الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

حضرات الدكاترة الأفاضل...ألا تكتفون؟!

المصدر: "النهار
ماجد المقصود
حضرات الدكاترة الأفاضل...ألا تكتفون؟!
حضرات الدكاترة الأفاضل...ألا تكتفون؟!
A+ A-

من المعروف عبر التاريخ أن للمثقفين في كافة الدول والمجتمعات دوراً محفوظاً لهم يمارسونه بحيادية تامة لصياغة تصوّر عام ووعي جماعي لأبعاد الأزمات التي تصيب المجتمعات، ثقافية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو حتى سياسية. فهم الفئة الناقدة، وهم المجرّدون والواسعو المعرفة، يرون المشكلات ويحاولون تعريفها وتفكيك أسباب نشأتها، ويحاولون ربطها بعوامل ومفاهيم معروفة لاستخلاص الحلول على أسس منطقية وعلمية وعادلة.

طبعاً، أنا هنا لا أتبنّى القول بأن المتعلمين فقط هم المثقفون، ولكن لا بد من الاعتراف بأن جزءاً مهمّاً من هؤلاء يشكّلون الجزء الأوسع من الدائرة المكتملة، ولهم آراء موضوعية علمية مجردة، ويشكّلون رمزاً لأناس يؤمنون بطروحاتهم ويتبعونهم بثقة وثبات، ومن خلال هؤلاء الناس فإنهم يُعتبرون مؤثّرين مباشرة على أصحاب القرار في مؤسسات الدولة.

ما يهمني اليوم أن أطرحه في هذه المساحة، لكي لا نطيل، موضوع إضراب الدكاترة أساتذة الجامعة اللبنانية ومطالبتهم بزيادات من ضمنها إضافة ٣ درجات على رواتبهم، أي زيادة شهرية حوالي مليون ليرة لبنانية، وهو ما يمثل حوالي ١٥ بالمئة زيادة فورية رغم أنه من المفترض أن هذه الجماعة من المواطنين هم من العارفين بأن قدرة الدولة على الدفع باتت معدومة، وأن وضع البلد الاقتصادي والمالي على حافة الانهيار، وأن العجز في ميزان المدفوعات تخطى حاجز المليار دولار في شهر أيلول/ديسمبر. ناهيكم عن لهث رجال الدولة خلف المؤسسات الدولية للاقتراض على أمل إنقاذ الاقتصاد.

نعم يا سادة. إن نسبة البطالة في حدود الأربعين بالمئة، وإن آخر دراسة للبنك الدولي عن لبنان أشارت إلى أن ٣٠ بالمئة من شعب لبنان تحت خط الفقر، أي أن عائلة مؤلفة من ٤ أشخاص تعتاش بمبلغ ٢٤٠ دولاراً فقط شهرياً، وهو رقم رمادي مظلم.

وإذا ما أخذنا بأرقام "الدولية للمعلومات"، فإن راتب الأستاذ الجامعي في لبنان ارتفع حوالي ٧٨ بالمئة في آخر عشر سنوات، وهو ما يتخطى مستويات التضخم بكثير. ولا أبالغ إن قلت إن رواتب أساتذة الجامعة اللبنانية هي الأعلى في حوض البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا وشرق أوروبا وأميركا اللاتينية. ومن مساوئ الصدف أن تقع في بلدنا أفقر مدينة على حوض المتوسط ألا وهي طرابلس.

اليوم، وفي ظل الأوضاع الراهنة، مطلوب منكم يا سادة بأن تكونوا في الصفوف الأمامية، ليس للمطالبة برفع رواتبكم المعتبرة إنما للمطالبة بكفّ يد السياسيين عن التدخل في أمور جامعتكم المحترمة، وأن لا يعتبروكم مفاتيح إنتخابية لهم. وعليكم إنشاء دراسات وأطروحات واقتراح حلول عملية وعلمية واقتصادية تكون بمثابة خريطة طريق لإعادة توزيع الثروة بشكل عادل ومنصف للطبقات المعدومة، وتخفيف مستويات الفقر، والمشاركة الفعاّلة في نهضة المجتمع، لا في مساندة ودعم السياسيين، حتى لا تستيقظون يوماً، لا سمح الله، والدولة غير قادرة على دفع الرواتب.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم