الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

مسؤولون اميركيون يتحدثون لـ"النهار" عن "جنيف 2" والحوار مع "الجبهة الاسلامية"

هشام ملحم
هشام ملحم
A+ A-



يقر المسؤولون الاميركيون ان انعقاد مؤتمر "جنيف2"  في موعده اصبح صعباً للغاية ان لم يكن مستحيلاً، لاسباب كثيرة ليس اقلها صعوبة تشكيل وفد موحد للمعارضة السورية يشمل طيفا اسلاميا، وخاصة بعد تعثر المحاولات الرامية لعقد اتصالات بين الولايات المتحدة وممثلين عن "الجبهة الاسلامية" الجديدة التي يقول المسؤولون الاميركيون ان موافقتها ومشاركة بعض فصائلها في المؤتمر هو أمر حيوي لأي فرص واقعية لنجاح المؤتمر.


المسؤولون الذين تحدثت معهم "النهار" يستخدمون كلمات وعبارات مثل "معضلة"،  و"حقائق جديدة على الارض" او " ضعف وتفكك "المعارضة غير الاسلامية، او "الدور السلبي لبعض الدول الاقليمية" عندما يتحدثون عن جهودهم، وتحديدا جهود السفير روبرت فورد والتحديات التي تواجههم في محاولاتهم لتشكيل وفد موحد للمعارضة قبل اسابيع قليلة من موعد "جنيف2"، وعلى خلفية تدهور الوضع الميداني لحلفاء واشنطن في المعارضة السورية وما يبدو انه تصميم من نظام بشار الاسد لتعديل الاوضاع الميدانية لصالحه كما يتبيّن من القصف المروع بالبراميل المحملة بمتفجرات TNT ضد الاحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب على سبيل المثال.


    هذه الحوارات مع المسؤولين الاميركيين جرت قبل الكشف يوم أمس، في الموقع الالكتروني لمجلة "فورين بوليسي" عن ان البيت الابيض الغى نيته تعيين السفير فورد سفيرا للولايات المتحدة في القاهرة خلفا للسفيرة آن باترسون التي عيّنت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط، بعد اعتراضات الفريق عبد الفتاح السيسي، الحاكم الفعلي لمصر على تعيين فورد بسبب عزم فورد على الاتصال بالفصائل الاسلامية، خاصة وان اتصالات باترسون مع "الاخوان المسلمين" في مصر كانت السبب الرئيسي للانتقادات والهجمات الشرسة التي تعرضت لها من العسكريين المصريين وانصارهم.


وتحدثت مصادر اميركية مطلعة على النقاش الداخلي حول سوريا والمتعلق ليس فقط بمضمون الحوار مع "الجبهة الاسلامية" وما تريده واشنطن منها، بل  بمن سيمثل واشنطن في هذه الاتصالات وعلى أي مستوى. ومع ان الافتراض هو ان السفير فورد المكلف بمهمة الاتصال بالمعارضة السورية هو المؤهل للاجتماع بممثلين عن "الجبهة الاسلامية"، الا ان هناك من يرى ان واشنطن يجب ان تختار مسؤولا من مرتبة ادنى "بسبب المضاعفات السياسية الداخلية"، وذلك في اشارة ضمنية الى المعارضة في الكونغرس لتفويض مسؤول معروف مثل فورد بمثل هذه المهمة لأن هناك قيادات من الحزبين في الكونغرس تتحفظ، ان لم نقل تعارض حتى فكرة الاتصال بفصائل اسلامية معروفة بانتقاداتها او بعدائها للولايات المتحدة، وتقول انها تريد استبدال النظام الحالي في دمشق واقامة نظام اسلامي مبني على الشريعة الاسلامية مكانه.


اما بالنسبة لما تريده واشنطن على الارض في سوريا كمقدمة لمؤتمر "جنيف2" فهو اعادة هيكلة المجلس العسكري الاعلى لضمان عدم تعرض امداداتها العسكرية للسرقة، وموافقة "الجبهة الاسلامية" على مشاركة الائتلاف الوطني السوري في المؤتمر بعد تفويضه قيادة وفد موحد للمعارضة للتفاوض في جنيف على طبيعة وشكل العملية الانتقالية الى ما بعد نظام الاسد. وتأمل واشنطن باقناع قوى "الجبهة الاسلامية" باعطاء البنية الانتقالية الحاكمة  التي يجب ان تعكس التركيبة الاجتماعية والديموغرافية والمذهبية للمجتمع السوري ودون تفريق على اساس مذهبي او عرقي او جنسي، جميع الصلاحيات التنفيذية داخل سوريا شرط ان تكون هذه البنية بشقيها العسكري والمدني، من عسكريين في الخدمة او من المتقاعدين من تلك الشريحة من المسؤولين الذين خدموا بشكل نزيه ان كان في البيروقراطية السورية او في القوات المسلحة ودون ان تكون ايديهم قد تلطخت بدماء السوريين. ويأمل المسؤولون الاميركيون ان يتم تفويض هذه البنية الانتقالية بصلاحيات تسمح لها بالسعي للحصول على دعم أولئك السوريين الذين يواصلون دعم نظام الاسد من الذين لا يعرفون ما هي طبيعة النظام البديل للاسد او يخافون من أي نظام بديل، لطمأنتهم واقناعهم بدعم العملية الانتقالية.


المسؤولون الاميركيون يقولون ان لديهم اسئلة كثيرة بحاجة الى اجوبة من "الجبهة الاسلامية"، ومعظمها يتمحور حول ما اذا كانت الجبهة مستعدة لملاقاة الاميركيين واصدقائهم في المعارضة غير الاسلامية الى منتصف الطريق على الاقل بالنسبة لتصور الولايات المتحدة لطبيعة وصلاحيات السلطة الانتقالية ودورها على الارض في حال تشكيلها. وبانتظار بدء الاتصالات مع "الجبهة الاسلامية"، بعد حل مسألة من سيمثل واشنطن في المحادثات، وبانتظار معرفة اجوبة ومواقف الجبهة على الاسئلة والتصورات الاميركية لمؤتمر جنيف وما سيليه على الارض، لا يزال من السابق لاوانه الحديث باي شكل جدي عن طبيعة الوفد الذي سيمثل المعارضة في "جنيف2 " حتى اكثر التقويمات تفاؤلا تقول ان الاتصالات الاميركية مع "الجبهة الاسلامية" سوف تكون طويلة ومعقدة ومحفوفة بالالغام نظرا للطبيعة الائتلافية للجبهة ، ونظرا لمخاوف المعارضة غير الاسلامية منها، وللتصعيد العسكري الاخير من قبل نظام الاسد، ولصعوبة التنبؤ بقوة التحفظات والاعتراضات المتوقعة من اقطاب الكونغرس عند بدء الاتصالات. 


المصادر الاميركية تقول انه على الرغم من هذه الصعوبات، فان الوزير جون كيري لا يزال مصرا على المضي في هذه الجهود وكأن المؤتمر سوف يعقد في موعده. ويشير هؤلاء الى ان الذين يشككون في احتمال انعقاد "جنيف2" او حتى في توصله الى اتفاق، يجب ان يستخلصوا بعض العبر من نجاح كيري في التوصل الى اتفاق ولو موقت بين مجموعة الخمسة زائد واحد وايران بشأن برنامجها النووي، ومن نجاحه في اقناع اسرائيل والسلطة الفلسطينية باستئناف المفاوضات بينهما بعد ان بقيت معلقة لبضعة سنوات.


المسؤولون يقولون ان قبول المعارضة السورية من اسلامية وغير اسلامية ببنية انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية حقيقية تمد يدها لعناصر في النظام السوري من طوائف وشرائح اجتماعية مختلفة طالما لم تكن ايديها ملطخة بالدم وقابلة بالمشاركة في العملية الانتقالية، فان ذلك يمكن ان يساهم في اقناع موسكو بالتخلي عن الاسد، خاصة واذا كانت هناك ضمانات بان ما تبقى من مؤسسات الدولة السورية (الاجهزة البيروقراطية،المصرف المركزي وغيرها) سوف تبقى مصانة وان الدولة السورية لن تنهار تماما بعد رحيل الاسد كما حدث بعد اسقاط نظام صدام حسين في العراق بعد الغزو الاميركي، وان فصائل المعارضة السورية سوف تقف في وجه التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تصنفها واشنطن او تعتبرها امتدادا لتنظيم "القاعدة" او مشابهة له مثل "جبهة النصرة" و"الدولة الاسلامية في العراق والشام". 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم