تظاهرة حاشدة وسط الجزائر ضدّ بوتفليقة: رجال ونساء وأطفال... و"الشعب يريد إسقاط النّظام"

تظاهر اليوم حشد كبير، يصعب تقديره، وسط #الجزائر العاصمة، يوم العطلة الأسبوعية الذي أصبح يوم الاحتجاج منذ أربعة أسابيع. لكن هذه أول تظاهرة بعد إعلان الرئيس عبد العزيز #بوتفليقة تأجيل الانتخابات وتمديد ولايته.

وبدت التعبئة مشابهة للجمعة الماضية، والتي وصفت بالاستثنائية. ويشارك في المسيرات أطفال ونساء  ورجال، في اجواء احتفالية في كبرى شوارع مدينة الجزائر.

وبدأت التظاهرة تتعاظم بعد فراغ المصلين من صلاة الجمعة وخروجهم من المساجد، ليفيضوا كلهم إلى وسط المدينة، حتى ضاقت بهم الشوارع.

واضطرت شاحنات الشرطة المحاصرة بآلاف المتظاهرين الى مغادرة المكان، بعدما أفسح المتظاهرون الطريق، من دون مقاومة.

وبدأ المتظاهرون التجمع في ساحة البريد المركزي، ثم تزايد عددهم شيئا فشئيا قبل ساعتين من موعد التظاهرة المنتظر، كما في كل جمعة منذ 22 شباط. لكن هذه الجمعة الأولى منذ إعلان بوتفليقة تأجيل الانتخابات وانسحابه من الترشح وتمديد ولايته التي يفترض أن تنهي في 28 نيسان.

وككل يوم منذ ثلاثة أسابيع، ركنت الشرطة شاحناتها في شارع عبد الكريم الخطابي بين ساحتي أودان والبريد المركزي.

وفي 10,00 صباحا (9:00 ت غ)، بدأ مئات المتظاهرين، بينهم نساء وأطفال، التجمع في أماكن عدة من المدينة، حاملين الأعلام الجزائرية، وهم يصيحون بشعارات مناهضة للنظام ولبوتفليقة، من دون أن تتدخل الشرطة لتفريقهم.

وقال بعضهم إنهم جاؤوا من مدن أخرى، مثل تيزي وزو على بعد 100 كيلومتر شرق الجزائر، وقضوا الليلة في العاصمة عند عائلاتهم وأصدقائهم، خشية عدم تمكنهم من الوصول بسبب توقف وسائل النقل عن العمل، أو الحواجز الأمنية التي تمنع مرور السيارات.

وقال مقران، وهو بنَّاء يبلغ 43 عاما، لوكالة "فرانس برس": "كنا نعرف أنهم سيغلقون الطرق. لذلك قررنا المبيت هنا" في العاصمة الجزائر.

وعلى إحدى اللافتات، كتب متظاهر: "تمثلون علينا أنكم فهمتم رسالتنا، فنمثل عليكم أننا سمعناها"، بينما كتب آخر: "أعوذ بالله من النظام الرجيم".

والتحق سكان الأحياء المجاورة بالتجمع الذي ازداد تضخما. وأخرجوا الأعلام من الشرفات والنوافذ، بينما بدأت السيارات إطلاق المنبهات دعما للمتظاهرين.

واضافة إلى اللافتات المعارضة للحكم وشعارات "الشعب يريد إسقاط النظام"، ظهرت لافتات ضد الوجوه الجديدة للنظام، رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي، ونائب رئيس الوزراء رمطان لعمامرة، والديبلوماسي لخضر الابراهيمي، أحد القلائل الذين يحظون باستقبال بوتفليقة منذ إصابته بجلطة في الدماغ عام 2013.

واقتبس المتظاهرون من النشيد الوطني التونسي للشاعر ابو القاسم الشابي: "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد من ان يسقط الطغاة".

وكتعبير لرفض تعيين الابراهيمي رئيسا لـ"الندوة الوطنية"، رفع محتجون لافته عليها صورته وعبارة: "لا نريد بناء سفينة جديدة بحطب قديم".

كذلك، رفعوا لافتات عدة ضد الحكومة الفرنسية والرئيس إيمانويل ماكرون الذي سارع إلى الترحيب بقرارات بوتفليقة.

وحملوا ايضا لافتة كبيرة كتب عليها: "تبّا لفرنسا ولعملائها"، وهي عبارة منتشرة وسط الجزائريين لكل من لم يشارك في حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي الذي دام 132 سنة (1830-1962).

وكُتب على أخرى: "يا فرنسا، 132 سنة من التدخل تكفي"، و"نحن في 2019 وليس في 1830"، و"لا للنظام المدعوم من فرنسا".

وفي إشارة الى أزمة "السترات الصفر" التي تعيشها فرنسا منذ شهور عدة، كتب متظاهر: "ماكرون يساند بوتفليقة والجزائريون يساندون السترات الصفر".

ويعتبر حجم التظاهرات واتساعها غير مسبوق في الجزائر منذ وصول بوتفليقة الى الحكم قبل عشرين عاما.

وتظاهر تلامذة وطلاب جامعيون بكثافة الثلثاء والأربعاء. وهذا يوم الجمعة الرابع الذي تسير فيه تظاهرات منذ بدء التحرك الاحتجاجي في 22 شباط، بشعار: "لا للعهدة الخامسة".

وكان بوتفليقة أعلن إرجاء الانتخابات التي كانت مقررة في 18 نيسان حتى نهاية أعمال "ندوة وطنية" يتمّ تشكيلها، وتكون ممثلة لمختلف الأطياف الجزائرية وتعمل على وضع إصلاحات. وقال إن الندوة "ستحرص على أن تفرغ من مهمتها" في نهاية سنة 2019، على أن تحدّد انتخابات رئاسية بعدها.

وأزاح بوتفليقة رئيس الحكومة أحمد أويحيى الذي لا يتمتع بشعبية بين الجزائريين، وكلّف وزير الداخلية نور الدين بدوي تشكيل حكومة جديدة. كذلك، عين رمطان لعمامرة نائبا لرئيس الوزراء.

وبذلك يكون الرئيس المريض البالغ 82 عاما، مدّد ولايته الحالية من دون تحديد موعد لانتخابات جديدة.

وتكثفت الدعوات الخميس الى النزول الى الشارع بعد مؤتمر صحافي عقده بدوي ولعمامرة، وقال فيه رئيس الحكومة المكلف: "سيتم إعلان طاقم الحكومة في بداية الأسبوع المقبل، وستكون تكنوقراطية وممثلة لكل الكفاءات والطاقات، بخاصة الشبابية منها".

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت ردود الفعل سلبية، وانتقدت خصوصا لعمامرة والابراهيمي بوصفهما بأنهما "نتاج النظام" المرفوض اليوم.

ويصرّ الجزائريون على الطابع السلمي لتحركهم.

وصباح اليوم، كان عنوان صحيفة "الوطن" الناطقة بالفرنسية: "إرحلوا"، وهو وسم (هاشتاغ) انتشر كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة أن بدوي "تهرّب من الاجابة على الأسئلة الهامة" خلال المؤتمر الصحافي.

وظهر كذلك رفض الجزائريين لكل مقترحات بوتفليقة من خلال وسم "ترحلوا يعني ترحلوا" (سترحلون يعني سترحلون) الذي انتشر كثيرا خاصة عبر "فايسبوك".

وفي "تويتر"، كتب مدون تعليقا على المؤتمر الصحافي لرئيس الوزراء ونائبه: "اليوم هو المؤتمر الصحافي للشعب"، ويقصد تظاهرة اليوم.