعظم.

الاتهامات غير المحقة بحق البابا استعرت ابتداء من بعد ظهر الاحد الماضي. في واقع الامور، ما شعّل كل هذه الجلبة هو ما قرأه مستخدمون، بالعربية، ان "البابا فرنسيس طلب"، خلال زيارته للمغرب، "الامتناع عن اي أنشطة تبشيرية"، وذلك بما يعتبر مخالفة فاضحة لتعاليم السيد المسيح، وخصوصا الكنيسة الكاثوليكية التي هو على رأسها.

ولكن ما حصل هو ان التعبير الذي استخدمه في خطابه اسيئت ترجمته الى العربية، في وقت لم تكن هي الحال في الانكليزية والفرنسية... ما دعا اليه هو "عدم #الاقتناص" (proselytism#)، وليس "عدم #التبشير" (Evangelization#)، كما نُشر. حسما للجدل، وتبيانا لحقيقة الكلام الذي قاله البابا في ذلك اللقاء، ننشر لكم المقطع من خطابه بالايطالية والانكليزية والفرنسية، وايضا بالعربية، وفقا لما نشره الموقع الرسمي للفاتيكان w2.vatican.va

هنا المقطع بالايطالية:

وبناء عليه، استخدم البابا فرنسيس تعبير proselitismo اربع مرات.  

وهنا المقطع بالانكليزية:

تعبير proselytism مجددا، وقد استُخدم في ترجمة خطاب البابا الى الانكليزية.

وهنا المقطع بالفرنسية:

prosélytisme مجددا في ترجمة الخطاب الى الفرنسية.

وهنا المقطع بالعربية، وفقا لموقع الفاتيكان:

الترجمة استخدمت الضمّ البغيض (proselitismo).

وهنا ما نشرته "Fides"، وهي "وكالة إعلام الاعمال الرسولية البابوية"، عن هذا المقطع تحديدا في ترجمة الى العربية. وقد عنونته: "أفريقيا/المغرب- البابا:"إن الكنيسة لا تنمو من خلال الاقتناص بل بواقع الجذب والشهادة". 

التعبير اذاً الذي استخدمته وكالة Fides البابوية لترجمة proselitismo هو "اقتناص".

الاشكالية

غير ان ما حصل في ترجمات اخرى الى العربيّة لهذا المقطع- وقد انتشرت على مواقع اخبارية لبنانية وعربية نقلا عن وكالات اجنبية، وحتى على موقع "فاتيكان نيوز" بالعربية اولا، قبل ان يعمد الى تصحيح الترجمة لاحقا- هو ان المترجم استخدم تعبير "انشطة تبشيرية" بدلا من "الضمّ البغيض" او "اقتناص" (الخبر الذي نشرته وكالتا "فرانس برس" واسوشيتد برس" بالفرنسية والانكليزية تضمن بوضوح تعبير prosélytisme او proselytism). وفي التبرير، كما عُلم، انه يصعب ايجاد تعبير في اللغة العربية يقدم المعنى الدقيق والكامل لهذا التعبير بالاجنبية.  

وهنا حصلت الاشكالية التي أدت الى سوء شرح للكلام البابوي بالعربية، بخلاف ما حصل في اللغات الاخرى. فالفرق كبير بين التعبيرين: معنى proselytism يختلف كليا عن "الانشطة التبشيرية" (Evangelization). وواضح ان البابا فرنسيس لم يقصد في كلامه "الانشطة التبشيرية".

ما هو الـproselytism، او proselitismo(بالايطالية)؟

ترجم "معجم الايمان المسيحي" للاب صبحي حموي اليسوعي (دار المشرق) الـproselytism، prosélytisme الى "نزعة دخيلية". وفي الشرح، هذا التعبير يعني "مواقف او وسائل تخالف الروح الانجيلي، يحاول بعضهم أن يستميلوا بها الناس الى جماعتهم، مستغلّين جهلهم أو فقرهم".

ويوضح المدير الوطني للاعمال الرسولية البابوية في لبنان الخوري روفايل زغيب لـ"النهار" ان "الترجمة الأفضل لتعبير proselytism او prosélytisme هي "الاقتناص"، ومعناه يختلف كليا عن التبشير اي Evangelization".

ويتعمق في الشرح قائلا: "الاقتناص يعني العمل على استمالة الناس الى المسيحية باستغلال فقرهم وجهلهم لتغيير دينهم. وهذا ما ترفضه الكنيسة الكاثوليكية، على رأسها البابا، وتندد به وتعارضه. اما البشارة التي تدعو اليها الكنيسة، ويؤكدها البابا في رسالته "فرح الانجيل"، فهي عمل مجاني يسميه البابا فرحا معديا. انها رسالة فرح لا يمكن المسيحي ان يحفظها لنفسه، بل عليه ان ينشرها مجانا، ولكن ليس من أجل اقتناص الاشخاص، بل من اجل مشاركتهم في فرحه. ولهذا السبب يتكلم البابا على الجذب والشهادة، وليس الذهاب للتبشير بالمسيح بطريقة اقتناصية. نعم، على المسيحي ان يتكلم على المسيح، ولكن ليس بالاقتناص، بل بالجذب والشهادة".

في رسالة البابا فرنسيس في اليوم العالمي الـ89 للرسالات (18 ت1 2015)، والتي نشرتها "الاعمال الرسولية البابوية في لبنان بالعربية، ترجم تعبير proselytism الى "اقتناص". "الرسالة ليست للاقتناص فقط او مجرد استراتيجية، بل انها جزء من قاعدة الايمان...".

يشار ايضا الى ان البابا فرنسيس سبق ان غرد عن "الاقتناص"، بالعربية، عام 2016:

وتناوله ايضا في عظات سابقة. "البشارة ليست مُخطّط اقتناص، لا! إنما هو الروح القدس الذي يقول لك كيف عليك أن تفعل لتحمل كلمة الله واسم يسوع؛ وبالتالي يبدأ قائلاً: "قم وانطلق..." (اذاعة الفاتيكان، 19 نيسان 2018).

وقال ايضا في عظة اخرى: "نقل الإيمان ليس اقتناصًا بل هو شيء أكبر. كما وأنّه ليس البحث عن أشخاص ليدعموا فريق كرة قدم معيّن أو ناديًا معيّنًا أو مركزًا ثقافيًّا معيّنًا؛ هذه الطريقة لا تصلح للإيمان؛ وقد قاله البابا بندكتس السادس عشر بوضوح: "الكنيسة لا تنمو بواسطة الاقتناص وإنما بواسطة الجذب" (اذاعة الفاتيكان، 3 ايار 2018).


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم