الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

مسرح - "ناطرينو" لجورج خباز: عاجزون حتى الذل

نسرين الظواهرة
A+ A-

بعضهم ينتظر الفرج، والبعض ينتظر نهاية الأنظمة... منهم من ينتظر الموت "من قلّة العيش" والبعض ينتظر السلام... يختلف اللبنانيون على أهدافهم وخصوصاً أن لكل منهم موّاله، إلا أنهم يتفقون على الإنتظار.

بقالب كوميدي وبعبثية مفرطة يطرح الفنان جورج خباز مسرحيته العاشرة "ناطرينو"، التي تخفي خلف الضحكة عشرات الرسائل التي تطرح مجموعة من الأسئلة لن تجد من يجيب عنها، بما أننا نعيش الدوّامة نفسها، كما لو أننا لم ولن نتعلم شيئاً من الحرب.


جيل الحرب خسر أجمل سنوات عمره وها هو اليوم أسير هذه السنوات الصعبة التي وقفت عقبة أمام أحلامه وطموحه... جيل اليوم ينتفض بحثاً عن الحرية، لكن الأمور ليست بالسهولة التي يتصورها...
مسرحية "ناطرينو" عمل بسيط في الواجهة لكنه يحمل في أعماقه أثقال مآسي جيلين، الأول يتهم الثاني بأنه متخاذل وعديم المبادئ والقيم، والثاني يؤكد أن رضوخ الجيل الأول وخضوعه للأنظمة الحاكمة هو الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة.
من واقع إجتماعي مؤثر ينطلق الممثل جورج خباز في مسرحيته العاشرة، حيث يسلط الضوء على مأوى للعجزة يضم نماذج عديدة، لكل منهم حكايته التي تعكس الإستهتار في مجتمعنا، وعجزنا عن صون هذا الإنسان إلى درجة الذلّ.
في المقلب الآخر يطرح خباز مجموعة أسئلة عبثية، لا بد أن يتوقف عندها المشاهد كما لو أنه لم يطرحها يومأً على نفسه. والسؤال الأكبر هل تعلمنا من الماضي؟ هل نسعى إلى التمدن والتحضر والتعامل مع بعضنا بإنسانية؟ هذا الإستفسار قد يبقى عالقاً حتى نهاية المسرحية، بعدما يتأكد للمشاهد أن التاريخ يعيد نفسه، وأن هذا العمل الذي نتابعه عام 2013 قد يقدم في أي زمان ومكان، لأن السيناريوات، ويا للأسف، تعيد نفسها إنما بأسماء مختلفة.
"ناطرينو" تغلّفها ضحكة مدوية لكن متفرّقة، وللمرة الأولى ينتصر في مسرحيات خباز الواقع المرير على الضحكة، لنرى أنفسنا على خشبة مسرح تعج بفصول ومراحل من حياتنا نتابعها بشكل سلس، وبنبض جديد وبحركة يتميز فيها خباز منذ بداية نجاحه مع المسرح .
لم يكن سهلاً على الفنان جورج خباز كتابة مسرحيته العاشرة، فقد استغرقت الكتابة شهوراً عدة، سعياً منه للتميز، وفي الوقت نفسه كي لا تختلف روحيته عن الأعمال التسعة السابقة.
وقد رأى خباز أن حبكة مسرحيته الجديدة مختلفة جداً وخصوصاً في الفصل الثاني، حيث بني العمل على مجموعة احتمالات لم يكن سهلاً ترجمتها في مشاهد مسرحية... لا يعتبر مسرحيته الجديدة سياسية صرفاً، لكنه تطرق بشكل خاطف إلى السياسة باعتبار أن الوضع اللبناني والعربي على فوهة بركان وبالتالي أصبحت الطائفية صلة الوصل بين الناس.
لا ينكر أن عمله هذا كان الأصعب، وقد عمل على أدق التفاصيل. اليوم لديه الجرأة الأكبر ليقول ما يريده، وخصوصاً أن الثقة بينه وبين الجمهور أصبحت متينة بعد أكثر من عشر سنوات من النجاح "بعتبر نفسي نضجت أنا والناس".
يهم خباز أن يضحك الناس في مسرحه، لكن بموازاة هذه البسمة أن يلتقطوا بعض الرسائل التي يسلط الضوء عليها ككاتب.
رغم صعوبة الإلتزام المسرحي، يؤكد خباز تعلّقه الشديد بالمسرح فهو بالنسبة إليه إدمان، ويصف لقاءه مع الناس "بالمورفين". وهل ينزعج من كونه الوحيد الذي يقدم هذا النوع من المسرح الكوميدي؟ يؤكد أن الأمر لا يزعجه، في وقت يستحق المسرح اللبناني مجموعة أعمال تنتمي إلى هذا المدرسة.
خباز يتعاون بإستمرار مع الوجوه التمثيلية عينها لأسباب عدة، علماً أن للأمر وجهاًً سلبياً واحداً هو غياب عنصر المفاجأة عن المشاهد، لكنه يتفادى الأمر من خلال كتابة شخصيات مختلفة للوجوه التي تطل معه كل عام.
جورج خباز الذي يعيش بموازاة عمله المسرحي نجاح فيلمه السينمائي "غدي" يؤكد أن السينما لن تسرقه يوماً من المسرح، في حين أنه اختار بإرادته الإبتعاد عن التلفزيون الذي يحتاج إلى وقت طويل من التحضير والتصوير.
جديده فيلم سينمائي في مرحلة الكتابة، إضافة إلى تنفيذه فيلم "وينن" الذي يطرح موضوع المفقودين، كتبه لحساب جامعة سيدة اللويزة ونفذته مجموعة من طلاب الجامعة والمتخرجين. ومن المتوقع أن يعرض في مهرجانات عربية وعالمية عدة، وفي بعض الصالات اللبنانية.


"ناطرينو"


كتابة بطولة وإخراج وإنتاج:
جورج خباز
تمثيل: غسان عطية، جوزف أصاف، سينتيا كرم،عمر ميقاتي، بطرس فرح، لورا خباز، وسيم التوم، جوزف سلامة.
تأليف الأغاني والألحان: جورج خباز
توزيع: شارل شلالا
كوريغرافيا: سحر بو خليل ولارا خباز
ديكور: طوني كرم
على مسرح شاتو تريانو من الأربعاء حتى الأحد

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم