الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

انفجار جرة غاز في الشام أودى بحياة عماد مغنية!

المصدر: "النهار"
مصطفى علوش
A+ A-

جاؤوا لنا بمدير جديد لإدارة القسم الثقافي، لم يسمع بحنا مينة، ولا حتى باتحاد الكتاب العرب وبعلي عقلة عرسان. كأن أمر تعيينه في هذا المكان انتقام من كل إنسان يفهم بالثقافة.

قبل قدومه الميمون إلى الجريدة، كان يعمل في جريدة شقيقة ومشابهة، وكان وقتذاك رئيساً لقسم الأخبار، وكان مصطلح التطوير الإعلامي مشتعلاً على ألسنة الوزير ومعاونيه.

ما حدث معي يومذاك لم أصدّقه. فقد وصلتني رسالة من مجهول إلى الجريدة وفيها قصة تكشف عبقرية رئيس قسمنا الثقافي الجديد.

تسرد الرسالة قصة حقيقية، مفادها أن رئيس القسم الثقافي الجديد في جريدتنا، كان رئيساً لقسم الأخبار في جريدة شقيقة، تولى مهمة رئاسة التحرير فيها صحافي جديد مشغوف جداً بالتطوير الإعلامي.

حين وقع الانفجار الذي ضجت به كامل مدينة دمشق، وكان في منطقة كفر سوسة، اتصل رئيس التحرير برئيس قسم الأخبار وكلّفه على وجه السرعة تغطية الخبر.

حمل رئيس القسم معه علبة التبغ العربي وهمّته الإعلامية النشيطة، واستقلّ سيارة من مرأب الجريدة واصطحب مصوراً.

خلال دقائق كان في موقع الإنفجار الذي تم إغلاقه مباشرة بطوق أمني. راح يسلّم على ضباط الاستخبارات والعناصر الموجودين معرّفاً بنفسه، ومتعرّفاً على كل ضابط جديد، ذلك كلّه أثناء تهيئة لفافة التبغ.

قصص التعارف والتدخين، يا سادة يا كرام، تحتاج إلى وقت، أما الخبر الصحافي فيحتاج إلى سرعة. وهنا تماماً، كان رئيس القسم قد نسي المهمة التي وُكّل بها، واستمر بالسلام ولفّ الدخان العربي والتدخين والتعرف وتوثيق الصلات مع عناصر الأمن ورؤسائهم.

دام الأمر نحو ثلاث ساعات، كانت خلالها محطات عربية مشهورة قد غطّت الحدث من قلب دمشق، فانتشر انتشار النار في الهشيم.

عندما سمع رئيس التحرير بالخبر من محطة عربية مشهورة، استشاط غيظاً وصراخاً واحتجاجاً. أما رئيس قسم الأخبار فكان يضحك ويشرب الدخان والقهوة في مكان الحدث.

كان الخبر هو "اغتيال عماد مغنية" المسؤول في #حزب_الله.

ضجت وكالات الأنباء بالحدث، أما رئيس التحرير فكانت أعصابه لا تزال تحترق ويتساءل عن سبب تأخر رئيس القسم.

بعد نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة، عاد السيد رئيس القسم إلى الجريدة معتقداً أنه قد جلب السبع من ذيله، فركض فوراً إلى مكتب رئيس التحرير، الذي سأله ساخراً: طمِّنّي. شو سبب الانفجار وما هو الخبر يا سبع؟ فأجاب: الخبر هو عبارة عن انفجار لجرة غاز في البناء.

هنا تماماً نسي رئيس التحرير توتره وانتابته موجة من الضحك، ويقال إنه وقع على ظهره من شدّة الضحك، بينما دخل رئيس القسم في حالة استغراب، متسائلاً عن السبب الذي حمل رئيس التحرير على الضحك. فالخبر هو انفجار جرة غاز. هذا ما قاله له ضابط الأمن الذي كان مكلفاً تطويق المكان.

صاحب خبر انفجار جرة الغاز، صار الآن رئيساً للقسم الثقافي هنا، وبدأ الزملاء بالتحدث سراً عن الحال المهينة التي تجعل شخصاً لا علاقة له بالإعلام الثقافي يصل إلى موقع رئيس قسم للثقافة.

الآن، الكلام السابق نفسه يتم ترداده عن التطوير الإعلامي، حيث يدبك المؤيدون مع كل انفجار لجرة غاز اقليمية أو عالمية في سوريا.

منذ أيام تواصل معي صحافي لا يزال يعيش في سوريا، فقال: صدِّقني، إنهم لا يخجلون. يطالبوننا بالتطوير الإعلامي بينما لا نستطيع أن نكتب مادة صحافية حقيقية، ليس فقط بسبب غياب الحرية إنما أيضاً بسبب انقطاعات التيار الكهربائي وانقطاع الغاز وضعف القوة الشرائية وارتفاع الأسعار الجنوني.

المهم، يا سادة يا كرام، كنتُ سأحدثكم عن المدير العام الذي أطلق عليه لقب "أبو لمعة"، لكني سوف أؤجل ذلك حتى ألملم المعلومات عن لمعانات التطوير الذي أحدثه "أبو لمعة" في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم