الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

البابا فرنسيس والجرح المفتوح: اضطهاد المسيحيّين... "إنّها قصّة ملايين"

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
البابا فرنسيس والجرح المفتوح: اضطهاد المسيحيّين... "إنّها قصّة ملايين"
البابا فرنسيس والجرح المفتوح: اضطهاد المسيحيّين... "إنّها قصّة ملايين"
A+ A-

الجرح المتقرّح، المفتوح. في الكلام على #اضطهاد_المسيحيين في العالم، ارقام موثّقة ووقائع مصوّرة، مسجلّة. "أكثر من 245 مليون مسيحي مضطهدون بقوة في العالم، اي ما يمثل مسيحيا واحدا من كل 9 في العالم"، وفقا لأحدث التقارير المنشورة بهذا الخصوص. بالنسبة الى #البابا_فرنسيس، "المسيحيون يتعرضون للاضطهاد اليوم، لانهم يقولون الحقيقة، ويعلنون يسوع المسيح لهذا المجتمع".

دقيقة واحدة فقط من وقتكم. البابا فرنسيس مجددا على الشاشة، معلنا نيته لشهر آذار 2019. "دعونا نصلي من اجل الجماعات المسيحية، بخاصة تلك التي تتعرض للاضطهاد كي تشعر بانها قريبة من المسيح، وكي تكون حقوقها محترمة". وتلبية لطلبه هذا، تكثّف "#شبكة_صلاة_البابا في العالم"، منذ ثلاثة اسابيع، الصلاة من اجل هذه النية.

احدث اخبار هذه الاضطهادات في آذار وشباط 2019، "استهداف 13 كنيسة في اثيوبيا" (22 منه)، "التعرض لـ5 قساوسة في كوبا" (26 منه)، "قطع رأس مسيحي في الهند (1 منه). "في تركيا، انتشار خطاب كراهية ضد المسيحيين" (4 منه)، "تهديدات للمسيحيين في المالديف مع عودة الجماعات المتطرفة". و"في النيبال، وضع مسيحيين تحت المراقبة واتهامهم"، و"اغتيال قس ثالث في كولومبيا خلال 6 أشهر (21 شباط)"... وتطول اللائحة.

في المصارحة البابوية، "قد يكون من الصعب علينا ان نصدق. لكن الشهداء اليوم اكثر مما كانوا عليه في القرون الاولى". في رأي البابا فرنسيس، اضطهاد المسيحيين "يحصل خصوصا حيث الحرية الدينية غير متوفرة بعد. ومع ذلك، يحصل أيضا في البلدان التي تحمي، نظريا وعلى الورق، الحرية وحقوق الانسان".

قصة ملايين

مسيحيون، "بالملايين"، يعانون الأمرّين. ويختصر واقعهم تقرير حديث. "الدرس الرئيسي في المؤشر العالمي لاضطهاد المسيحيين لعام 2019 هو أنه بعد مرور 70 عامًا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، لا يتمتع واحد من كل 9 مسيحيين بهذا الحق"، وفقا لمنظمة "ابواب مفتوحة" (Portes Ouvertes) ناشرة هذا المؤشر سنويا. انها "قصة ملايين الأشخاص الذين تبقى حرية الفكر والوجدان والدين حلمًا بعيد المنال بالنسبة اليهم"، على قول مدير المنظمة ميشال فارتون.

في ارقام المؤشر المنشور في كانون الثاني 2019، "4035 مسيحيا قُتلوا، و3150 اعتُقلوا، و1847 كنيسة استُهدفت". باختصار، "ارتفع عدد المسيحيين الذين قتلوا بسبب إيمانهم بنسبة 40%، وزاد عدد الكنائس المستهدفة (تخريب، اغلاق...) أكثر من الضعف، بالمقارنة بين مؤشري 2018 و2019". بتعابير اخرى لفارتون، "إذا كان الاضطهاد بحيرة، فسيكون هذه السنة أعمق وأوسع، مثل جسم مائي ينمو في الحجم، ويفيض على ضفتيه".

في قائمة البلدان التي يعاني فيها المسيحيون الاضطهاد، وفقا للمؤشر، تحلّ كوريا الشمالية مجددا في المرتبة الاولى، تليها افغانستان، الصومال، ليبيا، باكستان، السودان، اريتريا، اليمن، ايران، الهند، سوريا (المرتبة 11). في هذه الدول، "الاضطهاد شديد"، وقد لوِّنت اسماؤها بالاحمر، بينها 4 دول عربية.

في حصيلة الامور، "اضطهاد المسيحيين ازداد للعام السادس على التوالي (2.7%+ بالمقارنة بالعام السابق). وهو يصبح اكثر تجذرا في ثقافات معينة، مع تطرف المجتمعات"، وفقا لنتائج المؤشر. 29 بلدا لُوٍّنت بالبرتقالي، بينها 8 بلدان عربية. هنا "الاضطهاد قوي جدا". اما بقية البلدان الـ33 التي لُوِّنت بالاصفر، فيسجل فيها "اضطهاد قوي للمسيحيين".

خمسة نتائج

في ضوء المعطيات التي يجمعها المؤشر، يتوصل الى خمسة نتائج رئيسية:

1-اضطهاد المسيحيين يصبح أكثر شمولاً وعمقا وعنفا (عدد القتلى المسيحيين ارتفع من 3066 عام 2017 إلى 4305 عام 2018). 2-الصين والهند "عملاقان يسيئان استخدام الحرية الدينية، ويضطهدان أكثر فأكثر الاقلية المسيحية فيهما".

3-نيجيريا: عدد القتلى المسيحيين فيها (بسبب إيمانهم) "ينفجر"، اذ زاد نحو ضعفين عام 2018 بالمقارنة بعام 2017 (3731 عام 2018 مقابل 2000 عام 2017). 90% من القتلى المسيحيين في العالم عام 2018 قُتِلوا في نيجيريا. هناك يواجه المسيحيون تهديدًا مزدوجًا: جماعة "بوكو حرام" وقبائل "الفولاني".

4-ارقام الاضطهاد: الارتفاع لا مفر منه. وقد زاد عدد المسيحيين المضطهدين: مسيحي واحد من كل 9 مضطهد الآن بشدة في العالم (بالمقارنة بواحد من كل 12 العام الماضي).

5-التطرف الإسلامي: لا يزال أول آلية للاضطهاد. من إفريقيا، مرورا بالشرق الأوسط، وصولا الى آسيا، يبقى هذا التطرف عاملا مهما في اضطهاد المسيحيين في 38 دولة من 50 في المؤشر. وهو ينشط في 7 بلدان من الـ9 المتقدمة في المؤشر. العراق يتراجع في التصنيف مع انسحاب تنظيم "الدولة الاسلامية" منه، لكنه يبقى في أعلى الترتيب (المرتبة 13). وتنتقل الحركة الجهادية من الشرق الأوسط إلى إفريقيا، متسببة بزيادة 56 نقطة اضطهاد في هذه القارة (باستثناء مصر)".

العراق وسوريا

الدمار الذي تخلفه وراءها هذه الحركة الجهادية في المنطقة مروع. في العراق، تنزف الكنائس شعبا وناساً. قبل سنوات عدة من سقوط نظام صدام حسين، كان مجموع المسيحيين هناك نحو مليون ونصف مليون. "اما اليوم، فيكاد يصل الى نحو نصف مليون، بينهم نحو 350 الف- 400 الف كلداني"، على ما يفيد بطريرك الكلدان الكاثوليك الكاردينال لويس ساكو "النهار".

عودة الابناء الى الارض يلمسها ميدانيا منذ اندثار "داعش". "100 عائلة عادت الى الموصل، ورممنا كنائسنا هناك... كذلك، عادت نحو 16 الف عائلة مسيحية من اصل 22 الفا الى قراقوش، برطلة، كرمليس، بعشيقة وبهزاني، تللسقف، بقوفا، وتلكيف". ومع ان "لغة تكفير المسيحيين تراجعت كثيرا"، على قوله، الا "اننا نسمعها من وقت الى آخر في خطب شيوخ مسلمين".

خوف متواصل. ويسمع ايضا في صوت راعي ابرشية دمشق للموارنة المطران سمير نصار. الصورة قاتمة في سوريا. "انخفاض عدد المسيحيين هائل"، على قوله في رسالة الصوم (فيدس، 11 آذار 2019). "نسبة هذا الانخفاض تصل الى 77% في بعض المناطق، بالمقارنة بالأوقات السابقة". كذلك، "فقدت الجماعات المسيحية من 50% إلى 77% من أعضائها بالمقارنة بالفترة التي سبقت الصراع"، على ما يلاحظ.

قطيع المسيحيين السوريين "يعاني أيضاً مشكلة الهجرة وواقع التقدّم بالسنّ. فخلال آخر لقاء للعائلات، وحدهم 4 ثنائيّين كانوا يبلغون أقلّ من 50 عاماً. التقدّم في السنّ ضمن العائلات المسيحيّة يشكّل إشارة مُخيفة". والسؤال "ما مستقبل هذا القطيع الصغير؟"

السؤال ذاته يُطرح تلقائيا في الامكنة التي تهدد حياة المسيحيين، أكان في الشرق ام في الغرب. ايا يكن، يؤكد البابا فرنسيس موقفه في هذا الشأن، وتتضامن معه شبكته الخاصة بالصلاة. "هناك أناس يموتون أو يتعرضون للاضطهاد بسبب اتباع يسوع المسيح، ناهيك عن التمييز ضد المسيحيين في العديد من البلدان، حيث لم يتم الاعتراف بهم، أو حيث رُفض وجودهم بشدّة من خلال الشتائم ومطالب غير عادلة"، على ما تعلن بدورها. والدعوة مفتوحة: "دعونا ندافع عن حقوقهم".

*انطلقت "شبكة صلاة البابا في العالم" في كانون الثاني 2016. ولها فريق عربي يتولى نشر فيديوات البابا فرنسيس في لبنان والمنطقة العربية. ويتبع صفحتها في "الفايسبوك" 12,813 شخصا على الاقل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم