الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

على هامش "ملتقى المعمار" في مراكش زرنا "الحديقة السرية"

المصدر: "النهار"
مراكش (المغرب) - أوراس زيباوي
على هامش "ملتقى المعمار" في مراكش زرنا "الحديقة السرية"
على هامش "ملتقى المعمار" في مراكش زرنا "الحديقة السرية"
A+ A-

أقيمت في "متحف حضارة الماء" في مراكش، الدورة السنوية الرابعة لملتقى "المعمار"، بدعوة من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية في مراكش وبالتعاون مع هيئات مغربية وجهات فرنسية ومؤسسات دولية، وكانت مخصصة هذا العام لفن العمارة والحدائق تحت عنوان "نحو انتقال بيئي ومجتمعي".

استمر الملتقى ثلاثة أيام متواصلة وضمّ نشاطات ثقافية متنوعة من ندوات وطاولات مستديرة ومعارض توجهت للمتخصصين والطلاب والجمهور المهتم بقضايا العمارة وبناء الحدائق عموما.

أشرف على تنظيم الملتقى، المعماري المغربي ومدير المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية في مراكش، عبد الغني الطيبي، الذي تحدث لنا عن أهداف هذا الملتقى وأبرزها جعل الاهتمام بالبيئة والتنمية المستدامة جزءا لا يتجزأ من تكوين المعماريين ومخططي المدن والحدائق، وذلك انطلاقا من اعتبار أن كل التزام حيال التراث المعماري والمتعلق بالبيئة والطبيعة تستتبعه مسؤولية قانونية وأخلاقية طالما أن هذا الالتزام يصب في صالح حماية المعمار وتغذيته ونقله بصفته إرثا الى أجيال المستقبل.

هذا السؤال الجوهري موجه ليس فقط الى الدول والمسؤولين المحليين بل أيضا الى القطاع الخاص والى المواطنين أنفسهم. إنها دعوة الى تضافر الجهود بين الأفراد والتجمعات ضمن رؤية مشتركة على المديين القصير والطويل. هذه المسؤولية المشتركة على جميع المستويات، مضافا إليها مبدأ التنمية المستدامة، من شأنها أن تجمع بين البعد الجغرافي والمظهر المادي والمعنوي للتراث.

إن الإدارة الحالية للتراث المعماري والمتعلق بالطبيعة والحدائق، ومن خلال وسائل متعارف عليها كالإحصاء والتنظيم والحفظ، تساهم، لكن بصورة محددة وغير كافية، في النمو الثقافي والاجتماعي. وهذا ما يستدعي عملا يذهب أكثر نحو الاحتراف وتطوير الأدوات اللازمة في هذا المجال وإقامة بنى جديدة كتجمعات للدفاع عن التراث المعماري والكشف عن قيمته الحقيقية وإقامة برامج جديدة ومنها جعل الاهتمام بالتراث المعماري والطبيعي جزءا من التربية والتعليم.


شارك في الملتقى معماريون ومصممو حدائق من المغرب ومن جنسيات مختلفة وتمحورت اللقاءات حول مواضيع عدة منها "الإقامة في المكان على مستوى الحياة اليومية"، "رهانات الدورة الرابعة لملتقى المعمار وأهدافها"، "التعاون الفرنسي المغربي حول المرحلة الانتقالية البيئية والمجتمعية"، وصولا الى المشهد البيئي المغربي وطبيعته وحدائقه في الزمن المعاصر بالإضافة الى توثيق الموروث المعماري بالطرق العلمية التي تعتمد على الوسائل الحديثة وأولاها المعلوماتية.

تميزت المشاركة الفرنسية بحضور شخصيات مهمة في مجال المعمار وتصميم الحدائق والفسحات الخضراء ومنها رئيس مهرجان الحدائق والمدن في مدينة أميان وشمال فرنسا جيلبير فيلينجر الذي أقام شراكة مع الملتقى وأدار الكثير من اللقاءات وشارك فيها. هناك أيضا المعمارية الفرنسية المعروفة على المستوى العالمي في قضايا العمارة البيئية دومينيك غوزين مولير والمعماري فيليب ماديك المعروف أيضا بمشاريعه ودراساته المتعلقة بالعمارة في إطارها الطبيعي.

لم ينحصر الملتقى في ندوات مغلقة وإنما امتد الى حدائق مراكش نفسها حيث جرت لقاءات عدة، ومن تلك الحدائق "الحديقة السرية"، التحفة الفنية الخضراء، التي افتتحت عام 2016 في قلب المدينة القديمة وهي تمثل ملخصا للحديقة الأندلسية والمغربية بهندستها وعلاقتها بالفضاء البيئي العام، و"حديقة مولاي عبد السلام" وهي أيضا في قلب المدينة بالقرب من ساحة جامع الفنا وتمتد على مساحة ثمانية هكتارات من المدى الأخضر والمشجر الذي يجمع في تصميمه بين التقليد والحداثة. وتقام في هذه الحديقة نشاطات ثقافية تتوجه الى الأطفال والطلاب والكبار.

ضمن نشاطات الملتقى أقيم أيضا في "متحف حضارة الماء" معرض للصور الفوتوغرافية لأبرز التجارب العالمية في مجال العمارة البيئية في العالم أجمع، ومنها في الصين حيث تطالعنا تجربة المعماري الصيني العالمي وانغ شو الحائز جائزة برتزكر عام 2012 الذي يعمل مع زوجته المعمارية لو وانيو على إنجاز مشاريع معمارية طليعية تشكل امتدادا للتراث المعماري الصيني الموغل في القدم والمنسجم مع البيئة المحلية.


ولقد أشار القيمون على هذا الملتقى الى ضرورة الالتفات الى التجارب المتقدمة التي عرفتها دول الحضارات القديمة في الشرق والغرب والافادة منها والاستجابة للتحديات التي يفرضها الاهتمام بالتراث بأشكاله المختلفة.

تزداد أهمية مثل هذه اللقاءات حول العمارة والطبيعة والفسحات الخضراء بمقدار ما يزداد الوضع سوءاً على هذا الصعيد، فما يتهدّد البيئة وعناصر الطبيعة إنما يتهدد وجود الإنسان والكائنات الحية كلها على الأرض، بسبب جشع الذين لا يعنيهم من الوجود سوى الربح حتى ولو كان على حساب الحياة نفسها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم