الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

حنّة الإثيوبية... "أمٌّ عزباء" تناضل في لبنان لتعليم ابنتيها

المصدر: "النهار"
بتول بزي
بتول بزي
حنّة الإثيوبية... "أمٌّ عزباء" تناضل في لبنان لتعليم ابنتيها
حنّة الإثيوبية... "أمٌّ عزباء" تناضل في لبنان لتعليم ابنتيها
A+ A-

يصعبُ على حنّة الأثيوبية ترك بناتها الثلاث في #إثيوبيا بحثاً عن عملٍ لها في لبنان. يتيمة الأم والأب، وفقيدة الأخت الكبرى. تؤمن بمشيئة الله بعدما اختارهم في عمرٍ صغير لينتقلوا إلى جواره، كإيمانها الذي لم ينكسر بعد علهما بوفاة إحدى بناتها أيضاً. رحلت إدي ديان، ابنة العامين، اثر إصابتها بفيروس قضى عليها فجأة. الخبر كان صادماً جدّاً. جزءٌ من روح حنّة لا يزال عالقاً بين حدود الدولتين، لبنان وأثيوبيا. 

مضت 10 سنوات على غربتها الأولى. هو قرار الحياة في وجه الموت. تحفظ يوم السفر بالتاريخ والساعة: "تشرين الأول 2009، العاشرة ليلاً". قرّرت الانتقال إلى لبنان بعد وفاة زوجها. كان محبّاً ومناضلاً أيضاً. مهندسٌ مدني، عمل فترة طويلة خارج مدينة أديس أبابا، وكان ينتقل أسبوعياً إلى الضواحي البعيدة من العاصمة، إلى أن عانى لـ5 أيام مرض الصفيرة، وتوفي في المستشفى.


تلقّب حنّة نفسها بـ"الأم العزباء". لا أحد يساعدها في تربية ابنتيها: الكبرى (20 عاماً) التحقت بالجامعة أخيراً، فيما تتابع الثانية (15 عاماً) تعليمها الثانوي. تضحي الأمّ في سبيلهما وتعمل لأجلهما فقط. تكرّر وصيّتها كلّ يوم: "يجب أن تكونا قوّيتين. يجب أن تتعلّما. أريدكما طبيبتين، مهندستين، فلتُثبتا نفسيكما في بلدكما، فلا تضطران للسّفر كما فعلتُ أنا".

يتكدّس الشّوق في قلب حنّة. مرّت سنوات طوال لم ترَ ابنتيها. تقرّر السّفر إلى إثيوبيا لزيارتهما صيفاً، "فلن أقطع عليهما التركيز الآن خلال وقت الدراسة". تحسم موقفها: "العلم أهم من أيّ شيء".

تتواصل الأمّ يومياً معهما عبر الفيديو. لا ينفصلن عن بعضهن البعض على رغم انفاصلهن جغرافياً. "كيفكن؟ مناح؟"، تسأل عن حالهما. تقابلاها بالكثير من الشّوق، وتعايدانها بالإنكليزية: "Happy Mother’s Day". لا تنفكّ الأمّ الثلاثينية تكرّر التوصيات. تحفظانها عن ظهر قلب: "يجب التركيز على العلم أولاً، ومن ثم يمكنكما تدبير أمور الحياة. الحياة صعبة جدّاً. إن نجحتما في دراستكما، تساعدان نفسيكما مستقبلاً وتصبحان قويتين".

بقيت حنّة في لبنان سنة ونصف السنة، ثم عادت إلى إثيوبيا. لم يكن الوضع الماديّ لعائلتها جيّداً حينها، فعاودت سفرها ثانيةً، متحدّيةً الظروف والمآسي. "عشتُ أياماً صعبة خلال سنواتي الأولى هنا، لكنّ العمر يمضي إلى الأمام، وأرمي خلف ظهري كلّ شيء، وأتطلّع فقط لمستقبل ابنتيّ".

تحضّر حنّة قهوة لبنانية طيّبة. تقدّمها للعاملين في جريدة "النهار" بحبٍّ وامتنان. 6 سنواتٍ مضت على التحاقها بالمؤسسة. ترى في موظفيها "عائلتها الثانية"، وتشير إلى أنّهم "جميعاً جيّدون، يتعاملون بطيبةٍ ومحبة معي. هم أخوتي، وأنا مرتاحة جدّاً في العمل معهم وأفضّل العمل هنا أكثر من العمل في الخدمة المنزلية". إلى جانب عملها في الجريدة، تعمل حنّة بدوامٍ مسائي في أحد مطاعم بيروت. ساعتان فقط يوميّاً، "لإقدر عيش".

تبحث في لبنان عمن يشبهها في لغتها وتقاليد بلدها. تجتمع مع رفيقاتها في غرفةٍ في منطقة الوتوات. يدفعن مبلغ 230 دولاراً شهرياً بدل إيجار، "وأحوّل 150 دولاراً لابنتَيّ في إثيوبيا، ليسدّدا قسطَي المدرسة والجامعة".

تزوجت حنّة في عمر الـ14، ولم تستطع إكمال دراستها. واليوم "لا أريد أن تلقى ابنتاي المصير عينه". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم