الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

أنييس فاردا سينمائية بالفطرة

Bookmark
أنييس فاردا سينمائية بالفطرة
أنييس فاردا سينمائية بالفطرة
A+ A-
من أين يبدأ الواحد منّا في سرد تجربة أنييس فاردا وسيرتها الحافلة؟ ٩١ سنة أمضتها أكثر من ثلثيها خلف الكاميرا وفي مواقع التصوير؟ لعله الأنسب ان ننطلق من الآخر، أي من أكثر تلك اللحظات قرباً من الخاتمة السعيدة. في برلين الشهر الماضي تحديداً، حيث جاءت تقدّم فيلمها "فاردا بتوقيع أنييس"، الذي بدا، منذ لحظة صعود الجنريك، كإرثها، وصيّتها، همسات قلبها إلى جمهورها، وإن جاء على شكل درس سينمائي للأجيال القادمة، يجمع بين خلاصة سيرة من جهة والفتاوى السينمائية من جهة أخرى. كان واضحاً ان السيدة الكبيرة التي رحلت أمس عن ٩١ عاماً تقول "وداعاً"، ولكن بلا دموع، بلا استدرار عطف، بلا سينيكية، بلا كلمات الوداع الكلاسيكية، بل بقدرتها الشهيرة في نشر الغبطة والإيجابية والتفاؤل أينما حطت. كلّ هذه الأشياء التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقتٍ مض. كانت سخيّة كعادتها. رغم التعب والسنوات التي تراكمت على كتفيها والموت الذي يلوح في الأفق، لم تهجر البسمة وجهها، ولم تخبُ حماستها عندما كانت تلفظ كلمات من وحي خبرتها المديدة، كلمات عن ضرورة الاستمرار وعدم الاستسلام قد تبدو لوهلة بائدة، ولكنها ليست كذلك في العمق. رأيناها توقّع الأوتوغرافات لجمهور، بعضهم، يا للدهشة، من صغار السنّ. بعد برلين، كنّا على موعد معها في الدوحة، ضمن تظاهرة "قمرة". قبل أسبوع من تاريخ انعقاد الحدث، وصلتنا رسالة الكترونية من المنظّمين يعلموننا الغاء سفرها إلى قطر، بعد تعرضها لانتكاسة صحية. شعرنا ان الرحلة أوشكت على النهاية.دائماً من آخر مشوارها الحياتي والسينمائي الباهر، لا يمكن ان ننسى كيف ان في مطلع عام ٢٠١٨، كثر الحديث عنها، بعدما ترشّحت لـ"الأوسكار" في فئة أفضل فيلم وثائقي عن "وجوه، قرى" الذي أنجزته مع مصوّر الشارع جي آر. معاً قاما برحلة عبر الريف الفرنسي. بنبرة حرّة، سجّل الفيلم موقفاً "سياسياً" بالمعنى الواسع للكلمة. موقف من فعل إنجاز فيلم في زمننا الراهن. بلا خطّة مسبقة ووجهة محدّدة، توجها في عربتهما إلى الأرياف، حيث التقيا أناساً واستخرجا صوراً عملاقة لهم بواسطة تقنية اشتهر بها جي آر. لم يخلُ الفيلم من مناكفات طريفة بين الإثنين وردّ الصاع صاعين. بكلّ أريحية سلّمت أنييس نفسها قلباً وإحساساً وعقلاً للعبة، قبل ان "يتشخصن" الفيلم أكثر فأكثر ويفتح نافذة على الذاكرة والمستقبل، ويقدّم...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم