الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"إبرة الذهب" للشاعر والناقد السوري إبرهيم اليوسف

A+ A-

صدر حديثاً عن "مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر" في القاهرة كتاب جديد للشاعر السوري الكردي المقيم في ألمانيا إبرهيم اليوسف بعنوان "إبرة الذهب في شعرية النص الفايسبوكي"، هو عبارة عن دراسة مبتكرة في مجال تناول النص الفايسبوكي، كتب مقدمتيه المفكر إبرهيم محمود والباحث السيد نجم.

يحقق الكتاب مقاربات مغامرة جد مهمة، من خلال رصده لملامح نص جديد، راهن، متماوج، متحرك، يتساوق زمنياً مع نصوص مرحلة ما بعد- ما بعد الحداثة. فالنص الذي لا تفتأ تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي، بات يتجرد من الكثير من حمولاته الجاهزة، وكأن هناك نصاً جديداً صار يكتب الآن، وإن كان مثل هذا الاكتشاف محفوفاً بالتحديات، في ظل هيمنة الفوضى، وتداخل الحدود بين الإبداعي، والدعي، نتيجة إمكان الناص اللاحق تقديم نص يحاكي السابق عليه، متماهياً معه، أو لاغياً له، لنكون إزاء شبكة أو سلسلة نصوص متشابهة، في انتظار ناقدها الإلكتروني الذي يحدد حركة خطها البياني، مشيراً إلى النص الأول، وهي مهمة ممكنة في ظل مؤشرات التقانات الجديدة غير المفعلة حتى الآن!

النص الخارج على الهوية، لا يبقى في هذه الحدود، بل يتجاوزها، إذ يطرح أسئلته في خصوص تجنيس هذا النص، وهو التجنيس الماحي للحدود بين الأجناس، بسبب حضور الانزياحات، والتداخلات التي يشهدها هذا النص المكثف الذي كسر احتكار الناص التقليدي، وديكتاتوريته، وإمكان ظهور ناصّين جدد، وركام يومي هائل من النصوص، ما يجعل المهمة النقدية التقليدية في منتهى الصعوبة!

صحيح أن فصول الكتاب نشرت في العام 2012-2013، وتأخر ضمّها بين دفتي كتاب، إلا أنها تظل محافظة على حرارة أسئلتها، وراهنيتها، وسيكون استكمالها بجزئها التطبيقي اللاحق، مغامرة مضاعفة ذات قيمة مرموقة في إطار النقد الجديد.

مما جاء في مقدمة إبرهيم محمود: "في الفايسبوك ثمة علامات وما أكثرها من علامات وهي تهدد أصولها جرّاء هذا الانفساح اللامحدود فايسبوكياً، ولا غرابة في ذلك، كون الفايسبوكي من أثريات العولمة، وكلٌّ منا يحمل دمغة عولمية، وله حصَّة ما من العولمة، وأن نشهد هذا التنامي الذي قد يبدو للوهلة الأولى كارثياً، فهو متوقع، لأن التوقع نفسه قد لفظ أنفاسه الأخيرة على التخوم القصوى للحدود المرسومة على خرائط الدول والتحفظات التي كانت سارية المفعول إزاء أمور عُدَّت من الاسرار، والانفجار المعلوماتي حصاد عولمي. بالتالي، أن يحصّل كل منا على إقامة ما لها مرجعية فايسبوكية فتلك تيمة العولمة، حيث يتنفس الصعداء ويلتقي أناساً لا يعرفهم، ولا يعرفونه، والنصوص أو الكتابات أو المنشورات المختلفة في الرقعة الحاملة لاسمه تلعب دورها في تعيين حدوده الاعتبارية ومغامراته ظهوراً واختفاء، وما كتبه اليوسف يندرج في لعبة ضمن لعبة، وهو ذاته لاعب فايسبوكي لا بل مدمن فايسبوكي، في متابعاته وروافده شعراً ونثراً وغيرهما، ولكن فعله متعدٍّ لشأنه الشخصي، إنما يصله بما يعرَف به كاتباً، ولعنوانه ما يحفّز على المقاربة، أو ما يظهِر دقة اللعبة وخطورتها ومسؤوليتها الأدبية والاخلاقية كذلك".

ومما ورد في مقدمة السيد نجم: "تحيل القراءة الجادة التى نهض بها الكاتب على عدد من الأسئلة حول مستقبل الإبداع الرقمي. بينما يقرر الكاتب أن التقنية لا تزيد على كونها كذلك تقنية وغير مبدعة، يقرر أيضا بدور التقنية نفسها في تشكيل النصوص الإبداعية التي يبدو أنها إلى غير منتهى مع التقنية الرقمية. كما يبدو أننا سنبقى لسنوات طويلة نبحث عن إجابة لأسئلة تتوالد، أكثر من توافر إجابات يقينية لأسئلة ولدت وفي حاجة إلى إجابة. من هنا يعد جهد اليوسف جهدًا محمودًا، يضيف حتمًا إلى جملة المحاولات التي تبدو قليلة (مع الأسف) مع فيض المعطيات التكنولوجية للتقنية الرقمية، ومما لا شك فيه أن للتقنية دورها وأثرها على الإبداع ومعطياته، وإن بدت مقولة عامة فهي حقيقية، ومع التقنية الرقمية نحن في حاجة إلى ملاحقتها بالدرس والفحص المخلص، كما تلك التي بين أيدينا".

يلاحظ أن هذه الدراسة هي امتداد لدراستين أخريين للمؤلف نفسه، أولاها بعنوان: "مخاض المصطلح: استشرافات على عتبة التحول"، من منشورات "دار اليمامة"، والثانية بعنوان "استعادة قابيل: صياغات جديدة للوعي والأدب والفن"، إذ يرى المؤلف في كل هذه الأعمال أن وسائل الإعلام الحديثة باتت تؤثر في النص الجديد، وأن هناك تحولاً نحو كتابة نص مغاير، عابر للتجنيس، كما أنه يفرق بين ما هو مبتكر من هذه النصوص، وما هو مجرد محاكاة لنصوص سابقة عليه، وهو ما يستدعي ظهور ناقد جديد، لعله الناقد الإلكتروني.

هذا الكتاب الخامس والعشرون للمؤلف، ابن مدينة قامشلي، الذي يقيم خارج سوريا منذ العام 2007، وتنوعت مؤلفاته ما بين الشعر والرواية والقصة والنقد والدراسة، وكان من أواخر أعماله "رواية شنكالنامه" عن مأساة السبايا الإيزيديين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم