الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هناكَ شيءٌ بِلا أيدٍ يُلوّح لي

فاروق شويخ
هناكَ شيءٌ بِلا أيدٍ يُلوّح لي
هناكَ شيءٌ بِلا أيدٍ يُلوّح لي
A+ A-

الهواء

الهواءُ مِكْنَسَةُ الوقتِ

لا تُنازِلُهُ قَشَّةٌ

يُساجلُ مِن دون أنْ ترى فمَهُ

الهواءُ مِبْخَرَةٌ للوجوهِ

يَقْطُرُ من روحِهِ رحيقُ تَعاويذَ

دون أن تَتهجّى العيونُ بُرعُمَهُ

حينما يَهزُّ نخيلَ الخيالِ

يولَدُ عيسى الزّمانِ

ليس يرى في المكانِ مريمَهُ.

عبور

أَدارتِ الرّوحُ في العُشّاقِ خَمْرَتَها

وقد سَكِرْتُ بما

دارت بهِ الرّوحُ

أَرضى يُبَرِّحُ بي سُكْرٌ

يُطَهِّرني

فكيف تَرضى بآثامي التّباريحُ!

للنّورِ والغَيبِ

قُرْباني عَرَجْتُ بهِ

قلبي بُراقي

ومِرْقاتي التّسابيحُ

كفيفَةٌ طُرُقي؛ لكِنَّ ثَمّ خُطًى

لها شُعاعَةُ أعماقي مصابيحُ

تَقَدَّسَ الماءُ، لكِنَّ العُبورَ له مَسيحُهُ

ودمي في القَعْرِ مَسْفوحُ

عالٍ هو المَوجُ سَــدًّا؛

كيف أَعبُــرُهُ!

وما ربابِنَتي موسى ولا نوحُ!

هناكَ شيءٌ بِلا أَيْدٍ يُلَوِّحُ لي

كأنّما غايةُ الأسفارِ تلويحُ

هناكَ جنّةُ طيرٍ عاشَ منتَظِرًا طيرًا

يُجابِهُ ريحًا وَهْوَ مَذْبوحُ

كم جانِحَينِ إزاءَ الرّيحِ يَلزَمُني!

وكلّما جَدَّ ريـشٌ

جُنَّتِ الرّيحُ !


تورية

في قَطَراتِ العِطْرِ الشّاميّةِ

يَستشرِقُ تاريخٌ بَحثًا عَن

سُفُنٍ تُبحِرُ مِن أروادْ

في مِصْرَ يُقدِّسُ فلاحونَ وفاءَ النّيلِ

ويَبحثُ فِرعَونيٌّ عنْ

هَرَمٍ يَهْزُجُ في الأعيادْ

في الموصِلِ

آشورُ يُفتّشُ عنْ وردَةِ عشتارَ المولودةِ

قبل الميلادْ

...........

في غزّةَ يَبحثُ هولاكو عنْ حَطَبٍ

لِحرائقِ بغدادْ

بعدَ نهارٍ دامٍ

بعدَ نهارٍ دامٍ

مَزّقَ أجسادَ بَنيهِ الخمسةِ

خاطَبَ زوجتَهُ

السمراءَ بقلبٍ مشتعلٍ ولسانٍ باردْ:

كم طِفلاً

كان عَلَينا أَنْ نُنْجِبَ يا امرأتي

لِيَظلَّ لنا

واحدْ !!


موسيقى الحبق

في البابِ عُصفورٌ ووَرْدهْ

وأنا وحيدًا

كنتُ مُنتظِرًا بِبَيتي أَيَّ شيءٍ:

زائرًا، خَبَـرًا ، مَوَدّهْ

وَحدي على الشُّبّاك في شوقٍ أُراقِبُ مَنْ

سيَقرْعُ أولاً بابي؛

أرى أَحدًا طَرَقْ!!

دَخَلَتْ على قَدَمَينِ

موسيقى الحَبَقْ

أبي

يُلقي أبي مِن شِعرِه الزَّجَلِيّ يُطرِبُنا بإيقاعٍ ودَنْدَنةٍ

ويَسقينا تراتيلَ اليمامْ

ويَصُفُّنا في البيت كورالاً ونُلقي مِنْ قصائدِهِ

وأحيانًا يُحَفِّظُنا مِنَ الأبيات ما نُلْقيهِ في عيدِ المعلِّمِ كلَّ عامْ

لا وقتَ يَبقى عندَنا للسّوء؛

نَسمَعُ أو نغنّي أو نَنامْ

واليومَ أَحفظُ صادقًا لأبي بأنّي قد غَدَوتُ بفَضلِهِ

نَغَمًا على

شَفَةِ الكلامْ

فتنة

أبجدِيّتُهُ مَرمَحُ الأخيِلَهْ

كلُّ أَحرُفِها صَهَواتٌ مُهَيَّأةٌ لفوارسِهِ

وصَهيلُ المجازاتِ يَنتظرُ الشِّعرَ أنْ يَصهلَهْ

***

حين تَصنَعُ بالكلماتِ عوالِمَكَ المُشتهاةْ

ثِقْ بِفتنةِ ما تَفعلُ الكلِماتْ:

أنتَ تَصنَعُ ما لا تراهُ هنا

في الحَياةْ.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم