الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

وثيقة الأخوّة الإنسانية... لن نرضى بغير الحبّ دينا

المصدر: النهار
محمد الأمين مؤسسة العلامة الأمين للتعارف والحوار
وثيقة الأخوّة الإنسانية... لن نرضى بغير الحبّ دينا
وثيقة الأخوّة الإنسانية... لن نرضى بغير الحبّ دينا
A+ A-

وثيقة الأخوة الإنسانية التي صدرت من أبو ظبي بتوقيع من قداسة البابا فرنسيس، بابا السلام، ومن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إمام الاعتدال، هي بمثابة دستور عالمي يرسم للبشرية صورة التعايش الأخوي بسلام واحترام بين الدول والأفراد والشعوب والجماعات والأمم. وهذه الوثيقة التاريخية هي دعوة لكل الدول والقيادات في العالم لنبذ الصراعات والعمل بقيم الحرية والمحبة والسلام. وبهذه التعاليم الموجودة في الوثيقة يتجنب العالم شرور الحروب ومآسيها، ويعمل على مساعدة الفقراء وجَسر الهوة بينهم وبين الأغنياء، وبذلك يضمن العالم استمرار التقدم والازدهار في أمن وأمان.

هذا ما قاله العلاّمة السيد علي الأمين الذي كان من المستقبلين والمشاركين مع أعضاء مجلس الحكماء المسلمين لقداسة البابا عن وثيقة الأخوّة الإنسانية، وهو دلالة على عمق ما ورد في الوثيقة التاريخية التي نصّت على قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحقوق الطفل وعلاقة الشرق والغرب وحرية الاعتقاد ونشر الاخلاق ومفهوم المواطنة وحقوق المرأة وحماية الفئات الضعيفة. وهذه العناوين الأكثر حضوراً وحاجة في مجتمعاتنا والتي من خلالها ستؤسس لمجتمعات سالمة ومسالمة، محررة من الاستغلال الديني والسياسي، ومبتعدة عن العصبية البغيضة التي تزهق الأرواح وتدمر البلاد. إن الوثيقة التاريخية التي تدعو إلى كل هذه القيم والعمل بها أرست مدماك التعاون والتنسيق بمفهوم الأخوّة الذي لا يعتريه أي مصلحة خاصة أو أنانية تطغى على طرف دون آخر، وأي استغلال لكل الطاقات الجماعية والفردية، والأهم أنها تسحب البساط وتصادر الإحتكار لكل دولة أو مجموعة أو مؤسسة أو زعامات تدعوا إلى العنف أو تمارسه أو تبرره للوصول إلى مبتغاها، وعرّت كل من يستعمل المنصات والمواقع والنفوذ باسم الأديان لتقول لنا بأنه لا يمكن لأي دين أن يحمل الشرّ، ولا لمؤمن بتعاليم السماء أن يشيع لغة القتل ويمارسه، وأن يعتبر نفسه أنه الحق والصحيح وحده دون غيره. إنها وثيقة تحوّل مفهوم التعايش إلى تعاون إنساني يخدم البشرية بكل مكوناتها وألوانها وأعراقها، ولهذا تطرّقت الوثيقة إلى دور الأسرة والطفل والتغذية والتعليم والمسنين وحقوق المرأة.

والوثيقة أبرزت مفهوم المواطنة ودعت كل ذي شأن للعمل على ترسيخها في مجتمعاتنا، والابتعاد عن مصادرة الحقوق المدنية والدينية لأي فرد تحت مفهوم الأقليات.

ولأجل أن تأخذ الوثيقة طريقها في عالمنا، وللاستفادة من مضمونها بكل تفاصيله، ولتصبح عنواناً للتواصل ونموذجاً للتلاقي بين الديانات، ولأنها صوت السلام والتسامح والمحبة الذي يخاطب العالم على أهمية العيش الواحد المحتوم بينهم، وتماشياً مع العمل الجبّار لرسل السلام في الأزهر والفاتيكان الذي أخرج وثيقة العمل من قِبل أهل الفكر وصنّاع السياسات والهيئات الدينية والثقافية والتربوية والتعليمية، يجب السعي إلى إدراج بنود الوثيقة في قوانين تحفظ تطبيقها، وفي مناهج دراسية نتعلّمها.

إن أوطاننا بحاجة إلى كل بذرة صالحة تنمو وتتكاثر لنتحوّل من مجتمعات يتمسك كل منها بما لديه ولو كان باطلاً، إلى التمسك بالقيم الروحية والأخلاق الإنسانية.

أخيراً، إنه اللقاء بين المسيحية والإسلام. رسالتان تحملان مفاهيم الخير وتعاليم السماء التي تدعو إلى الأخوّة بين الناس. إنها وثيقة لغد مشرق ينير عهود العيش بيننا في كل مكان، كما جاء في كلمة العلاّمة الأمين التي ألقاها في استقبال قداسة البابا:

معاً عشنا بأرضِ الشرقِ دهراً نصارى إخوةً للمسلمينا

ونحنُ على خُطى الأجدادِ نمضي بإيمانٍ وعزمٍ لن يـلـينـا

ونبقى الأوفياءَ لما وَرِثْنَا بِسِلْمٍ وَاعْتِدالٍ مؤمنيــنا

نصونُ بذاك عهدَ العيشِ أهلاً ولن نرضى بغيرِ الحبّ دينا.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم