الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

رفاق محمد الشعار غاضبون: ما جرى إهانة كبيرة للشهيد

المصدر: - "النهار"
رين بوموسى
A+ A-

لم يوّدع الشاب محمد الشعار أهله وأصدقاءه، ذهب في لحظة غدر. كان من المفترض أن يكون مشهد الوداع مؤثراً فتحوّل مهزلة. مسجد الخاشقجي بدا ساحة معركة لامتدادات الخلافات السياسية بين مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني من جهة، وخصومه من جهة اخرى، بعد حضور المفتي الى تشييع الشاب.


عند الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم (الاحد)، بدأ أصدقاؤه بالتوافد الى المسجد في قصقص: الجميع متأثرون، حال من الجمود تسيطر على الباحة الخارجية للمسجد، الوجوه متجهمة. الأكاليل تصل، احدها تلو الآخر، والجميع يتحسر على الشاب الذي "لم ير شيئاً من هذه الحياة سوى ظلم الأشرار الذين أنهوا حياته بكبسة زر".
منير أحد أصدقاء الشهيد، يقول بغصة "لا يستحق أن يموت، لايزال شاباً.. لا علاقة له بما يحدث في لبنان"، ويضيف "اشعر بالقهر مما حصل ، تلقى محمد تربية جيدة خلال 16 سنة لكي يموت في لمحة بصر". منير يشعر بالضياع منذ موت صديقه ، فهو يؤكد أنه لن يبقى في لبنان "اذا بدي اضهر مع رفقاتي بخاف بلكي في سيارة مفخخة".
كريم كان زميل أحمد في الصف، يقول "محمد شخص ودود مرح ما بيترك حدا يزعل منو هو بحب الكل والكل بحبو". ويشير الى أنه "رغم موت محمد، على اللبنانيين أن يتمسكوا ببلدهم"، ويستدرك قائلاً: "ولكن اذا استمر الوضع على حاله.. لا أعرف". رؤية كريم لمستقبله لا تزال مبهمة ويقول "متل ما بدو القدر".
حسن جابر كان زميل محمد في المدرسة منذ سنتين، أتى لوداعه للمرة الأخيرة، "محمد كان مرحاً، يعشق التمثيل وحبه للحياة يظهر جلياً من خلال تصرفاته، كان ذكياً جداً ويحب درسه". ويلفت الى أن "محمد لم يستشهد لأجل أي قضية سياسية، نحن ندفع ثمن تحركات السياسيين.. اليوم محمد استشهد يمكن بكرا أنا أو أي شخص آخر".
أصدقاء محمد احتشدوا في المكان لوداعه، والاهالي رافقوهم للوقوف الى جانب أهل الشهيد. بين كل تلك الحشود تلمح جودي الصغيرة ابنة الـ8 سنوات تحمل لافتة "مبارح محمد الشعار ممكن نحنا بكرا... نحنا مش أرقام"، جودي هي أخت أحد زملاء الشعار، تقول ببراءة الطفولة "رفيقنا محمد الشعار مات مبارح وهو اليوم في الجنة"، وتؤكد أنه "رغم ذلك سأبقى في لبنان لأنني أحبه". والدتها، تقف الى جانبها، تتحسر على موت الشاب، "تخيّلت ابني في مكانه، لم أتخيّل خلال لحظة التفجير أن يكون في مكان الحادثة أحد من الطلاب.. رغم خوفنا لن نترك لبنان، هذا بلدنا، حتى ولو رأيت صديق ابني استشهد، في نهاية المطاف هذا قدره".
اللافتات رفعها الطلاب زملاء محمد الشعار، "نحنا مش أرقام"، المسؤول في الحملة أحمد طحان قال "أنشأنا هذه الحملة بعد أن رأينا صوره قبل وبعد التفجير وهو مضرج بالدماء وما من أحد يساعده، لذلك تأثرنا خصوصاً ان وسائل الاعلام لم يذكروا الا محمد شطح أما الباقون فبقوا أرقاماً".
الوضع كان هادئاً والجميع متأثر بدخول جثمان محمد الشعار برفقة ذويه وأصدقائه وأحبائه، حتى وصول مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني الذي فجر وجوده غضب معظم الحاضرين. "لماذا أتى؟ حضوره لم يكن ضرورياً"، قال أحدهم بغضب وبدأ بعضهم يكيل الشتائم له. الشبان عند باب المسجد عبروا عن احتجاجهم بهتافات كـ "الله حريري طريق الجديدة"، وبضعة اقراد رددوا شعارات مؤيدة للأسير، علماً أن الراية الاسلامية السوداء رفعت عند دخول جثمان الشهيد وعند دخول المفتي قباني. عدد هؤلاء الشبان تزايد مع انضمام شبان  اليهم من منطقة طريق الجديدة المتاخمة.
حاول المفتي أن يترأس الصلاة، الا أن المعارضة التي واجهته، أفسحت المجال امام ممثل "هيئة العلماء المسلمين" الشيخ احمد العمري على اكمال الصلاة. تأزم الوضع في الباحة الخارجية للمسجد، خصوصاً مع تعثر محاولة اخراج المفتي من داخل المسجد. ولكن بعد أن بدأت الصلاة هدأت نفوس الشباب وأكملت الصلاة، رغم خروج البعض ممتعضين من وجود المفتي في الداخل.
القى الشيخ العمري كلمة اشار فيها الى ان "الطائفة السنية مستهدفة بقياداتها ورموزها وامنييها من قبل النظام البعثي وحزب الله"، متوجهاً الى الطائفة الشيعية "عليكم ان تنتبهوا من حزب الشيطان". واضاف: "في سوريا الحبيبة تقطع رؤوس الاطفال وهؤلاء هم الارهابيون الحقيقيون ومن يقف معهم".


عند الانتهاء من الصلاة، عاد الوضع كما كان: "هرج ومرج". اخرج نعش الشهيد لاتمام مراسم الدفن في مقبرة الشهداء على وقع صوت المفرقعات النارية، أما المفتي فكان لا يزال داخل المسجد ومعارضوه في الخارج يحاولون منعه من الخروج.
بعد وساطات كثيرة وتدخلات، حضرت مجموعة من "القوة الضاربة" في قوى الامن الداخلي وأخرجت المفتي قباني وشيخ آخر من المسجد عبر آلية تابعة لها، بعد نحو ساعة من انتهاء الصلاة. وحصل تدافع من قبل المتجمهرين خارج المسجد في لحظة خروج المفتي الذي لم يوفره شبان من الشتم ورشق الآلية التي نقلته بالحجارة .
كان الاستياء ظاهراً بشكل جلي على وجوه عائلة الشهيد التي انسحبت بهدوء بعد دفن ابنها الى منطقة عائشة بكار لتقبل التعازي. صديق محمد، أنور طربيه عبّر عن استيائه مما حصل قائلاً: "حرقتي على محمد كبيرة.. هذه اهانة كبيرة لصديقي محمد، لا أحد من المتواجدين احترمه، سبب وجود محمد في النعش اليوم هو الصراعات السياسية والدينية والتي تكررت  خلال تشييعه". ويردف: "لو بيعرفوا يعيشوا مع بعض ويحترموا بعضهم كان محمد لا يزال ربما موجوداً بيننا اليوم"!


 


[[video source=youtube id=js7gG5btvk8]]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم