السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة: "تغيير سلوك وتطوير إنسان"

المصدر: الشارقة - النهار
سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة: "تغيير سلوك وتطوير إنسان"
المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة: "تغيير سلوك وتطوير إنسان"
A+ A-

منذ انطلاق دورته الأولى في العام 2012، حقّق المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي ينظمه المركز الدولي للاتصال الحكومي التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، خطوات نوعية في تمتين بنية الاتصال الحكومي في المنطقة وتعزيز دوره كأداة فعالة ومؤثرة في خدمة قضايا المجتمع والارتقاء بمستوى حياة الناس ومواكبة المتغيرات العالمية والتكنولوجية وتسخيرها لتنمية الإنسان.

ويبدو واضحاً تركيز الشارقة، من خلال المنتدى، على أهمية التواصل مع الجمهور كسبيل للارتقاء بالمجتمعات والدول فـ "بدون معرفة أنماط تفكير الجمهور وما يؤثر فيها وما يحدد ممارساتهم، سيبقى الاتصال معزولاً عن الأفراد، وتأثيره عليهم لَحْظي وغير دائم، الاتصال الحكومي ينبغي أن يكون مصدر إلهام للجمهور ومرشداً لهم في تبني ثقافات ومواقف تقوم على خدمة المصالح العامة قبل الفردية"، وفق رئيس مجلس الشارقة للإعلام سلطان بن أحمد القاسمي، قبل انطلاق فعاليات الدورة الثامنة.

ومن خلال الحوارات والجلسات المصاحبة له، شرع المنتدى في دورته الثامنة تحت شعار "تغيير سلوك... تطوير إنسان"، الأبواب على آفاق تحمل رؤى وتطلعات جديدة للاتصال الحكومي في المنطقة والعالم، في ظل المتغيرات التي يشهدها عالمنا، خصوصاً حيال التحول في سلوكيات الأفراد عموماً.

هذا الامر ركّز عليه عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي أكّد في كلمة الافتتاح، أهمية رسالة المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في مناقشة تطوير أداء المؤسسات الحكومية عبر خدماتها، والبنى التحتية التي توفرها، والتشريعات الملائمة التي تقرّها، ومبادراتها الاستراتيجية، بما يسهم في تحقيق ريادة الخدمات الحكومية".

وبيّن حاكم الشارقة أهمية "الترابط بين المؤسسات الحكومية وأفراد المجتمع في علاقة متبادلة، حيث إن الموظف فيها هو جزء من المجتمع، وخدمات المؤسسات تقدَّم لأفراد المجتمع، مشيراً إلى أن تطور المؤسسات الحكومية وخدماتها يأتي بتطور موظفيها الذين يجيدون التعامل مع التقنيات الحديثة.

وأسّست تجربة إمارة الشارقة من خلال إطلاق المنتدى الذي يعدّ أكبر تجمع في المنطقة، لمناقشة أفضل الممارسات العالمية في الاتصال الحكومي، وكذلك من خلال إطلاق جائزة الشارقة للاتصال الحكومي لعدة تجارب في منطقة الخليج، واستطاعت أن تساهم في تعزيز وحدات الاتصال الحكومي فيها، بما مهّد الطريق أمام مؤسسات المنطقة لتطوير آليات الاتصال الحكومي بما ينسحم مع تميز الإدارات الحكومية وتوظيفها في تنمية المجتمع.

من هنا، كان تأكيد الشيخ سلطان بن محمد القاسمي أن "فكرة تنمية القطاع الحكومي وتطبيق النظم التكنولوجية ليست بالفكرة الحديثة، إلا أنها كانت محصورة في بعض الدول وأصبحت في السنوات الأخيرة أحد الموضوعات المثيرة للنقاش من حيث كيفية تطبيقها والإفادة منها في منطقتنا"، وتالياً "ضرورة الاستمرار في تطوير مهارات وخبرات العاملين في المؤسسات وتدرّجهم في المسؤوليات الوظيفية وصولاً إلى الوظائف القيادية، مع ضرورة إلحاقهم في برامج القيادة الشاملة التي تنفّذها المؤسسات، مع استقطاب الكفايات الخارجية في حالة الحاجة ولإدراج أفكار ووسائل جديدة".

وهدفت الدورة الثامنة للمنتدى، التي تحمل شعار "تغيير سلوك... تطوير إنسان" إلى التعريف بآليات التأثير في السلوك الفردي والجماعي من خلال الاتصال، وبكيفية التحول من الإرشاد والتوجيه إلى بناء ثقافة تحدد طبيعة ممارسة الفرد والمجتمع ومواقفهم تجاه مختلف القضايا المجتمعية. كما هدفت إلى إطلاع الجمهور على أهمية دمج الاتصال بالعلوم الاجتماعية والمسلكية والنفسية، وضرورة إشراك علماء وخبراء السلوك عند تنظيم الحملات التي تستهدف مسلكيات معينة وتغييرها، إضافة إلى توضيح متطلبات هذا النوع من الحملات عبر استضافة نخبة من الخبراء والمتخصصين والمسؤولين الحكوميين على منصة واحدة، في مركز إكسبو الشارقة.

"خيار حكومة الشارقة بات واضحاً، وهو توفير منصة تدعم الجهود التي تبذلها الحكومات الإقليمية لتطوير أساليب وقنوات التواصل مع شعوبها، من خلال تعميم تجربة الإمارة في توحيد خطابها، وتنظيم التواصل مع جمهورها من مواطنين ودوائر حكومية، وإعلام"، هذا الكلام لرئيس مجلس الشارقة للإعلام الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي قبل افتتاح الدورة الثانية في 29 كانون الثاني 2013، فهل حقّقت حكومة الشارقة هذا الهدف بعد 8 أعوام على انطلاق المنتدى الدولي للاتصال الحكومي منذ دورته الأولى في العام 2012؟

ليس خافياً أن المنتدى الدولي للاتصال الحكومي نجح منذ انطلاقه في تحقيق العديد من الإنجازات المهمة، وأصبح مرجعاً موثوقاً لدراسات الحالات العالمية في الاتصال الحكومي، كما ساهم دعم جهود الجهات الحكومية في تطوير فكر الاتصال الحكومي والتعامل مع التحديات.

ووفق ما قال رئيس مجلس الشارقة للإعلام لـ "النهار"، فإن "هذا المنتدى ساهم بأن تكون الأبواب مشرعة على نحو أوسع وكذلك بالنسبة للتواصل مع الجمهور، حيث أصبح للمؤسسات الحكومية تواصل مع كل شرائح المجتمع وتحاول إيصال رسالتها إلى الجميع في موازاة استماعها لكل الآراء، حتى أنها تشارك الأطفال في قراراتها، وما برلمان الأطفال الذي أنشأناه في الشارقة إلا ترجمة لهذا التوجه... الحكومة والشعب في نقاش دائم لتحسين الخدمات".

وهذا الامر ليس مستغرباً، خصوصاً "أن الإمارات أدركت مبكراً أهمية تطويع تكنولوجيا الاتصال وتطوير القدرات البشرية للافادة من قنوات الاتصال الحديثة بهدف تحقيق التنمية المستدامة وخدمة المجتمع وأفراده"، وفق ما أكد عدد من المشاركين في المنتدى.

ولكن ما مغزى شعار المنتدى لهذه السنة "تغيير سلوك... تطوير إنسان"؟

يجيب بن أحمد القاسمي بالقول "عندما نقول (تغيير السلوك) فإننا حتماً لا نقصد التدخل في حياة الناس، أو إصدار الأحكام المسبقة على طريقة حياتهم، فتغيير السلوك الذي نقصده ونطمح لتحقيقه من خلال برامج الاتصال الحكومي يكمن في ثلاث خطوات هي العمل على فهم الإنسان ونفسيته وعقليته وتأثير محيطه على سلوكه بطريقة علمية مدروسة، وتوعية الإنسان بالخيارات السلوكية المتاحة أمامه في مختلف المسائل، التي تعترض حياته وتؤثر فيها وفي المجتمع ككل، والسعي لتحفيز هذا الإنسان وإلهامه لاختيار السلوك الداعم لمصلحته ومصلحة مجتمعه".

وبرأيه أن "علم تغيير السلوك ليس جانباً مهماً من الاتصال الحكومي فحسب، فهو يعد حالياً قلب الاتصال الحكومي العصري لأن عقلية الإنسان وسلوكه سيظلان دائماً عاملين أساسيين في رقي المجتمعات أو تأخرها، ولأن عقلية الإنسان وسلوكه يؤثران بطريقة إيجابية أو سلبية على نجاح البرامج والمشاريع التنموية التي تطرحها الحكومات".

وفي كلمة الافتتاح أكد رئيس مجلس الشارقة للإعلام، "أن الاتصال الحكومي بات القلب النابض للعمل الحكومي، وذلك نظراً للتطور في طريقة التواصل البشري، كما أنه بات معياراً من معايير نجاح العمل الحكومي، مبيناً أن هناك عدداً من المؤسسات الدولية بدأت ربط نجاح الحكومات بجودة وقوة تواصلها مع كافة أفراد جمهورها".

واعتبر أن "الاستثمار في الإنسان الناجح المتقدم هو هدفٌ سامٍ تسعى إليه كل الحكومات المخلصة لشعوبها من خلال شراكة قوية ومستمرة بين الحكومات وأفراد المجتمع، ونحن في إمارة الشارقة وفي الإمارات عموماً محظوظون، ولله الحمد، لأن حكوماتنا وقيادتنا تضع الإنسان أولاً وتعتبره ثروة المجتمع الحقيقية.

وتخلل الحفل عرض فيديو تسجيلي للإعلامي الأميركي، لاري كينغ، الملقب بـ"سيد الميكروفون"، استعرض خلاله تجربته المتعلقة بدور الاتصال الحكومي في إحداث التغيير الإيجابي عند الإنسان، وخبرته في الاتصال والإعلام الجماهيري عموماً، وكيفية تعامله مع آلاف الشخصيات التي حاورها، ونظرته إلى التأثير الكبير الذي تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي في سلوكيات الأفراد والجماعات والمؤسسات.

وركّز كينغ على الأدوار التي أصبحت تلعبها منصات التواصل الاجتماعي في الفضاء الإعلامي، مؤكداً أنها باتت تساعد الأشخاص في التعبير عن آرائهم، وباتت أيضاً منصة لإطلاق الشائعات والأخبار الزائفة، لافتاً أن الأخبار الزائفة ليست وليدة اللحظة وأنه عايش الكثير من النماذج لأخبار زائفة خلال فترة الحرب الباردة، وأوضح بأن هذه الظاهرة آخذة في التصاعد والانتشار وبسرعة تفوق سرعة الضوء وذلك بسبب التقنيات الحديثة، مبيناً في الوقت ذاته أنها ستظل موجودة في المستقبل، ودعا كينج الحكومات لمزيد من التواصل والشفافية مع مواطنيها وتوجيههم نحو الأفعال البنّاءة حتى يتسنى لها التصدي للتحديات التي تفرزها الأخبار الزائفة.

وتضمّن المنتدى 37 فعالية بحثت في وسائل توعية المجتمعات ودور الاتصال في تمكين الأفراد واستثمار طاقاتهم في دعم جهود الحكومات التنموية، وشملت جلسات تفاعلية وملهمة وحوارية وورش عمل، وملتقيات تفاعلية وجلسات عصف ذهني. وكان أبرزها جلسات عن السلوك البشري: بُعد جديد لاتصال التغيير، وجلسة تناولت الإنسان المسؤول: مفتاح الحلول لتحديات المستقبل، وأخرى عن تحدي شحّ القدرات في عصر اتصال التغيير. كما شملت الجلسات موضوعات تتعلق بالتعليم والمرأة، فكانت جلسة بعنوان: التعليم عبر عدسة الغد: انقلاب الموازين، والقوة الناعمة وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية، وثقافة مهارات المستقبل: التصدي لظاهرة اختفاء الوظائف، تأصيل الإيجابية وسبل السعادة المستدامة: خريطة الطريق، وريادة الفكر الداعم للمرأة.

[email protected]













حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم