الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ريما أسيرة الكرسي المتحرك والفقر.. ولا معين!

المصدر: "النهار"
نيكول طعمة
A+ A-

كثيرة هي النماذج والحالات التي تعاني الظلم الحقيقي في بلدنا الهشّ، ومرة جديدة تصادفنا قصة إنسانية تستحق الوقوف عندها.


ريما محمود عزام سجينة الحياة على كرسيّ متحرّك بين أربعة جدران طوال 38 سنة. لم تعرف السعادة لحظة وسط العذاب الذي عاشته منذ الصغر، من دون عائلتها التي "تخلت عنها بعدما أصيبت بشظايا قذيفة اثناء الحرب جعلتها مقعدة"، كما تروي.
لا تغدق ريما في شرح تفاصيل علاقتها بعائلتها، تكتفي بالقول انها عاشت في غرفة قريبة من منزل ذويها الذين يعانون ضائقة مادية مزمنة منعتهم من تقديم الرعاية اللازمة لابنتهم.
تعيش ريما في عاليه- الشوف، في غرفة آيلة إلى السقوط، يلفها البرد وتجتاحها الرياح. وحدها بلا كهرباء، بلا دفء، بلا أثاث وبلا حنان، أما الدواء، فمرة يكون متوافراً، ومرّة يستحيل عليها.
ريما متروكة برسم الوحدة والإهمال والمرض والفقر والحرمان، لكنها لم تستسلم برهة، "إيماني كان أقوى من الصراعات التي رافقتني"، تقول لـ"النهار"، وتزيد بغصة: "انتظرت طويلاً إلى أن دخل أحد فاعلي الخير حياتي وساعدني على القيام ببعض التصليحات في غرفتي الصغيرة، وأثّثها بالحاجات الأساسية البسيطة للبقاء والعيش، وأنا أعجز عن شكره على دعمه ووقوفه الى جانبي". إلا أن هذا الدعم لم يغط سوى القليل القليل من حاجات ريما الأساسية، وهي في حاجة ماسة إلى مسلتزمات ضرورية أخرى لا تجد من يوفّرها لها وهي بذلك تعيش أدنى مستوى العيش. ريما تعاني الوحدة، الفقر، المرض وتتضرع إلى من يأخذ بيدها ويخفف الصعوبات التي جعلت منها عبئاً على نفسها وعلى مجتمعها.
تخبر أنها تخدم نفسها بنفسها رغم أنها على كرسيها المتحرّك، لكن ثمة أموراً كثيرة تعجز عن القيام بها بمفردها. هي تكتفي بما تيسّر في برادها الصغير من اللبنة والجبنة والزيتون، ومحرومة من تناول الطبخ الذي تحتاجه بفيتاميناته والمعادن الموجودة فيه لتقوية عظامها الضعيفة ؟
وهي، إذ تفتقد حنان الإنسان تفتقد أيضاً تدفئة "الصوبيا" والمازوت لتكافح برد عاليه الذي يغرس عميقاً في جسدها النحيل. تقول، "لا أستطيع شراء سوى القليل من المازوت لتكلفته الباهظة، لذلك أشعر دائماً بالبرد القارس لا سيّما أن غرفتي يزداد فيها "النش"، ناهيك عن الأدوية والفيتامينات والحاجات الأخرى التي أحتاج اليها".
يمكن وصف ما تعيشه ريما بالظلم وغياب الضمير والإنسانية، ومع ذلك، تقول:"كنت دائماً واثقة أن الله لن يتخلى عني حتى في أحلك الظروف".
ريما تحمل "بطاقة معوّق" ولا تفيد منها شيئاً وفق تأكيدها، "وعتبي الكبير على وزارة الشؤون الاجتماعية التي لا تكترث لحالي ولا تأخذ في الإعتبار ما أعانيه، حتى انها لم تعتبرني من العائلات التي تستفيد من "البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً" رغم أني قدمت طلباً ملأه لي أحد المحققين الإجتماعيين لدى الوزارة منذ أكثر من سنتين"، وتسأل الوزير ما هو تصنيفك للفقر ؟ إذا كنت أقطن في غرفة متواضعة ولا أجوب الشوارع وأتسول فهل يعني ذلك أنني من الطبقة الميسورة؟
أمام هذا المشهد المؤلم نطرح السؤال الملّح: إلى متى تستمر أعمال الخير ودعم الحالات الإنسانية والإجتماعية مقتصرة على المبادرات الفردية؟ ومتى تنتفض دولتنا "المعاقة"، بما فيها الوزارات المعنية والأجهزة المختصة لتحضن أمثال ريما وغيرها من الحالات تحت خط الفقر وإن بالحد الأدنى من ظروف العيش الكريم؟
[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم